المؤسسة السياسية الفلسطينية.. إلى أين؟ - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 10:35 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المؤسسة السياسية الفلسطينية.. إلى أين؟

نشر فى : السبت 2 فبراير 2019 - 11:35 م | آخر تحديث : السبت 2 فبراير 2019 - 11:35 م

استقالة رامى الحمد الله رئيس الحكومة الفلسطينية الذى ترأس الحكومة لولايتين، وهو من المقربين من أبو مازن، جاءت عمليا فى مفترق طرق حساس، وتبشر بتشدد علاقة أبو مازن إزاء استمرار حكم «حماس» فى قطاع غزة.
فى الواقع، الحكومة المستقيلة هى الحكومة الثانية التى ترأسها الحمد الله. فقد عُين فى هذا المنصب فى بداية سنة 2013، وبدأ ولايته الثانية فى سنة 2015، بعد أن اختاره أبو مازن لرئاسة حكومة الوفاق الوطنى التى تجمع بين «فتح» و«حماس». تألفت هذه الحكومة من تكنوقراط، وجرى تعيينها ليس لتحكم فقط، بل من أجل تحضير الظروف لإجراء انتخابات عامة وإجراء إصلاحات تسمح من جديد بتوحيد المؤسسة السياسية الفلسطينية.
تعمل السلطة الفلسطينية بصفتها جمهورية رئاسية، يحتفظ الرئيس بأغلبية الصلاحيات، والحكومة فى الواقع هى هيئة تنفيذية تعمل وفق ما يريده الرئيس. إقالة الحكومة هى إحدى الوسائل التى يستطيع الرئيس من خلالها تمرير رسالة إلى الجمهور، ومواجهة النقد الداخلى، أو إجراء تحضيرات قبيل القيام بعملية تتطلب تغييرا سياسيا شاملا.
اختار أبو مازن تعيين حكومة جديدة لمواجهة تحديات سياسية داخلية، إلى جانب الرد على أحداث راهنة داخل المجتمع الفلسطينى. السباق على الوراثة بين كبار المسئولين فى حركة «فتح» يثير توترا كبيرا. أحد المخاوف المشتركة بين كبار مسئولى الحركة هو أن يراكم الحمد الله قوة سياسية وشعبية كرئيس للحكومة، وأن يتحول إلى خصم حقيقى فى الصراع على وراثة أبو مازن. وعلى الرغم من أن الحمد الله، الذى شغل سابقا منصب رئيس جامعة النجاح فى نابلس يتماهى مع حركة «فتح»، فإنه ليس لديه منصب رسمى فيها. ومن المفارقات أن القيادة السياسية لـ«فتح» حرصت على وصفه داخل أجهزة الحركة بأنه لاعب سياسى لا ينتمى إليها فعليا.
يجرى السباق على الوراثة فى موازاة صراع قائم منذ عشر سنوات بين «فتح» و«حماس» على قيادة المؤسسة السياسية فى السلطة الفلسطينية. وبصفته رئيسا لحكومة الوحدة، المطلوب حاليا من الحمد الله أن يدفع ثمنا سياسيا غير بسيط لقرار أبو مازن وقيادة «فتح» إغلاق الباب أمام جهود المصالحة الداخلية الفلسطينية. السبب الأساسى لإقالة الحكومة التى ستستمر بممارسة مسئولياتها الوزارية حتى تشكيل حكومة جديدة، هو الحاجة إلى إعداد الأرضية لإجراء انتخابات عامة للبرلمان وانتخابات رئاسية. هذه الانتخابات من المفترض أن تجرى فقط فى الضفة الغربية، وليس فى قطاع غزة، وبذلك سيتحول الانقسام فى المؤسسة السياسية الفلسطينية إلى واقع مفروغ منه.
إزاحة رئيس الحكومة المنتهية ولايتها هى مؤشر إضافى إلى أن أبو مازن ما يزال قويا. يريد أبو مازن صوغ خطوط سياسية للسلطة الفلسطينية مستقبلا وضمان استمرار سيطرة «قتح»، بعد أن خسر قطاع غزة خلال فترة حكمه. على الرغم من مركزة السلطة بيد أبو مازن التى ظهرت فى السنوات الأخيرة، والتى جرى التعبير عنها أحيانا من خلال تقليص حدود نطاق حرية التعبير، قرر أبو مازن، بالإضافة إلى قرار إقالة حكومة الحمد الله ــ تجميد قانون إنشاء ضمان وطنى ــ فلسطينى. هذا القانون أثار الاستياء وسط شرائح كثيرة فى المجتمع الفلسطينى تتخوف من تخصيص نسبة من رواتبها لخزينة السلطة.
حتى تشكيل الحكومة الجديدة، لدى أبو مازن وكبار مسئولى «فتح» هامش كاف من الزمن للتعرف على رد فعل الجمهور على الخطوات السياسية. وسيكون على الرئيس المقبل للحكومة مواجهة تراجع الشرعية الشعبية لحكم أبو مازن، كما سيتعين عليه الحصول على ثقة الجمهور من أجل ضمان استمرار سيطرة «فتح». وستواجه الحكومة الجديدة تحديات لها علاقة ببناء الدولة الفلسطينية، على خلفية فقدان الثقة بين قيادة السلطة الفلسطينية والإدارة الأمريكية، وانعدام أفق سياسى، والجمود المطلق للمفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين.

عيدان زلكوفيتس
يسرائيل هَيوم

التعليقات