خطابنا الدعوى إلى أين؟.. 2ــ المرسل ــ ه- علوم متكاملة - جمال قطب - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 2:03 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خطابنا الدعوى إلى أين؟.. 2ــ المرسل ــ ه- علوم متكاملة

نشر فى : الجمعة 3 أبريل 2015 - 9:25 ص | آخر تحديث : الجمعة 3 أبريل 2015 - 9:25 ص

المؤسسة الدعوية ليست مؤسسة منغلقة على نوعية من العلوم والمعلومات تسمى «علوما شرعية»، يقصدون علوم التفسير والقراءة والتجويد الفقهو الحديث، وما يتفرع عليها من علوم العقيدة والتوحيد، والسيرة النبوية، والحوار أو الجدل الحسن، وفوق ذلك اللغويات مثل النحو والصرف والبلاغة.

ــ2ــ

فالمؤسسة الدعوية مسئولة عن بيان رؤية القرآن للإنسان بجميع أنساقه ( الفرد ــ الأسرة ــ المجتمع ــ الأمة ــ العالم الإنسانى) فالإنسان هو أكبر محاور القرآن. ولهذا يجب دراسة علوم الانسان دراسة معمقة من خلال علوم النفس والعلوم الانسانية (اقتصاد /اجتماع /سياسة) حتى تكتمل ثقافة الدعاة وتأهيلهم لإحداث التأثير المطلوب فى الأنفس البشرية

كذلك فإن دراسة المجتمعات المختلفة من جوانب الاختلاف الطبيعى بسبب الموقع الجغرافى أو طبيعة المناخ، أو الميراث التراثى للأداب والعادات والسلوك، والمؤثرات المباشرة التى تجد صداها لدى كل شعب، ومعرفة أنسب وسائل الاتصال (المطبوعات /الاذاعة / التلفاز /الفضائيات) ونوعيات الفنون السائدة والاعلان والاعلام أصبحت علوما وفنونا ومهارات لابد من امتلاكها، فالرسالة المرئية (تلفاز ــ فضائية) ليست مجرد الشخص الظاهر أمام الكاميرا، ولكن خلف الكاميرا فريق من تخصصات مختلفة متعددة (اعداد المادة ــ الاختيار من الاعداد ــ الانتاج ــ الاضاءة ــ الصوت ــ التصوير ــ الاخراج ــ البث وتخصصاته المتعددة، وكثيرا ما يضاف إلى ذلك تخصصات، مؤثرات /ملابس /مكياج..إلخ)، فكل ذلك يتوافق حتى تحدث الرسالة الإعلامية أثرها.

فهل تتصور المؤسسة الدعوية أنها تستطيع امداد الداعى باختيارات فقهية متوارثة وتكلفه أن يتولى بمفرده ــ ودون تدريب ــ وأن يتحمل عبء الرسالة الدعوية المطلوبة.. هيهأت.

وعلى المؤسسة الدعوية أن تدرك ــ أن عصور التلقين وإلقاء «الينبغيات» باعتبارها أوامر إلهية أو نبوية أو فقهية، وأنه لا سبيل إلى النجاة إلا بهذه الأوامر والنماذج التى فات زمانها على مستوى العالم أجمع.

ــ3ــ

وقد تحولت البشرية من نظام إعلامى كان الصوت وحده والتحكم فيه هو الفاعل الوحيد المؤثر مثل (الخطيب /المذيع /التمثيل الاذاعى) وأصبح البشر كلهم يستخدمون حواس السمع والبصر، كما ينتظرون اضافات (الميديا وأدواتها المستحدثة)، تلك التى تسحب الفرد من بين جلسائه وتستولى على جميع أحاسيسه ومشاعره، وتبقيه فى حالة انبهار مستمر يصاحبه شوق معلن ينتظر الحلقة التالية. ولا نذهب بعيدا إذا أشرنا إلى فيلم مثل (عمر المختار) وما حمله من قيم إسلامية عليا دون خطابة أو تقعر، وكل من شاهد هذا الفيلم يؤكد تأثيره الشديد (عقليا /نفسيا /فلسفيا) على المشاهد بأكثر من ألف خطبة جمعة وألف كتاب سطره المؤلفون. لقد تلقى المشاهد قيم الاسلام واضحة شفافة مثل حب الوطن وافتدائه، والاستشهاد فى سبيل الوطن، وليس فى سبيل الزعامة، كما اقتنع أن ملازمة القرآن لجميع المقررات التعليمية بالقدر الميسر ــ أمر ضرورى، كما رأى حرص الرجال على العلاقات الانسانية، وحرص الأسير على الصلاة. وحرص المفاوض على حقوق جميع المواطنين وليس حقوقه هو فحسب، فإذا أضفنا إلى ذلك ما أدركه المشاهد من امكانية تحقيق النصر على العدو ولو بأدوات عادية ــ حيث أضطر إلى ذلك وتفانى الجميع رجال ونساء وشباب ناشئين كلهم يبحث عن أداء دوره ولا يبحث عن مكانة أوموقع ومركز. ألست معى أن السينما وأخواتها آليات دعوة أكثر فعالية وأدوم تأثيرا وأكثر مخاطبة لأبناء العصر؟! لعلى لا أبالغ إذا قلت إن الشريعة قد جعلت نسبة خطبة الجمعة إلى سائر الصلوات قرابة 3% بواقع خطبة واحدة كل 35 صلاة (7 أيام X 5 صلوات) لا يؤدى فيها إلا خطبة واحدة.. وكأن الشرع يفسح المجال أمام المؤسسات الدعوية لاستثمار كل مبتكرات العصور واستخدامها خلال جميع الـ24 ساعة من خلال قوالب فنية وادبية وعلمية..إلخ.

تجعل الانسان يعايش الخير ويتفاعل مع المعروف ويبغض المنكرات وذلك دون خطابة ودون زعامة ودون سلطات.


..يتبع

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات