هل يتقدم الوطن بقتل شبابه؟ - مصطفى النجار - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 6:26 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل يتقدم الوطن بقتل شبابه؟

نشر فى : الجمعة 2 مايو 2014 - 6:20 ص | آخر تحديث : الجمعة 2 مايو 2014 - 6:20 ص

الشباب هم عماد المستقبل ولا تنهض أمة دون شبابها ومشاركتهم فى بنائها، وكل الدول تعنى عناية فائقة بجيل الشباب حتى تطمئن على مستقبلها الذى يصنعه هؤلاء أما فى مصر فقد تم إعلان الحرب على جيل الشباب لسحق أحلامه فى حياة أفضل فى وطن حر ينعم فيه الناس بالحرية والكرامة، يقول البعض إننا نبالغ حين نصف المشهد بأنه حرب على الشباب ولكن الحقيقة أنها صارت حربا واضحة المعالم تبدأ من التشويه والاغتيال المعنوى وتمر بالسجن والاعتقال لمجرد الاختلاف السياسى وقد تنتهى بالقتل الذى تبرزه إحصائيات القتلى فى مصر منذ 25 يناير 2011 وحتى الآن حيث بلغت نسبة القتلى من الشباب تحت سن 35 سنة ما يزيد على 70% من إجمالى القتلى فى الأحداث التى وقعت على مدى الثلاث سنوات الماضية.

•••

أما استهداف المبدعين من هؤلاء الشباب بدلا من تشجيعهم وتكريمهم فقد صار أمرا متكررا بصورة صادمة تحبط الأمال وتصيب الشباب بالكفر بكل شىء حوله، الأسبوع الماضى تم إلقاء القبض على المخترع الصغير عبدالله عاصم الذى كان من المقرر سفره إلى ولاية كاليفورنيا فى أمريكا لتمثيل مصر فــــى مسابقــــــة «Intel» العالميـــــة، لاخـــــــتراعه نظارة تساعد مرضى الشلل الرباعى فى التواصل، وقد فاز بجائزة عن اختراعه فى مسابقة «Intel» مصر للعلوم والهندسة فى نادى العلوم والتكنولوجيا.

عبدالله طالب فى المرحلة الثانوية عمره 17 عاما، نجح فى اخترع نظارة طبية يرتديها مرضى الشلل الرباعى، تساعده على تحديد مطالبهم كبديل عن الكلام عن طريق متابعة تحريك العين فيظهر على شاشة الكمبيوتر الشىء الذى يريده المريض، ومن المقرر سفره يوم 4 من شهر مايو لتمثيل اسم مصر فى معرض «Intel ISEF 2014»، فى منافسة تضم أكثر من 60 دولة أخرى، وتحكمها لجنة تضم عددا من الحاصلين على جائزة نوبل فى العلوم وكان فى القاهرة لإنهاء إجراءات سفره لأمريكا للمشاركة فى المسابقة العالمية، كما كان مقررا له لقاء محمود أبوالنصر وزير التربية والتعليم وتم القبض عليه من ميدان التحرير هو وصديق له بتهمة التظاهر بدون تصريح بعدما كانوا يلتقطون الصور التذكارية لأنفسهم فى الميدان.

أما شريف فرج المدرس المساعد بكلية الفنون الجميلة بجامعة الإسكندرية الذى ناقش رسالة الماجستير وهو معتقل منذ خمسة شهور بتهم مضحكة منها ( قتل 34 شخصا ــ سرقة بنك ــ حرق كنيسة.. الخ ) فقد كتب من داخل سجنه رسالة لأصحاب الضمائر الحية قائلا (افعلوا شيئا لأنى أحب الحرية مثلكم خاطبوا الناس بكل اللغات خاطبوا الجيران والأصحاب ساعدونا وأرسلوا صوتنا إلى منظمات حقوق الإنسان فى العالم خاطبوا الضمير إذا وجد والإنسانية إذا لم تنعدم بعد، يصلنى دعاؤكم وتُحكى لى أحلامكم عنى فهل وصلتكم آلامى وأوجاعى؟! أرجوكم افعلوا شيئا غير الدعاء والأحلام، كاذب من قال لكم إن السجون تصنع رجاى، وكاذب من قال إن السجون تربى الإرادة منذ متى والظلم يصنع رجلا أو يبنى إرادة ! منذ متى والظلم يفعل أى شىء سوى الظلام على أهله، السجون أماكن فاسدة بكل ما فيها هوائها فاسد، مائها فاسد، طعامها فاسد.. كلها وكل ما فيها فاسد وهل يفعل الفساد فى العباد إلا فسادا فى أذواقهم وأجسادهم وعقولهم ونفوسهم!».

دعوا لنا الدعاء والأحلام فهنا المظلومون بلا أستار بين ربهم والنوم والأحلام لا نملك شيئا غيرهم.. فهل عجزتم وسُجنتم مثلنا !، افعلوا شيئا لأنى أحب الحرية مثلكم).

•••

أما الشاعر الشاب المبدع عمر حاذق الذى تم سجنه بتهمة التظاهر طبقا لقانون التظاهر الجائر وهو المبدع الذى مثل مصر بالمحافل الدولية وحصد العديد من الجوائز الأدبية، منها جائزة عبدالله باشراحيل، لإبداع الشباب بمصر بديوان «كم أنت حلوة» عام 2005، وصدر له ديوان «فضاءات الحرية» بالاشتراك مع الشاعر البرتغالى «تياجو باتريشيو» والشاعر الإيطالى نيكى داتوما والشاعر السورى عبدالوهاب العزاوى عام 2011. وحصل على جواب شكر من هيئة أبوظبى للثقافة والتراث بمشاركته بمسابقة أمير الشعراء بأبوظبى على إنجاح هذه المسابقة الذى اشترك بتنظيمها، وكان من ضمن الفائزين الأوائل، وأخذ درعا بلقب «شاعر الرومانسية» عام 2007، كما شارك بمؤتمر الحب والسلام بإيطاليا وفاز بجائزة الشعر «الحب والسلام» على مستوى العالم.

لم يكتفوا بسجن عمر حاذق بل قامت مكتبة الإسكندرية التى يعمل فيها عمر موظفا بقطع عيشه بفصله من عمله مخالفة للائحة الداخلية للمكتبة على اعتبار أن الحكم الذى صدر ضده على إثر قانون التظاهر حكم مخل بالشرف والأداب العامة ! مع العلم أن هناك خصومة سابقة بين عمر وإدارة المكتبة بسب ما كشفه عمر حاذق من قضايا فساد سابقة داخل المكتبة فقرروا الانتقام منه بهذه الطريقة المخالفة للقانون والمخالفة لأى اعتبارات إنسانية.

•••

مثل عمر وشريف وعبدالله عاصم آلاف وآلاف من المعتقلين المجهولين الذين لا نعرف أسماءهم والذين لم يتورطوا فى عنف ولا إرهاب وإنما تم اعتقالهم عشوائيا أو كان أقصى ما فعله بعضهم هو التعبير بسلمية عن رأيه، آلاف البيوت تبكى على أبنائها وصراخ الأمهات لا ينقطع والغضب يتصاعد مع تكميم الأفواه المستمر والعقاب الجماعى والظلم البشع الذى يتعرض له هؤلاء، لا مستقبل لهذا الوطن وشبابه يتعرض لهذا الظلم والقهر والعقاب لمجرد الاختلاف فى وجهات النظر مع السلطة، لا مستقبل لهذا الوطن اذا لم تطبق العدالة الحقة التى تنصف المظلومين، إذا كنتم تريدون مستقبلا لمصر فارفعوا أيديكم عن شبابها ودعوا الزهور تتفتح بالحياة بدلا من أن تتفتح بالموت.

مصطفى النجار عضو مجلس الشعب السابق
التعليقات