باختصار - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 11:23 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

باختصار

نشر فى : الإثنين 2 مارس 2015 - 1:00 م | آخر تحديث : الإثنين 2 مارس 2015 - 1:00 م

فى مقالاته، وجلساته، دأب أستاذنا المفعم بروح الإبداع، يحيى حقى، على القول إنه يتمنى أن يظهر جيل جديد من شباب الكتاب، ينفض الغبار، المتراكم عن أدبنا، وأن يكون جريئا، مغامرا، يأتى بمبتكرات لا تخطر على بال، فى الأفكار والأحاسيس والصياغات، وأن يقتحم، بلا تردد، شكلا ومضمونا، قضايا تتجاوز المكرر، السائد والمألوف.

لم تكن أمنية يحيى حقى مجرد دعوة نظرية عابرة، ذلك أنه طبقها على قصصه، المتسمة بنفحة حداثة لافتة، مثل «الفراش الشاغر»، وغيرها، كما تعود على البحث عنها، وتدعيمها، فى مقدماته للمجموعات القصصية التى ينشرها الشباب، أو يرحب بها فى مجلة «المجلة» أيام رئاسته لتحريرها.. على صفحاتها، طالع القراء، لأول مرة، أسماء إبراهيم أصلان، جمال الغيطانى، محمد حافظ رجب، وآخرين، ممن أصبحوا من كبار كتابنا.. وبقدر بهجة عمنا الكبرى، يحيى حقى، بكل رونق متميز، بقد الكدر الذى يصيبه حين تداهمه كتابات عفا عليها الزمن، ممهورة بأسماء جديدة.

هذا الكلام بمناسبة عودة الحياة لصناعة السينما التى تعثرت فى السنوات الأخيرة، وربما كان من المتوقع، أو المأمول، أن تنطلق الأفلام الجديدة، من آخر ما وصلت إليه السينما المصرية، خصوصا أن صناعها ينتمون لأجيال شابة، المفترض أنها استوعبت إبداعات الجدود: صلاح أبوسيف، فطين عبدالوهاب، كمال الشيخ، فضلا عن التأثر الإيجابى بجيل الآباء: خيرى بشارة، على بدرخان، محمد خان، خالد يوسف.. على سبيل المثال وليس الحصر.

طبعا، بعض الأعمال التى شاهدناها أخيرا، تحمل شيئا من النضارة، ربما ينقصها الإحكام فى بعض العناصر، تدفع المتابع للرهان على أفلام تالية.. لكن المشكلة تكمن فى تلك الأعمال التى يشارك فيها الشباب، أمام وخلف الكاميرا، وتفاجئنا بأنها موغلة فى القدم، ترتد بنا إلى ما قبل الآباء والأجداد، ولعل «سوء تفاهم» من النماذج الصارخة على هذه الحالة.

الفيلم، يضم نخبة جميلة من الوجوه المحبوبة: سيرين عبدالنور، ذات الجمال الهادئ، المتمتعة بجمال الروح، الوديعة، الصاخبة إن أرادت.. أحمد صلاح السعدنى، المتسم بالحيوية، المتدفق بالانفعالات، تأتى بلا مغالاة أو افتعال.. شريف سلامة، صاحب الأداء، المتوازن، المتفهم، سواء بصوته، أو بملامح وجهه.. وخلف الكاميرا، ثمة كاتب السيناريو، محمد ناير، والمصور، هيثم حسنى، والمونتيرة، نسرين فهيم، والمخرج، أحمد سمير فرج، ابن مصورنا الكبير، الشهير، سمير فرج.

هكذا، معظم العاملين فى «سوء تفاهم» من الشباب وأحداثه تدور ما بين لبنان ومصر، والأدق، بين بيروت والغردقة، فى إطار قصة بسيطة، ملفقة، لا منطق لها، تحكى عن فتاة لبنانية طيبة ــ سيرين عبدالنور ــ تقع فى حب شاب مصرى هارب ــ أحمد السعدنى ــ إثر سرقة كمية من الألماس، بمشاركة صديق له، وتسبب فى الزج بهذا الصديق ــ شريف سلامة ــ فى السجن.. الهارب، المحتال، يهرب ثانية إلى مصر، ليلة زفاف عروسته اللبنانية إليه.. الصديق، يخرج من وراء القضبان، بعد انقضاء فترة عقوبته.. يتجه إلى أحد فنادق الغردقة، حيث يحضر مزاد بيع الألماس المسروق، وفى ذات الوقت، تأتى الفتاة اللبنانية، متنكرة فى هيئة مليونيرة، ستشترى الجواهر.. وبعد مفارقات، ينكشف أمر اللص، الذى هو مجرد مخلب للص أكبر منه، وتعود إلى بيروت، وتتزوج من الصديق المتورط فى سرقة، هى فى الأصل ليست سرقة، ولكن محاولة لاسترداد نصيبه من الجواهر الذى استولى عليها عمه ــ يوسف فوزى ــ الذى كان شريكا لوالده.

الفيلم، بليد فى تفاصيله، يحاول أن يكون كوميديا، فيأتى بشخصية شاب طيب إلى درجة السذاجة، يجعله صديقا أو ظلا للخارج من السجن، على طريقة استخدام إسماعيل ياسين فى الأفلام القديمة، مع فارق واحد: إسماعيل ياسين، كان ظريفا، عفويا، لطيفا.. بينما أخينا على الشاشة، ثقيل الظل إلى درجة لا تطاق.

فى مصر، لا يرى «سوء تفاهم» إلا الفندق المطل على البحر.. وفى لبنان، لا تكاد الكاميرا تخرج من محل الحلويات تعمل فيه البطلة.. ثم، قرب النهاية، تفاجئنا ــ مها أبوعوف ــ الثرية بحكاية مملة، مسرفة الترهل، عن النصاب، الذى يؤدى دوره يوسف فوزى، العصبى، الغارق فى عرقه.. أخيرا، كنا نأمل فى عمل ينفض الغبار عن كراكيب السينما المصرية، لكن، لا بأس، فلننتظر فيلما آخر.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات