الأزمة الكاشفة - سامح فوزي - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 3:52 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأزمة الكاشفة

نشر فى : الثلاثاء 3 مايو 2016 - 9:55 م | آخر تحديث : الثلاثاء 3 مايو 2016 - 9:55 م
فى مشهد أزمة وزارة الداخلية مع نقابة الصحفيين دلالات كثيرة، تكشف عن طبيعة الإدارة السياسية.

أولا: حتى كتابة هذه السطور (ظهر أمس الثلاثاء) لم يكن أحد تحدث، وتعارك، وتشاجر سوى طرفى الأزمة المباشرين، أى وزارة الداخلية ونقابة الصحفيين، لم تظهر مؤسسة من مؤسسات الدولة الأساسية فى الصورة، باستثناء عبارات ترددت على ألسنة طرفى الأزمة انفسهم. قال أحد الصحفيين «أن الرئاسة غير راضية»، وقال آخر أن «رئيس الوزراء والوزراء لم يكونوا على علم بما حدث»، فى الوقت الذى تصدر فيه وزارة الداخلية بيانات، وأحاديث على لسان المتحدث باسمها، تدافع فيه عن موقفها، وتفعل الأمر ذاته نقابة الصحفيين، اللافت أن الأطراف الدولية كانت أسرع للإعراب عن وجهة نظرها (السلبى والنقدى تجاه ما حدث) من المؤسسات السياسية المصرية.

ثانيا: الأزمة، شأنها شأن أزمات أخرى مشابهة، لها أكثر من وجه. هناك وزارة الداخلية، التى يبدو أنه لا يزال لديها مرارات خاصة تجاه ما حدث فى 25 يناير فيما يشبه «الجرح المؤسسى»، لم تحدث مصالحة حقيقية لإعادة بناء علاقات مع المجتمع السياسى، نراها فى تعليقات ضباط سابقين وشباب ضباط حاليين على مواقع التواصل الاجتماعى، التى باتت كاشفة لنفسية المصريين، وهناك على الجانب الآخر تطلعات، وطموحات، وخصومات، ومزاحمات الجماعة الصحفية ذاتها، ورغبة البعض فى استغلال الفرصة لتصفية حسابات مع مجلس قائم أو تيار مهيمن، وبينما يعتبر البعض ممن يتولون القرار النقابى أن الأزمة فرصة لإثبات الوجود، آخرون يرونها فرصة مواتية للإجهاز على ما هو قائم حتى لو أدى إلى تداعى النقابة ذاتها من داخلها.

ثالثا: عودة إلى الخلف، الصورة لم تتغير. سلالم النقابة المشتعلة، اعتصام بداخلها، جنود أمن مركزى خارجها، إغلاق حدودها، تضامن نقابات مهنية أخرى، زحف المعارضين إلى المشهد، وعودة «المواطنين الشرفاء» مرة أخرى إلى شارع «عبدالخالق ثروت»، وتبادل القصف بين مؤيدين ومعارضين، تقطع خطوط التواصل، وجميعها مشاهد «احتراب سياسى»، لا ينبغى أن توجد فى مجتمع شهد تحولات كبرى، ويمنى نفسه بمساحة من المشاركة، وبناء التوافقات، ووضع أسس جديدة لممارسة الحرية المسئولة.

رابعا: عودة الحديث عن الريشة التى تزين الرأس، الصحفى «على رأسه ريشه»، وغيره يرد «لا مش على رأسه ريشه»، وهو حديث من أيام مبارك يستخدم لحرمان الصحفى من وضع مقرر له بحكم وظيفته، نسمعه عندما يطالب الصحفيون بإلغاء العقوبات السالبة للحرية فى قضايا النشر، نجد على الطرف الآخر من يطالب بحبسهم، نسمعه أحيانا فى «بدل» التكنولوجية الذى يحصلون عليه، وهو دعم مالى حكومى ملتبس الصحفيون فى غنى عنه لو نالوا حقهم فى الحصول على التمغة المفروضة على الاعلانات أو جزء منها، تردد ذات الحديث فى اقتحام مبنى النقابة، الصحفيون ليسوا على رأسهم ريشة، نعم، ولكن جهات كثيرة لاعتبارات عملها تقر لها حقوق خاصة، ولم نسمع عن انزعاج المجتمع من ذلك أو اتهامهم بأنهم على رأسهم ريشة.

وأخيرا التغيير هو أسلوب وطريقة، وليس كلمة، ويبدو أن الطريقة لم تتغير، بل يراها البعض ساءت، هذا هو مصدر الاحباط، بل والقلق.
سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات