حفل استقبال لجورج فى قصر الموحودية - حسام السكرى - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 9:12 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حفل استقبال لجورج فى قصر الموحودية

نشر فى : السبت 3 يونيو 2017 - 9:30 م | آخر تحديث : السبت 3 يونيو 2017 - 9:30 م

وصلتنى هذه الرسالة بالإنجليزية.. أنشر ترجمتها هنا عملا بمبدأ حرية الرأى:

جورج غاضب.


ولعلمى بما يربطكما من صداقة رأيت أن أبعث بهذه الرسالة عسى أن يكون هناك ما يمكنك عمله.


بداية لابد أن تعلم أننى لا أقر جورج تماما فى كل أفكاره على الرغم من أننى شخصيا قد أكون نتيجة لها. ومن متابعتى لما تكتب من خلال خاصية الترجمة فى فيسبوك لابد لى من الإقرار بأن هناك لمحة ما من العبقرية تشوب الطريقة التى تدار بها الأمور لديكم بما يتجاوز أى أفكار يقول جورج إنكم انتحلتموها منه.


هو يعتقد على سبيل المثال أنكم سرقتم وبفجاجة شعارات وزارة الحقيقة الثلاثة: الحرب هى السلام، الحرية هى العبودية، الجهل هو القوة. وهو فى رأيى مبالغ. لقد تجاوزتم ببراعة هذه المرحلة ولم يعد لديكم أى احتياج للمواربة، وهو ما يلخصه شعار: تحيا العبودية والجهل ولتدم الحرب سبوبة.


هذا فى رأيى أكثر اتساقا مع توجهكم نحو «الحلحلة» أى إعفاء الدولة من اختصاصاتها وتحويل نشاط الوزارات الأساسية لما يناسب المرحلة الجديدة. ولا شك لدى فى أنكم ستغيرون اسم ونشاط وزارة الصحة قريبا إلى وزارة التسول للصحة، ووزارة التعليم إلى وزارة التسول للتعليم.. وهكذا.
بمرور الوقت لن يكون هناك احتياج للإنفاق على كل هذه الوزارات بما يسهل تحويل مجلس الوزراء إلى هيئة الإعلان الوطنية للتسول الخيرى. وهى الهيئة المسئولة عن حملات الدعاية والحث على التبرع من أجل الوطن.


لا أخفيك أن أكثر ما يثير إعجابى هو ما يخص عملى فى وزارة الحقيقة حيث أضطر للعمل بدأب لإعادة صياغة التاريخ بما يلائم الواقع. وهو ما يقتضى كثيرا من البحث إضافة إلى إحراق عشرات الآلاف من الوثائق المطبوعة وإعادة نسخها ونشرها بعد التعديل. الأمر مجهد لأن حاضرنا متغير وعلاقاتنا مع دولتى أوقيانيا وأوراسيا تتبدل، نعادى هذه مرة ونتحالف مع تلك مرة، بما يضطرنا لإعادة كتابة التاريخ ومحوه بشكل مستمر.


الحل العبقرى الذى وصلتم إليه يمكن أن يسهل علينا الكثير فى وزارة الحقيقة. لقد دمجتم أوقيانيا وأوراسيا فى دولة واحدة هى الولايات المتحدة التى أصبحت عدوا وصديقا فى الوقت ذاته. لا توجد هنا حاجة لإعادة كتابة التاريخ لأن الزمن لم يعد عاملا يعول عليه وكل شىء يقال فى كل وقت.


لا تعارض لديكم بين «الحقائق» المتناقضة، ليس لغياب التناقض ولكن لأنكم لا تأبهون البتة. أمريكا حليف تخضعون له، وتنعمون بعطاياه، وتسعون لرضائه، وتلجأون إليه لحمايتكم من أنفسكم. فى الوقت ذاته هى العدو الذى يحيك المؤامرات ضدكم، ويرسل الأساطيل لحصاركم، ويحرك الثورات فى شوارعكم. يمكنكم إذن قول أى شىء مهما كان متناقضا مجافيا للمنطق والواقع، ولا حاجة بكم لإدارة مثل إدارتنا لتزوير التاريخ أو إعادة كتابته. عبقرية!


لقد ضحك جورج كثيرا عندما حكيت له قصة الجزيرتين وكيف أن الحقائق والوثائق كلها موجودة والمسئولون وعملاء الترويج فى وزارة الحقيقة يتحدثون عن الصفقة بكل شفافية أمام الناس. لا توجد حاجة البتة لحرق وثائق أو إعادة كتابة. ضحك حتى دمعت عيناه، ثم تغضن وجهه فجأة وسمعته يغمغم: الأوغاد.. لو كتبتها لقالوا إنها مبالغة!


ما يقلقنى هو قصة مواقع الإنترنت التى قرأت أنكم تحجبونها موقعا بعد الآخر. لا داعى للبلبلة كما أنه لا داعى للإنترنت. لا حاجة بكم لتضييع الوقت ولا حتى لكل هذه القنوات التليفزيونية التى يغلب عليها التضارب والارتباك. قناة واحدة تكفى. هناك الكثير مما يمكن توفيره لصالح إقامة مؤسسات الرعاية ودعم الشعب. اللعنة.. ما زلت متأثرا بلغتنا الجديدة! أقصد عليكم إقامة المزيد من السجون. من الأفضل تحويل استثمارات الإنترنت والاتصال والتوجيه الإعلامى والرقابة لبناء المزيد من السجون، خاصة أن الناس لديكم بدأوا يقرأون، وبعضهم ظهرت عليه علامات التفكير.


لا يوجد لدى ما أقدمه من نصائح إذ لا شك لدى فى أنكم سائرون على الدرب بنجاح. فقط أدعوك للتفكير فى إعادة الاعتبار لجورج. وحتى مع اعترافى بأنكم تجاوزتم حدود خياله، فلابد من الإقرار بأنه وضع اللبنات الأولى لنجاحاتكم.


متأكد أنك ستتمكن من عمل شىء ما، حتى ولو كان حفل استقبال بهيج يقيمه الملك فى قصر الموحودية.

ملحوظة: عند إرسال الدعوة احرص على وضع اسم العائلة على الغلاف. ويفضل أن تكتب أورويل بالحروف اللاتينية لتسهيل مهمة ساعى البريد.

المخلص
ونستون سميث ــ شاشة الرصد
1984، الصفحة 132، بجوار كشك السجائر

 

التعليقات