دولة «الصوت الواحد» - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 3:02 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دولة «الصوت الواحد»

نشر فى : الجمعة 3 يونيو 2016 - 10:00 م | آخر تحديث : الجمعة 3 يونيو 2016 - 10:00 م
«الحرية التى حصل عليها الصحفيون والإعلاميون فى عهد الإخوان، لم تحدث على مدى التاريح، ولم يتدخل النظام وقتها لقصف قلم أو محاصرة وسيلة إعلامية، ولم تكن هناك حدود لحرية الرأى والتعبير، والرئيس الأسبق محمد مرسى، كان هدفا دائما للنقد العنيف، الذى وصل فى أحيان كثيرة إلى حد التجريح، لكنه لم يغضب أو يرفع سيفه ضد منتقديه».

الكلام السابق بعض مما يتم ترديده بقوة الآن على مواقع التواصل الاجتماعى، فى ضوء التطورات المتلاحقة للأزمة التى وصلت إلى حد التعقيد، بين الحكومة والجماعة الصحفية، على خلفية واقعة احتجاز نقيب الصحفيين وعضوى مجلس النقابة، وتقديمهم لمحاكمة عاجلة أمام محكمة الجنح اليوم السبت، فى قضية اتهامهم بإيواء متهمين والتستر عليهم.

ورغم أن هذا الكلام الذى يتم ترديده غير صحيح، ومحاولة للاصطياد فى الماء العكر، خصوصا اننا جميعا نتذكر كيف كان حال الاعلام والصحافة فى عهد «الإخوان»، وكيف تمت محاصرة مدينة الانتاج الاعلامى، واضطرار عدد من القنوات إلى تسويد شاشاتها؟، بل ان بعض الصحفيين تعرضوا للقتل على يد عناصر الجماعة مثل الزميل الشهيد الحسينى أبوضيف، الا انه ينبغى على الحكومة، ان تنتبه جيدا لخطورة هذا الكلام، وتسأل نفسها عن المكاسب التى ستحققها فى معركة «كسر العظم» الحالية مع الصحفيين؟.

بالتأكيد لن تحقق أى مكاسب، بل ان هذه المعركة تسببت بالفعل فى خسائر فادحة للدولة المصرية، وسمعتها فى المجتمع الدولى، ويكفى على سبيل المثال، ان الاتحاد الأوروبى الداعم الأكبر سياسيا وعسكريا لمصر فى هذه المرحلة، أصدر بيانا حادا على لسان المتحدث باسم الممثلة العليا للسياسة الأمنية والخارجية للاتحاد فيدريكا موجيرنى، جاء فيه ان: «توجيه الاتهام لنقيب الصحفيين هو تطور يُقلق، ويعكس قيودا أوسع على حرية التعبير وحرية الصحافة فى مصر، التى عليها أن تعمل وفقا لالتزاماتها المحلية والدولية على تعزيز واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية على النحو الذى يكفله الدستور المصرى».

ولم تقتصر الادانة فقط على الاتحاد الأوروبى، بل امتدت أيضا إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون، الذى أعرب عن القلق من الاتهامات الموجهة إلى يحيى قلاش ورفاقه، كما ان منظمة العفو الدولية، وصفت ما حدث بأنه «الهجوم الأبرز ضد وسائل الإعلام بالبلاد منذ عقود، ويظهر التصعيد الخطير للقيود الهائلة على حرية التعبير بمصر».

كيف يمكن للحكومة المصرية، ان تقنع المجتمع الدولى بقدرتها على احداث التحول الديمقراطى، الذى يعد الضمانة الحقيقية للاستقرار فى البلاد، وهى تشن هذه الحملات العنيفة على الحريات العامة؟ وكيف لها ايضا ان تقنع المستثمرين الاجانب بالقدوم والمشاركة فى المشاريع الاقتصادية، وسجلها الحقوقى يزداد سوءا يوما بعد يوم؟، بل كيف يمكن لمسئول مصرى ان يرد على انتقادات أى مسئول غربى، لملفنا فى حقوق الإنسان، ونحن نشوه صورة بلدنا بالمجان؟.

هذا على الصعيد الخارجى، أما على المستوى الداخلى، فما الذى يمكن ان تستفيده الحكومة من «ترحم» البعض ــ حتى لو كانوا قلة قليلة ــ على وضع الصحافة والإعلام فى عهد «الإخوان»؟، ومن لديه المصلحة فى تفتيت جبهة 30 يونيو، التى كان الإعلام أحد أركانها الرئيسية؟ وهل ستستمر هذه الممارسات من دون ان يتدخل «رجل رشيد»، للعمل على تهدئة الأوضاع ومنع اشتعال حرائق جديدة فى البلاد؟.

تستطيع الحكومة بالفعل ان تسجن نقيب الصحفيين، لكنها لن تتمكن من فرض الصوت الواحد على الجميع، فدولة الصوت الواحد ليس لها مستقبل، كما ان الحكومة لن تستطيع ان تقنع الكثيرين بسعودية تيران وصنافير حتى لو «تخلصت من كل الوثائق والخرائط التى تثبت مصريتهما»، مثلما لا تستطيع ان تقنع المواطن البسيط، بان «كيلو البانيه لم يصل سعره إلى 83 جنيها».
التعليقات