السيدة نون - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 8:04 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

السيدة نون

نشر فى : السبت 3 أبريل 2010 - 9:44 ص | آخر تحديث : السبت 3 أبريل 2010 - 9:44 ص
ن.م.هـ .. سيدة تجاوزت الثلاثين، جامعية، لكنها تفرغت لتربية أولادها الثلاثة. يشغل زوجها وظيفة محترمة جدا، توفر للعائلة دخلا معقولا، يجعلهم «مستورين»، لكن هذا الدخل لا يكفى لتلبية الاحتياجات المتزايدة، خصوصا رسوم مدارس الأبناء.. والسبب أن الأسرة ورغم أهمية وظيفة الزوج، لم تتعود على «اللقمة الحرام».

فى الأسبوع الماضى، ذهبت إلى إحدى قرى المنوفية لساعات، وعلمت بأمر هذه السيدة المحترمة.

السيدة نون قررت أن تكون إيجابية، وهكذا قامت بالمرور على أقربائها، وأقنعتهم بعمل توكيلات للدكتور محمد البرادعى من أجل تعديل الدستور، بما يضمن تغيير الأوضاع البائسة التى تعيشها مصر، من وجهة نظرها. وبالفعل نجحت مدام نون فى أخذ أرقام بطاقات الرقم القومى من أغلب أفراد العائلة، تمهيدا لعمل التوكيلات.

نموذج مدام نون هو أنها هجرت الكلام إلى الفعل، ولم يكن أحد ليلومها لو لم تفعل شيئا، فهى لديها زوجها وأولادها وأعمال أسرية لا تنتهى، ولا تترك لها مجالا للتنفس. ورغم ذلك فهى توقن أن المرء طالما آمن بشىء، فعليه أن يترجم ذلك إلى عمل. وهذا بالضبط ما ينقصنا.

لا يشغلنى أن تقوم السيدة نون بعمل توكيلات للبرادعى أو لغيره، وسأكون سعيدا لو أن هناك نماذج أخرى تعمل توكيلات لجمال مبارك أو عمرو موسى أو أيمن نور، أو أى شخص يرى فى نفسه القدرة والرغبة للترشح لأى منصب عام. المهم أن يؤمن الجميع بأن العمل فى الشارع، وسط الناس هو البداية الفعلية لأى عمل سياسى جاد، بعيدا عن الأحزاب التى شاخت، والسياسيين «الفالصو» الذين باعوا أنفسهم للشيطان.

علينا أن نؤمن جميعا، أن الحكومة ـ أى حكومة ـ لن تغير الأوضاع السيئة من تلقاء نفسها، بل بفعل التحرك والضغط الشعبى المتواصل والسلمى. وهو ما يبدو أن البرادعى قد نجح فيه نسبيا.

السيدة نون تحدت ظروفها، وانشغالها، وكل المعوقات التى تجعلها تحصر نفسها فى بيتها الصغير.

عندما التقيتها سألتها عن السبب الذى يجعلها مختلفة؟ ولماذا قررت التحرك؟ وكيف تغلبت على قائمة المحظورات التى تحاصر المرأة خصوصا إذا كانت خارج القاهرة؟.

أجابت بأن الله وهبها أبا مثقفا، وزوجا متفهما، والأهم روحا وثابة، تكره الظلم والجهل.

ثم فاجأتنى بالقول: إنها ليست «غاوية سياسة» لكنها اكتشفت بعد تفكير عميق أنه لا مستقبل لأبنائها فى ظل هذه الظروف البائسة، وأنها لكى تربيهم جيدا وتضمن لهم حدا معقولا من الأمان والاحترام، فلابد أن يحدث التغيير.

ليت الجميع يفكر كما تفكر هذه السيدة.

 

عماد الدين حسين  كاتب صحفي