(2) في لزوم ماكان يلزم .. عن الثورة «المضادة» - أيمن الصياد - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 5:38 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

(2) في لزوم ماكان يلزم .. عن الثورة «المضادة»

نشر فى : الأحد 3 مارس 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأحد 3 مارس 2013 - 2:34 م

بعد أيام من الإعلان الدستوري (٣٠ مارس ٢٠١١) الذي جرى التمهيد له باستفتاء شعبي شهد اقبالا غير مسبوق من المصريين الذين كانوا مازالوا في نشوة الثورة ساعين نحو وضع اللبنة الأولى في في بتاء دولتهم الجديدة.، كنت ضيفًا على حوار تلفزيوني مع أحد المحامين البارزين في جماعة الإخوان المسلمين. يومها أشرت الى ما تعرفه تجارب التاريخ من أن «الثورة التي لا تنجح في عزل أعداءها، يعزلها أعداؤها»، مشددا على ضرورة تفعيل قانون الغدر الذي صدر في أعقاب ثورة ٢٣يوليو لمواجهة الثورة المضادة، وكضمان ضروري لعدم إعادة انتاج النظام السابق؛ وذلك بوضع أساس قانوني لمحاسبة الذين أفسدوا الحياة السياسية، خاصة وأن مواد قانون العقوبات العادية ــ كما يعلم رجال القانون ــ  تخلو من أى مادة لتجريم الفساد السياسي. يومها، وقبل أن أنتهي من توضيح تفاصيل ما حسبته بدهيًا قاطعني «المحامي» بحسم مستنكرا ورافضا بشكل قطعي ما أسماه «استخدام قوانين عبد الناصر». لم أقف كثيرا عن الحادثة، بوصفها لا تعدو أن تكون «دردشة تلفزيونية»، إلى أن فاجأني ــ بعد أسابيع ــ محام «بارز» آخر ينتمي أيضًا للجماعة بترديد الحجة ذاتها، في مواجهة مطالباتنا التي لم تتوقف بتفعيل القانون، مستنكرا «أن يكون هناك من يطالب بتطبيق قوانين استثنائية». وكان ذلك الموقف غريبًا في حينه، إذ من المعروف أن القانون لا يكون استثنائيا، طالما كان ساريًا ولم يصدر من المشرع بأي صورة من الصور ما يفيد إلغاؤه.. كما كان ذلك الموقف أكثر غرابة بعد ذلك بعام كامل (٢١ أبريل ٢٠١٢)، عندما حاول البرلمان «المنحل» أن يستهدف «أشخاصًا بعينهم» بقانون للعزل السياسي شابه عوار دستوري بعد أن وصفه القانونيون بأنه «استثنائي» بامتياز. (!)

 

•••

 

قصة العداء، أو على الأقل التجاهل المتعمد لقانون الخمسينيات القديم هذا، يعكس شيئا من فصول الارتباك في ادارة المرحلة الانتقالية على مدى العامين الماضيين، غيابًا للإرادة السياسية أحيانًا، وعجزا عن التحرر من «إسار الثأرات القديمة» أحيانًا أخرى. وقبل هذا وذاك عدم إدراك حقيقي لخطورة الثورة المضادة.

 

 

وللتذكرة فقط ــ ولعله للتاريخ أيضا ــ كانت حكومة عصام شرف قد نجحت في أيامها الأخيرة، وبعد محاولات مضنية «أعرف تفاصيلها» في دفع المجلس العسكري الى اصدار القانون رقم ١3١ لسنة ٢٠١١ بتعديل بعض مواد قانون الغدر خاصة فيما يتعلق باسمه وبتشكيل المحكمة. إلا أنه، وللتاريخ أيضا لم يحاول أحدٌ قط تفعيل القانون، رغم مرور أكثر من عام على إصداره. لماذا..؟ لأننا ــ كما ذكرنا مرارًا ــ ننظر في الاتجاه الخطأ، فنخطئ تحديد خصومنا السياسيين. أو بالأحرى خصوم هذه الثورة.

 

وللتاريخ أيضا، وربما لنتعلم كيف تصان الثورات، وتلبية لطلب متابعين على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، هنا بعض من نصوص المرسوم بقانون رقم ٣٤٤ لسنة ١٩٥٢ المعدل بالقانون رقم ١٧٣ لسنة ١٩٥٣، والمسمى بقانون الغدر، والذي وضعه في حينه لجنة من شيوخ القضاة ترأسها المستشار عبد الرازق السنهورى، وهو القانون الذي اعترض عليه محامي الإخوان في الحوار التلفزيوني الذي أشرت اليه مستنكرا العودة الى قوانين عبد الناصر:

 

 

•••

 

مادة ١:

فى تطبيق احكام هذا القانون يعد مرتكبا لجريمة الغدر كل من كان موظفا عاما وزيرا او غيره وكل من كان عضوا فى احد مجلسى البرلمان أو احد المجالس البلدية او القروية او مجالس المديريات وعلى العموم كل شخص كان مكلفا بخدمة عامة أو له صفة نيابية عامة وارتكب بعد أول سبتمبر سنة ١٩٣٩ فعلا من الأفعال الآتية :

 

(أ) عمل من شأنه افساد الحكم أو الحياة السياسية بطريق الاضرار بمصلحة البلاد او التعاون فيها أو مخالفة القوانين .

(ب) استغلال النفوذ و لو بطريق الايهام للحصول على فائدة او ميزة ذاتية لنفسه او لغيره من اية سلطة عامة او أية هيئة او شركة او مؤسسة.

(ج) استغلال النفوذ للحصول لنفسه أو لغيره على وظيفة فى الدولة أو وظيفة او منصب فى الهيئات العامة او اية هيئة او شركة او مؤسسة خاصة او للحصول على ميزة او فائدة بالاستثناء من القواعد السارية فى هذه الهيئات.

(د) استغلال النفوذ بإجراء تصرف او فعل من شأنه التأثير بالزيادة او النقص بطريق مباشر او غير مباشر فى اثمان للعقارات والبضائع والمحاصيل وغيرها او اسعار اوراق الحكومة المالية او الاوراق المالية المقيدة فى البورصة او القابلة للتداول فى الاسواق بقصد الحصول على فائدة ذاتية لنفسه او للغير.

(هـ) كل عمل او تصرف يقصد منه التأثير فى القضاه أو فى اعضاء اية هيئة خولها القانون اختصاصا فى القضاء او الافتاء.

(و) التدخل الضار بالمصلحة العامة فى اعمال الوظيفة ممن لا اختصاص له فى ذلك او قبول ذلك التدخل.

ويعتبر التدخل من غير المذكورين فى هذه المادة فى حكم الغدر اذا كان المتدخل قد استغل صلته بأية سلطة عامة.

ويحكم بالجزاءات ذاتها عل كل من اشترك بطريق التحريض او الانفاق او المساعدة فى ارتكاب الجريمة سالفة الذكر ولو لم يكن من الاشخاص المذكورين فى المادة الاولى .

 

مادة ٢:

مع عدم الاخلال بالعقوبات الجنائية او التأديبية يجازى على الغدر بالجزاءات الاتية :

 

(أ) العزل من الوظائف العامة.

(ب) سقوط العضوية فى مجلسى البرلمان او المجالس البلدية او القروية او مجالس المديريات .

(ج) الحرمان من حق الانتخاب او الترشيح لاى مجلس من المجالس سالفة الذكر لمدة اقلها خمس سنوات من تاريخ الحكم .

(د) الحرمان من تولى الوظائف العامة لمدة اقلها خمس سنوات من تاريخ الحكم.

(هـ) الحرمان من الانتماء الى اى حزب سياسى مدة اقلها خمس سنوات من تاريخ الحكم .

(و) الحرمان من عضوية مجالس ادارة الهيئات او الشركات او المؤسسات التى تخضع لاشراف السلطات العامة ومن اية وظيفة بهذه الهيئات لمدة اقلها خمس سنوات من تاريخ الحكم .

(ز) الحرمان من الاشتغال بالمهن الحرة المنظمة بقوانين او المهن ذات التأثير فى تكوين الراى او تربية الناشئة او المهن ذات التأثير فى الاقتصاد القومى مدة اقلها خمس سنوات من تاريخ الحكم.

 

•••

 

وبعد…

فعلى مدى الأسابيع الثلاثة الماضية، حاولنا أن نستكشف كيف كان التباين في تعريف ما جرى في ٢٥ يناير مسؤولا عن ما وصلنا اليه (١٧ فبراير ٢٠١٣) ، ثم كيف غابت العناصر الخمس الأساسية اللازمة لضمان التحول الديموقراطي السليم والآمن (٢٤ فبراير ٢٠١٣)، فتاهت بنا السبل وتعثرت بنا الطرق. وقبل ذلك كله كيف ضاعت أمنياتنا وسط غبار المعارك «الحمقى» بين رفاق السلاح (١٠ فبراير ٢٠١٣)، فغفلنا «بعد أن أعيت من يداويها» عن أن المعركة الحقيقية تتلخص في نقطتين:

 

١- كيف نتخذ من السبل مايضمن عدم اعادة انتاج النظام القديم، مسترشدين بتجارب من سبقونا المؤسِّسة لمفهوم الـ Transitional Justice

٢- كيف نرسم طريقا «متفقًا عليه» ــ أضعها بين قوسين ــ لبناء مصر التي نريد؛ بلدًا حديثًا معاصرًا يليق بما أعطته له الجغرافيا، وبما منحه له التاريخ.

 

… ولله الأمر من قبل ومن بعد

أيمن الصياد  كاتب صحفى
التعليقات