سبل إحلال السلام فى سوريا - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 1:28 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سبل إحلال السلام فى سوريا

نشر فى : الثلاثاء 3 مايو 2016 - 10:00 م | آخر تحديث : الثلاثاء 3 مايو 2016 - 10:00 م
نشرت صحيفة الجارديان البريطانية مقالاً يتناول الوضع المأساوى الذى تشهده سوريا فى الوقت الراهن. حيث أخلت قوات الأسد باتفاقية وقف إطلاق النار، وارتكبت أعمالاً وحشية خلفت المزيد من الضحايا. ويشير المقال إلى دور الأمم المتحدة فى حل الأزمة السورية من خلال مؤتمر جنيف، كما أشار إلى تجاهل الأنظمة العربية الشديد لما يجرى فى سوريا وحلب، وأكد ضرورة تدخل الرئيس الأمريكى باراك أوباما لمحاولة حل الأزمة المتفاقمة فى سوريا.

يشير المقال فى بدايته إلى خيبة توقعات البعض ممن استبعدوا إمكانية حدوث أية تطورات سيئة فى سوريا؛ حيث ازداد الوضع شراسة أخيرا؛ وذلك بعد إخلال القوات النظامية باتفاق وقف العمليات العدائية منذ نهاية الأسبوع الماضى وارتكابها أعمالاً وحشية نتج عنها عدد كبير من القتلى والمصابين، فى مدينة حلب تم قصف أحد المستشفيات وخلف ذلك أكثر من 27 قتيلاً ما بين أطباء وأطفال. وبشكل عام فإنه حتى قبل وقف إطلاق النار والإخلال بتلك الهدنة فقد كانت القوات الجوية التابعة لنظام بشار الأسد تقوم باستهداف المدنيين فى كل من المدارس والأسواق والمستشفيات، ولكن ما تغير الآن أن ذلك النظام بات مدعوما من قبل روسيا مما عزز من ثقله وقت هدنة وقف إطلاق النار ولكن النظام ينكر ذلك.

وقد لاقى الوضع المأسوى بحلب اهتماما بسبب تسليط مسئولى الأمم المتحدة الضوء عليه لرفع مطالبهم إلى الولايات المتحدة والأطراف الفاعلة من أجل إنقاذ محادثات السلام التى تجرى بسويسرا. وفى ذلك الإطار فقد وصل مستوى العنف إلى معدلات مرتفعة ومقلقة أكثر مما كانت عليه قبل وقف إطلاق النار. وفى ذلك الصدد صرح زيد رائد الحسين ــ مسئول حقوق الإنسان بالأمم المتحدة ــ أن هناك عدة تقارير تشير إلى نتائج مقلقة للغاية عن إمكانية حدوث تعبئة وحشد عسكرى خلال الفترة المقبلة بسوريا مما ينذر باحتمالية وقوع المزيد من الأعمال الوحشية. وأضاف أن محادثات جنيف باتت الخيار الوحيد لحل الأزمة فى هذه المدينة ــ حلب ــ وإذا ما تم التفريط بتلك المحادثات فسوف يحدث المزيد من أعمال العنف بالمشهد السورى الراهن.

***

أضاف المقال أن هناك تقارير توضح الأزمة التى يمر بها الشعب السوري؛ حيث يقوم نظام الأسد بتجويع المواطنين ومحاصرتهم فى كل مكان بالبلاد، فقد تم حرمانهم عمدا من الطعام والدواء، مما يؤكد أن البلاد تواجه أكثر الظروف صعوبة على الإطلاق. وقد صرح ستيفن أوبراين ــ مسئول الإغاثة بالأمم المتحدة ــ بأنه لمن الخزى والعار أن تحدث كل هذه الانتهاكات بسوريا على مرأى ومسمع من الجميع، مشيرا إلى الوضع المزرى غير الإنسانى بحمص وإدلب واللاذقية وريف دمشق. فيما أكد أنه بسبب الوقف الجزئى لإطلاق النار فقد تمكنت الأمم المتحدة من إرسال معونات غذائية إلى نحو 3.7 مليون سورى، وقد وصل عدد القوافل العابرة للحدود إلى ضعف عدد الأشخاص بالمقارنة بمن تلقوا مساعدات خلال نفس الفترة من عام 2015.

ولسوء الحظ فإن ذلك التقدم المحدود بسوريا ــ المتمثل بإرسال المساعدات ــ بات فى خطر الآن بسبب تجدد القتال مع قوات الأسد وقيام هذه القوات بعرقلة قوافل المساعدات، فقد استولت السلطات السورية الأسبوع الماضى على الأدوية الموجودة بقافلة الإمدادات والمساعدات «الرستن» ــ التابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر السورى والأمم المتحدةــ مما أدى إلى تفاقم الوضع وزيادة الخسائر فى الأرواح، وبالطبع الوضع الراهن لا يحتمل ذلك على الإطلاق. وقد أكد أوبراين أن حرمان الأفراد من الإمدادات الطبية خلال أوقات الحروب يعد خرقا صارخا للقانون الإنسانى. ومع تكرار ذلك الأمر فلا توجد أية أعذار ولابد من أن تتم محاسبة هؤلاء المسئولين عن ذلك الجرم ولابد أنهم يوما ما سيدفعون ثمن هذه الجرائم التى يرتكبونها، وبكل أسف فلن تجدى مبادرات ووعود كل من مسئولى الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة ووزراء الحكومة والنواب والصحف، ما لم تقم الأطراف الخارجية الفاعلة بتحمل المسئولية والتوقف عن السعى للسلطة والنفوذ، وفى مقدمتهم روسيا وإيران الداعمين الأساسيين للأسد، بل وستتم مقابلة كل ذلك بالتجاهل والازدراء، كما حدث خلال الخمس سنوات المنصرمة.

وبحسب المقال فإن إعلان بوتين فى مارس 2016 عن سحب قواته من سوريا لم يكن إلا خدعة من أجل تهدئة الرأى العام بالداخل وتجنب الانتقادات الدولية تجاه القصف الروسى العشوائى، ونتيجة لتزايد المخاوف والقلق على الوضع بحلب فقد صرحت موسكو أنها سوف تدعم النظام ولكن بشكل محدود ومؤقت. وفى ذلك الصدد سيكون من السذاجة الاعتقاد بأن بوتين صادقا؛ فلا يوجد أية أدلة على أن أهداف روسيا بالاحتفاظ بقواعدها بسوريا قد تغيرت، فهى لن تتنازل عن نفوذ موسكو بالشرق الأوسط، وبالرغم من أن عملياتها قلت فإنها لا تزال تعمل على حماية الأسد. وبالمثل تظهر القيادة الإيرانية فى المشهد السورى، نظرا لأهمية تلك الخطوة بالنسبة لها لتزيد نفوذها فى المنطقة على حساب المملكة العربية السعودية ودول الخليج السنية، ومع الأسف فلا فائدة من الحديث عن أى ظهور للدول العربية من أجل إعادة السلام فى سوريا وإعادتها للمسار الصحيح؛ فتجمعهم معا له سجل يرثى له.

***

وأخيرا أشار المقال لتصريح السفير ستيفان دى ميستورا ــ مبعوث الأمم المتحدة لدى سوريا ــ إلى أن على الولايات المتحدة أن تقوم بالتعاون مع أوروبا من أجل تقديم الدعم اللازم لحل الأزمة السورية. وفى السياق ذاته فقد ألمح أوباما ــ خلال قمة هانوفر الأسبوع الماضى ــ أنه لا فائدة من الإنفاق على وضع غير قابل للحل؛ فرؤية أوباما تقضى بضرورة ترك الوضع لمجراه وظروفه. ولكن من الناحية العملية والإنسانية فيجب على أوباما أن يتحرك، قد يكون أوباما غير قادر على حل الوضع بسوريا، ولكنه يستطيع إعادة الأطراف إلى مباحثات جنيف وجعل الأطراف تلتزم باتفاق وقف إطلاق النار والحد من المذابح ــ التى ترتكب كل يوم بحق السوريين، وربما يمكنه عقد اتفاق مع موسكو حول مستقبل الأسد، الذى ارتكب العديد من الأخطاء فى الماضى وما زال يرتكبها حتى الآن. فالشعب السورى الذى يتم تدميره يوما بعد الآخر يستحق أن تتم هذه المحاولة لإنهاء الوضع الراهن.
التعليقات