صراع السياسة والإعلام - الأب رفيق جريش - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 1:30 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صراع السياسة والإعلام

نشر فى : الأحد 3 مايو 2015 - 9:20 ص | آخر تحديث : الأحد 3 مايو 2015 - 9:20 ص

نلاحظ فى مصر وفى دول كثيرة من العالم صراعا علنيا وخفيا بين السياسة والإعلام وهو صراع قوى ومن منهما سيكون له اليد العليا أو من يقطر من؟ هل السياسة تقطر الإعلام أم الإعلام يقطر السياسة.

السياسة بمفهومها العملى هى التى تمتلك رؤية لكيفية حكم البلاد ووضع السياسات الملائمة وتنفيذها للنهوض بالشعب اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وإلى آخره، وعلى الإعلام أن يساند أو يعارض أو يكشف أو يدرس أو يوعى الشعب بتلك السياسات أى أن الإعلام هو خادم للسياسة. ولكن ما نراه اليوم هو ان الإعلام يقطر السياسة ويدخلها فى مناطق صراع أو دفاع دائم عن النفس كأنها تلهث وراء الإعلام مبررة رؤيتها وإدارة تنفيذها. فتشتت الجهود هنا وهناك ويتشتت معها الشعب ويفقد التركيز فى المواضيع ذات الأولوية بالنسبة له للنهوض وبناء الوطن، فالإعلام قد يجرجرنا فى مواضيع ثانوية أو «تافة» تعمل من «الحبة ــ قبة»، كما يقول المثل الشعبى، وتأخذنا بعيدا عن الهدف الرئيسى وهو بناء الوطن.

من المعروف أن السياسة إيقاعها أبطأ من إيقاع الإعلام لأنها تدرس مواضيعها بعناية وبهدوء وتعطى لنفسها الوقت أن تبحث فى الاختيارات المختلفة وأن تعطى لنفسها المساحة للمناورة خاصة فى السياسة الخارجية، بينما الإعلام إيقاعه أسرع لأنه يبحث عن السبق الصحفى أو نجاح البرامج الحوارية بعرض ما يزيد نسبة القراءة والمشاهدة وكما قلت سابقا فى كثير من المواضيع قد تبعد الشعب عن الهدف الرئيسى ونسيت أو تناست، وسائل الإعلام خدمتها الرئيسية وهى خدمة السياسة وتوعية الشعب وتذكيره دائما بالقيم العليا فمثلا العمل بأمانة والعطاء من أجل الآخر والوطن، وأعطى مثالا على ذلك الصحف وبرامج الفضائيات تتكلم عن موضوع الزبالة وتتبارى وسائل الإعلام بإظهار فشل المسئولين عن البيئة والوزراء ومهاجمة المحافظين والمحليات ولم أجد برنامجا واحدا لتوعية المواطنين عن ضرورة عـدم إلقاء القمامة فى الشارع أو فرزها وكيفية جمعها فى أكياس إلى آخره وأن النظافة من الإيمان ومن التحضر. وبوسع وسائل الإعلام أن تساهم فى علاج المشكلات وتسليط الأضواء على أسبابها وكيفية تلافيها ومن هنا تكون وسائل الإعلام بالفعل أداة ذات فاعلية فى تحديد المشكلات الاجتماعية ولا ينحصر دورها فقط فى المشكلات الاجتماعية وإنما يتسع ليشمل جميع المشكلات الأخرى من اقتصادية وسياسية وثقافية.

مثال آخر: الكل يتكلم عن المرور السيئ والزحمة ولكن لا نرى برامج لتوعية السائقين عن ضرورة آداب السياقة وعدم الدخول فى الممنوع أو الوقوف فى الصف الثانى والثالث وتعطيل المواطنين الآخرين وعدم تعاطى المخدرات أثناء السياقة، وإلى آخره.

فالإعلام يساهم بقوة فى تشكيل المواقف وآراء المجتمع تجاه القضايا المختلفة التى تواجهه وفى ترسيخ القيم والمبادئ بالإضافة للدور الحيوى الذى تلعبه فى حياة الناس فالمسئولية الملقاة على عاتق الإعلام كبيرة إذ تساعد على غرس القيم الإنسانية فى المجتمع.

حقيقة الإعلام فقد دوره الإقليمى والتنويرى للشعب وركز على الصراعات والفضائح الشخصية التى ليست لها أهمية لأن الأهم هو بناء الوطن، كما يطلب منا السيد الرئيس ليلا ونهارا، وأصبحت البرامج تتنافس حتى ما بين المذيعين فمن صوته أعلى من الآخر ومن يتجرأ فى إصدار اصوات وإيحاءات تخرج عن الآداب العامة لترفيه بعض المشاهدين.

لا وألف لا أيها الزملاء الأعزاء مهما وضعنا من مواثيق شرف فهذه لا تجدى إذا فقدنا الهدف الأساسى والأسمى والقيم التى نريدها لشعبنا وخاصة الشباب وأن يتربى عليها لرفعة وطننا.

الأب رفيق جريش الأب رفيق جريش
التعليقات