فى بيتنا.. داعش - محمد عصمت - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 8:23 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فى بيتنا.. داعش

نشر فى : الثلاثاء 2 سبتمبر 2014 - 11:40 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 2 سبتمبر 2014 - 2:14 م

برصاصة غادرة قد يوجهها أحد المتطرفين إلى الرئيس السيسى، تنجح ـ لا قدر الله ـ فى إبعاده عن المسرح السياسى، فإن كل الطرق أمام داعش ستكون مفتوحة، لكى يبدأ هذا التنظيم بجدية فى تنفيذ تهديداته التى أطلقها قادته منذ عدة أسابيع بـ«فتح» مصر، بل وربما اعلان القاهرة عاصمة دولة خلافتهم الإسلامية، لأن السيناريو المؤكد حدوثه فى هذه الحالة هو نشوب حرب أهلية فى مصر، أو على الأقل ارتفاع وتيرة الاحتراب الأهلى ومعارك الشوارع بين قطاعات من الجيش والشرطة وشباب الثورة من جهة، وبين الإخوان المسلمين وحلفائهم من التيارات المتطرفة من جهة أخرى، والذين لن تتأخر داعش عن تقديم المدد إليهم بالمال والرجال والعتاد والخبرة العسكرية المتطورة، بداية من جز الرقاب بالسكاكين حتى استخدام المدافع المضادة للطائرات!

قد يبدو حدوث هذا السيناريو الدموى غائبا عن ذهن الكثيرين فى مصر، لكن المؤكد أن الفكر الداعشى يعشش فى «نافوخ» العديد من الرموز السلفية، والتيارات الجهادية المتطرفة، وقبلهم جميعا التيار القطبى المسيطر على حركة الإخوان المسلمين الآن، فالإخوان بعدما أذاقوا حلاوة السلطة ثم مرارة الابتعاد عنها، قد لا يجرأون على فتح خطوط اتصال ساخنة مع دواعش الشام والعراق خوفا من غضب الراعى الأمريكى عليهم، لكنهم بالتأكيد سيفتحون لهم اى أبواب خلفية ممكنة ليخوض مقاتلوهم الحرب نيابة عنهم ضد الجيش والشرطة فى مصر، ليستمروا هم فى لعب دورهم الأثير لديهم فى توصيل الطلبات السياسية للمنازل، سواء لأمريكا أو لداعش أو لإسرائيل أو حتى للجن الأزرق، طالما سيوصلهم هذا إلى تحقيق حلمهم فى الانفراد بالسلطة، أو بمعنى أصح فى الارتماء فى أحضانها مرة أخرى!

كما يتوغل هذا الفكر الداعشى وينتشر، منذ سبعينيات القرن الماضى، فى عقول رجال نافذين داخل مؤسساتنا الدينية فى الأزهر والافتاء والجامعات، بل وأيضا داخل البيوت وبخاصة فى أحيائنا الشعبية، حيث يستقى الكثير من أبناء هذه الطبقات ـ المطرودين من رعاية الدولة ودعمها ـ علومهم الدينية المشوشة والمشوهة من شيوخ الدم والتطرف والانغلاق، وكل هذا يؤكد أن لداعش ظهيرا ايديولوجيا معتبرا فى مصر، يقف معها فى نفس الخندق الفكرى والعقائدى، وينتظر عن جهل مطبق المشاركة بالروح والدم، وأثاث البيت أيضا إن لزم الأمر، للمشاركة فى إقامة «جنتهم البائسة» على الأرض!، الإخوان «الداعشون» فى مصر يراهنون على غياب فكرة وآلية المؤسسة فى نظام الرئيس عبدالفتاح السيسى، فبرنامج عمل الدولة المصرية الآن مرتبط بشخص السيسى فى المقام الأول والأخير، لا بقوى طبقية صاعدة مثلا، ولا بفئات اجتماعية عانت الفقر والحرمان، المشاريع الكبرى لا أحد بالضبط يعرف من سيتحملها تكلفتها ومن سيستمتع بعوائدها، بل إن الكثيرين ـ وأنا منهم ـ يرون أن مؤسسات الدولة الخدمية لا تزال تدار ـ كما كان الوضع أيام حسنى مبارك وولده جمال ـ بمنطق الشركة التى تستهدف تحقيق أقصى معدلات الربح، لا بعقلية الدولة التى يقع على عاتقها تحقيق الرفاهية والسعادة لأبنائها طبقا للدساتير الحديثة..

مواجهة داعش لن تكون بمشاركة أمريكا فى دق طبول الحرب عليها، ولكن بمواجهة الأسباب التى أدت إلى ظهورها وإلى تمددها، وبتبنى سياسات واضحة لمواجهة الفقر والتخلف والجهل والديكتاتورية، وإلا فإننا سنكون كمن يحرث فى البحر وينتظر حصادا من القمح.

محمد عصمت كاتب صحفي