الخواطر العشرة - محمد محمود الإمام - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 3:34 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الخواطر العشرة

نشر فى : الإثنين 2 يونيو 2014 - 8:10 ص | آخر تحديث : الإثنين 2 يونيو 2014 - 8:10 ص

تهانئى للشعب المصرى على اجتيازه أولى مراحل خارطة الطريق، وللرئيس عدلى منصور على قيادته السفينة إلى بر الأمان. كما أحيى المشير السيسى على ما أبداه من حكمة فى خوض معركة اختلطت فيها الأوراق. وأسجل بعض الخواطر التى تدافعت إلى ذهنى بهذه المناسبة.

1) الأول هو رجائى من بنى الوطن، حشد القوى من أجل إعادة بناء دولة لا تنفذ إليها قوى الاستبداد والطغيان، وتفعيل الدستور الذى قطع الطريق على حكم القلة وانفراد رئيسها بالقرار، وعليهم عدم ترك أمرهم يفلت من أيديهم، فهم المسئولون والمستفيدون أولا وأخيرا.

2) وعليهم بالتالى أن يبادروا بالربط بين المصالح الخاصة والصالح العام آخذين فى الاعتبار متطلبات المراحل المتتالية لعملية البناء، أثناء اختيارهم لممثليهم فى مجلس النواب، حتى لا تتسلل عناصر فاسدة ومفسدة، حرصا على تشكيل مجلس جدير بالصلاحيات الواسعة التى أعطاه الدستور إياها.

3) وأحيى طرح السيسى منهجا يضيف إلى المشاريع الكبرى التى تعزز معدلات نمو الاقتصاد القومى، يسعى لإحداث تنمية إقليمية متكاملة، تكفل وصول التنمية البشرية المستدامة إلى كل بقعة من أراضى الوطن، وتفادى التهميش الذى تسللت من خلاله قوى الضلال والإرهاب، على أن تكفل الخطة القومية الشاملة التكامل بين كل المداخل. ويجب اختيار المسئولين التنفيذيين على المستويين القومى والإقليمى ممن تتوافر لديهم القدرة على حسن الأداء، والعمل على رفع كفاءتهم، وتمكين ممثلى الشعب من متابعتهم ومساندتهم ومساءلتهم.

4) وعلى الرئيس تفادى الأخطاء الفادحة التى وقع فيها السادات بعد انتصار أكتوبر 1973، بالإساءة إلى قادة بواسل كالشاذلى والجمصى، وإهمال المحاربين الذين تكاتفوا مع القوات النظامية، وخاصة المؤهلين وفى مقدمتهم المهندسون، فتعذر عليهم الحصول على وظائف مناسبة، والعلاج الطبى لإصاباتهم، فاتسعت الفجوة والجفوة بين الفريقين، وتشويهه العقيدة العسكرية بإعلانه حرب أكتوبر خاتمة للحروب، وإسقاطه الأمن القومى من قائمة مهام الدولة حتى عام 2000 فى ورقة أكتوبر. وأدى تفاقم الفارق فى مستويات المعيشة بين المدنيين والعسكريين إلى اتهام الجيش بالتسبب فى اتساع نطاق الفقر. ومن الضرورى تجنب ما يبرر الادعاء بوجوب إنهاء ما يسمى «حكم العسكر».

5) ومن الحيوى تحرير جيش مصر من القيود التى تهدد قدراته على مواكبة التقدم الهائل فى فنون التسليح والقتال، وتمكينه من التعامل مع التطورات الخطيرة فى مصادر تهديد الأمن القومى لمصر والأمة العربية. ويتطلب ذلك الفكاك مما تضعه المعونة الأمريكية من قيود على إمكانياته، وقطع الطريق على مساندة القوى العالمية لمحاولات الاستعاضة عنه بمليشيات ترفع راية ما سماه الإخوان الجهاد. ويستوجب هذا إدراك رئيس مصر لمتطلبات تدعيم قواتنا المسلحة وتطويرها والربط بين هذا المطلب الحيوى وبين إعادة بناء الدولة الحديثة القوية التى دعت الثورة لإقامتها، والعمل على استبقاء الجيش المصرى سندا لباقى الجيوش العربية التى جرى أو يراد تقويضها. وفى هذا يمتلك السيسى معرفة قل أن تتوافر لغيره، مدنيا كان أو عسكريا. وسيكون معيار قياسنا لأدائه هو نجاحه فى هذه المهمة.

6) وبالتالى، يجب ألا يقتصر تصحيح علاقاتنا بأشقاء عرب ومع جيران أفارقة، من العطب الذى سببته النظم التى أزالتها ثورتا يناير ويونيو على مجرد ردود فعل «هادئة» لمعالجة مشاكل أو الشكر على مواقف بناءة من ثورتنا، بل يجب رسم إستراتيجية بعيدة المدى لعلاقاتنا مع الدوائر الثلاث: العربية والأفريقية والإسلامية، التى بنى عليها عبدالناصر فلسفة ثورة يوليو، مع مراعاة التغييرات الجسام التى تعرضت لها كل منها. والتغييرات الهائلة المتتالية فى النظام العالمى. ولا يُكتفى لذلك الاستعانة بخبراء أو مجالس قومية تنعقد عند الحاجة، بل يجب دعم مراكز بحثية متخصصة تضم خبراء عرب وأفارقة تساعد فى نفس الوقت على ضمان انسجام تحركات الإقليمين مع ما نتخذه من خطوات.

7) ويرتبط بهذا تفعيل برنامج «النيباد» الرامى إلى تعزيز جهود الدول الأفريقية التنموية، والقيام عن طريقه بدفع الحركة نحو مشاريع، مثل مشروع نهر الكونغو، تسهم فى إيجاد حل مترابط للمعضلة الثلاثية التى تهدد مستقبل مصر، وأقصد بها أزمات الطاقة والمياه والانكشاف الغذائى الذى تشاركنا فيها دول عربية جعلت الوطن العربى على رأس المعتمدين على استيراد أغذية ترتفع أسعارها العالمية باطراد. وتساهم المراكز البحثية المشار إليها فى البند السابق فيها، ويجرى تنفيذها بمشاركة عربية أفريقية.

8) وإذا كانت آفة النظام الذى أسقطته الثورة هو تزاوج السلطة ورأس المال، فأفسد الجانبين، وتسلق رأسمالية رثة على أنقاض القطاع العام معتمدة على تبعيتها للرأسمالية العالمية بخضوعها لعابرات القوميات والبنوك الدولية، ثم انضمام رأسمالية الإخوان إليهما، فإنه يجب تلافى أن تؤدى مطالبة رأس المال الخاص بلعب دور مهم لاجتياز مرحلة محدودية الاستثمارات العامة، إلى تسلل «رأسمالية عسكرية»، تسىء لرئيس من المؤسسة، بحصر جهود الجيش التى لا تنكر فى تنفيذ مشروعات حيوية فى المؤسسة ذاتها دون الامتداد إلى أفراد منها.

9) وأقدر للسيسى حرصه على التمسك بالمصادفة التى أدخلته عالم السياسة اعتمادا على إرادة شعبية لا حزبية وتأكيده عزوفه عن تشكيل حزب يحد من قدرته على أن يكون رئيسا للمصريين كافة، ويجنبنا الوقوع فى الدائرة الجهنمية التى تعرضنا لها فى عهدى مبارك ومرسى، وأرجوه ألا يكرر المسرحية الهزلية التى أخرجها السادات بتقسيمه الاتحاد الاشتراكى الذى أريد به توثيق العلاقات بين قوى الشعب العاملة التى قامت ثورة يوليو لمناصرتها، لأحزاب جعل أحدها حزبا حاكما وأكسب اثنين وظيفة «معارض» أحدهما تولاه صهره.

10) ويُلقى هذا مهمة وطنية جليلة على الراغبين فى المشاركة فى الحقل السياسى مستفيدين من هذه الانفراجة التى أفرزتها الثورة، فلا يتعاملون معها من منطلق تنظيمات مدنية تتشكل من أسفل لأعلى لترعى أنشطة اجتماعية، بالتقاطع مع مهام المؤسسات السياسية والتنفيذية، بل بإنشائها من أسفل لأعلى. وكفى ما سببه المنتسبون حقا أو زورا إلى ما يسمى «النخبة المثقفة»، فتجاهلتهم مختلف فئات الشعب، وتاهت معهم فصائل الشباب التى عقدت الأمل على دولة تفتح أمامهم المستقبل، بحصر التغيير فى إعادة بناء المؤسسات التى تتولى السلطة، دون إحداث تغيير جذرى فى تنظيمات القوى الشعبية التى تُسأل أمامها تلك المؤسسات، تجنبا لإعادة إنتاج النظام السابق فى ثوب جديد.

محمد محمود الإمام وزير التخطيط الأسبق
التعليقات