غاز «شروق» - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 5:21 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

غاز «شروق»

نشر فى : الأربعاء 2 سبتمبر 2015 - 7:35 ص | آخر تحديث : الأربعاء 2 سبتمبر 2015 - 7:35 ص

من حق المصريين أن يفرحوا بخبر اكتشاف حقل الغاز الضخم فى البحر المتوسط، خصوصا أن الذى أعلن الخبر شركة عالمية كبيرة ومعروفة هى «إينى» الإيطالية، وبالتالى فإن شبهة المبالغة والترويج وإشاعة أجواء وهمية من الرخاء تبدو مستبعدة تماما، الشركات الدولية الكبرى مثل إينى يصعب عليها أن تخترع وتفبرك أخبارا عن اكتشافات وإلا انهارت سمعتها فى الأسواق الاقتصادية.

فى المقابل، وإذا كان من حقنا أن نفرح ـ خصوصا فى ظل حالة الإحباط فى أكثر من مجال ـ فالمطلوب أن نرشد هذه الحالة من الفرح، وأن نفهم أن الاكتشافات فى مجال الطاقة عموما، لا تتحول إلى أموال ومنتجات بين يوم وليلة بل تحتاج إلى سنوات.

مساء الاثنين الماضى استمعت إلى الدكتور شريف إسماعيل وزير البترول، وهو يتحدث بطريقة عقلانية إلى الزميل الإعلامى الدكتور خالد أبوبكر فى قناة القاهرة اليوم فى شبكة أوربت.

قال الوزير إن هناك ٥٦ اتفاقية وقعتها الوزارة مع شركات عالمية منذ نهاية عام ٢٠١٣، منها ٤٣ اتفاقية جديدة، والباقى تعديلات على اتفاقيات قديمة، باستثمارات أكثر من ١٣ مليار دولار، منها عشرة مليارات لشركة واحدة، وأغلب الظن أنه يقصد بها الاتفاق التاريخى مع شركة «بريتش بتروليم» أو «بى بى» البريطانية قرب محافظة كفر الشيخ.

مسألة الاكتشافات تأخذ وقتا طويلا، الشركات الكبرى تبدأ فى التنقيب وتخصص مبالغ تتراوح بين ١٠٠ و٢٠٠ مليون دولار، وإذا ثبت وجود غاز أو نفط، يتم ضخ استثمارات قد تزيد على خمسة مليارات دولار، خصوصا إذا كانت فى المياه العميقة.

وخلافا لما يعتقده كثيرون فهناك شركات مصرية تعمل فى مجال البحث والتنقيب، لكن قلة العملة الأجنبية تجعلها عاجزة عن التوسع فى هذا الأمر.

الحكومة تطرح بين فترة وأخرى مزايدات لعمليات البحث والتنقيب تتقدم لها الشركات العالمية الكبرى التى تملك استثمارات صخمة، تضخها فى هذا المجال شديد الحيوية.

البسطاء يعتقدون أن الحكومة تأخذ كل ما يتم استخراجه من غاز أو نفط وتبيعه فورا فى الأسواق، أو تستخدمه للاستهلاك المحلى.

والحقيقة هى أنه عندما يتم التأكد من وجود غاز أو نفط يتم توقيع اتفاق بين الحكومة والشركة الدولية يتحدد فيه نصيب كل منهم.

لا توجد قواعد ثابتة فى هذا الأمر، لأنه يتوقف على معايير كثيرة، هناك اتفاقيات مثلا لا تزيد فيها حصة الشركة على ١٠٪ من الإنتاج، وأحيانا تصل إلى أكثر من ٧٥٪، فلو أن النفط أو الغاز فى مناطق قريبة جدا من الأرض، تكون تكاليف الاستخراج أقل، وتزيد حصة الشركة إذا كان الحقل فى مياه عميقة جدا، وبالتالى يحتاج إلى معدات غالية جدا.

الكشف الأخير لشركة إينى فى المياه الاقتصادية لمصر فى البحر المتوسط لم يتم فجأة، بل إن الشركة وقعت العقد مع مصر فى يناير ٢٠١٤ الماضى. قبلها عملت شركة دولية أخرى كبيرة فى نفس المكان، وأحد مديريها المصريين هو من أطلق اسم ابنته «شروق» على الحقل ولأسباب مختلفة توقفت الشركة عن التنقيب، وحلت محلها إينى فى مزايدة تالية.

الاستثمارات المبدئية لاستخراج الغاز من حقل شروق ستصل إلى ٣.٥ مليار دولار وسترتفع إلى ٧ مليارات فى المرحلة الثانية. حقل شروق يتضمن احتياطات أصلية تقدر بـ٣٠ تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعى تساوى ٥.٥ مليار برميل مكافئ، ويغطى مساحة تصل إلى ١٠٠ كيلومتر مربع.

احتياطات الحقل قد تمثل نحو ٣٥٪ من إجمالى احتياطات مصر من الغاز طبقا لما قاله المهندس محمد شعيب الرئيس الأسبق لشركة إيجاس لـ«الشروق» امس. الإنتاج يفترض أن يبدأ فى فترة تصل إلى ثلاث سنوات، وبطبيعة الحال فإن الحكومة المصرية والشعب يتمنون أن يبدأ الإنتاج بعد ثلاث ساعات فقط، حتى يشعروا بأنهم بدأوا يخرجون من عنق الزجاجة.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي