إبليس جانا.. وفرحنا به - حسام السكرى - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 7:29 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إبليس جانا.. وفرحنا به

نشر فى : الأحد 3 مايو 2015 - 9:25 ص | آخر تحديث : الأحد 3 مايو 2015 - 9:25 ص

منذ يومين نشرت على صفحتى فى فيسبوك تساؤلا عابرا كان نصه: (إنت ليه بتقول: اللهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين؟، أو اللهم ارحم أموات المسلمين؟ ما ينفعش توسع الدعوة وتاخد غير المسلمين فى إيدك بالمرة؟ حضرتك بتبقشش رحمة من جيبك؟ واللا كميتها محدودة وخايف تخلص قبل ما تاخد نصيبك؟ مش رحمة ربنا «وسعت كل شىء» برضه؟

بحبح شوية على عباده يا عم الحاج.. دول كلمتين دعا، مش أوردر كنتاكى خايف تحاسب عليه من جيبك!!).

فهم كثيرون ما قصدته وتجاوبوا معه بشكل طيب. وقال بعضهم إن السؤال أرقه ربما منذ سنوات الطفولة. أما المدهش فكان الهجوم الحاد من مسلمين من مختلف الجنسيات، والخلفيات ومستويات التعليم، ينعم بعضهم ببحبوحة العيش فى بلاد الشرك والمشركين. يقاسمونهم جنتهم على الأرض، فيما يأبون أن يشاركهم هؤلاء، فى جنة توهموا احتكارها لأنفسهم فى الآخرة.

ترسانة من الحجج يستند أصحابها مرة على الأحاديث ومرات على نصوص القرآن، بهدف تأكيد نقاط يرونها بديهية: الجنة حكر على المسلمين، والرحمة لا تجوز إلا عليهم بحكم النصوص. كل البشر فى النار، إلا شعب الله المختار من المؤمنين بالإسلام، ومن يعترض على ذلك يكون مخالفا للدين كما أنزله الله.

لن أخوض كثيرا فى مسألة أن الاستعانة بنص القرآن، تحيل المطلق المفترض إلى نسبى. نزلت آيات الكتاب الحكيم على رسول الله فى سياق معين، والافتراض بأن سياقا آخر يماثل السياق الأصلى بما يقتضى فهم النص فى إطاره، هو اجتهاد بشر قد يخطئ وقد يصيب. الاختلاف فى هذه المسألة ليس اختلافا مع النص، ولكنه اختلاف مع من يختار السياق أو يعتقد بتشابهه أو مماثلته. كلام بديهى يتجاهله كل من يحاول إرهابك بقوله «ده مش كلامى ده كلام ربنا».

المدهش حقا هو الوضح المنحرف والشاذ الذى نعيشه، والذى صار من المعتاد معه أن تتم شيطنة كل من ينفى عن الإسلام شبهات العنصرية وكراهية غير المسلمين. إذ صار مألوفا، أن يكون جزاء ذلك اتهام المدافعين بأنهم «كارهون للإسلام» و«موالون للكفار» ومخالفون للمعلوم الصريح من الدين.

أما المروجون للعنصرية والكراهية، والإقصاء، فهم ويا للغرابة، «أسود الإسلام» والمدافعون عنه! يرفعهم البعض إلى مراتب التقديس فى انصياع كامل لتفسيراتهم الآيات والأحاديث، وتصويرهم للإسلام كجماعة منغلقة، تدعى الأفضلية والنقاء، وتحتكر حب الخالق، وتكره أن تتسع رحمته لباقى البشر.

الإيمان بإنسانية الإسلام مبدأ قبل أن يكون خلاصة حوار أو جدل حول متون الأحاديث أو معانى آيات القرآن. استخراج ألف آية من سياقها لا ينبغى أن يزيغ أبصارنا عن حقيقة أن رحمة الخالق العظيم وسعت كل شىء، وطالت كل إنسان بل وكل مخلوق، من نمل الأرض إلى كلابه العطشى وقططه الهائمة. ومن يشذ عن ذلك فقد ضل ضلالا بعيدا.

أحيانا نصور لأنفسنا أن الشيطان يزين رأسه بقرون حمراء ويمتلك ذيلا يخفيه تحت ملابسه. على العكس من هذا تماما. الشيطان متحدث لبق، يجيد الاستشهاد، وقص الحكايات، ولى عنق النصوص ليضل الناس عن مرامى الدين السامية ومعانيه الكريمة. وبتشجيع الشيطان اللبق، وتحت رعايته، ينتهى الأمر بالكثيرين لترويج العنصرية بحماس إيمانى عميق، وهم يحسبون أنهم يتقربون إلى الله بنفث البغض ونشر الكراهية.

التعليقات