التقدم فكر - سامح فوزي - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 6:03 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التقدم فكر

نشر فى : الثلاثاء 3 أبريل 2018 - 9:05 م | آخر تحديث : الثلاثاء 3 أبريل 2018 - 9:05 م

التقدم ليس «فلوس» ومنشآت، ولكنه فى الأساس فكر. هناك طريقة تفكير تدفع المجتمع للأمام، وأخرى تشده للخلف. من هنا لا يفتر أهل الثقافة الحقيقيون عن الحديث الدائم عن الإعلام، والتعليم، والثقافة ثلاثى صناعة التقدم العقلى.

منذ أيام كنت فى إحدى المصالح الحكومية. كان هناك ازدحام، انتظرت دورى متأملا فى الأسباب التى يمكن أن تقود إلى إعاقة محاولات التقدم فى المجتمع: موظف يكذب، مواطن يريد التحايل على القواعد، ناس تتحدث فى أشياء من الشرق والغرب، فقط بهدف إثبات أصالتهم، وحرصهم على الصواب، وآخرون يتحدثون بإعجاب ووله عن شخصيات تمارس البذاءة، باعتبارهم من الجدعان، إلخ.

لن يتقدم مجتمع يكذب أفراده مثلما يتنفسون. لا أعنى بذلك غير المتعلمين أو الأميين، ولكن أيضا المتعلمين، وأهل المهن، وأصحاب المواقع القيادية.

لن يتقدم مجتمع يتحايل أفراده على كل شىء: القانون، النظام، القواعد، بحثا عن ثغرات تتيح لهم تحقيق مصالحهم.
لن يتقدم مجتمع يتحدث الناس أكثر مما يعملون، ويتحدثون فيما لا يعملون، ويزايدون على بعضهم بعضا.
لن يتقدم مجتمع يتباهى الناس فيه بالبذاءة، وطول اللسان فى مواجهة خصومهم أو المختلفين معهم على اعتبار أن الخلاف فى الموقف أو الرأى يبرر استباحة الطرف الآخر.
لن يتقدم مجتمع لا يقول أعلامه الحقيقة، أو يشتت أذهان الناس فيما ليس فيه فائدة أو يصرفهم عن الجد، ويلقى بهم فى متاهة الهزل.
لن يتقدم مجتمع لا يحترم الناس قيمة الوقت، ويظنون أنه قيد لا معنى له، طالما أن كل واحد يعرف كيف ينظم العمل بطريقته.
أزمة الدول النامية، هكذا كانت تسمى فى أدبيات العلوم السياسية، أنها تفكر فى الكم، والمنشآت، والتعمير واسع الأرجاء، وهو أمر بالتأكيد ضرورى وحيوى، ولكن غياب التغيير فى الفكر، والسلوك، وطرائق الحياة يعرقل التقدم، وأحيانا يفرغه من محتواه. نهتم مثلا ببناء عدد كبير من المدارس، المجتمع بالتأكيد بحاجة ماسة إليه، ولكن مع ضعف محتوى التعليم يصبح البناء خاويا من روح التقدم. نهتم مثلا ببناء وحدات صحية فى المناطق الريفية، وهى فى مسيس الحاجة إليها، ولكن لا يجد المترددون عليها رعاية صحية كافية. نفس الكلام ينطبق على مراكز الشباب التى نعدها بالآلاف فى حين نشكو من ضعف مردودها فى الواقع سواء فى الرياضة أو البناء الثقافى.

ونحن نفكر فى التغيير أو صناعة التقدم ينبغى أن نغير سلوك الناس فى اتجاه القيم الايجابية بعيدا عن الممارسات السلبية. التقدم فكر أولا وأخيرا.

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات