سؤال ساذج: أين الأحزاب؟! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 3:13 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سؤال ساذج: أين الأحزاب؟!

نشر فى : الأحد 3 يوليه 2016 - 8:20 م | آخر تحديث : الأحد 3 يوليه 2016 - 8:20 م
السؤال أعلاه «أين الأحزاب» ليس تربصا أو تصيدا أو سخرية. هو سؤال برىء وساذج فعلا، خطر على عقلى عفو الخاطر، وأنا أفكر فى الأسباب التى أوصلتنا إلى هذه الحالة.

تعيش مصر حالة صعبة من جمود السياسة التى تقترب من الموات الكامل، والأسباب لذلك كثيرة متعددة.

اليوم سنركز على الدور المفترض الذى كان يجب على الأحزاب أن تلعبه فى هذا الإطار.

لو كان لدينا حياة سياسية حقيقية، فربما ما كنا قد وصلنا إلى هذه المرحلة الصعبة.

أحد الأركان الرئيسية للحالة السياسية هو الحياة الحزبية النشيطة، وواقع الحال يقول إنه لا يوجد لدينا حياة حزبية نشيطة أو حتى ضعيفة.

فى الشهور الأخيرة شهدت مصر العديد من الأزمات الكبرى، التى هددت أمن واستقرار المجتمع من أول الأزمة الاقتصادية الخانقة وارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه، وارتفاع الأسعار، مرورا بقضية تيران وصنافير، ونهاية بالصدام بين الشرطة والعديد من فئات المجتمتع خصوصا النقابات. فى كل هذه الأزمات لم نر دورا فاعلا للأحزاب، بل لم نسمع صوتا مؤثرا لها من الاساس.

لا أقصد بطبيعة الحال بيان هنا، أو إدانة هناك، من هذا الحزب أو ذاك، بل أقصد الفاعلية والتأثير التى تحل المشكلات وتفك الازمات وتهدئ الاجواء.

راهنا كثيرا على دور للأحزاب المدنية خصوصا بعد دورها فى تشكيل جبهة الإنقاذ التى لعبت دورا مهما فى إسقاط جماعة الإخوان فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣ .

اعتقدنا واهمين أن الأحزاب سيكون لها دور كبير فى الانتخابات النيابية التى جرت نهاية العام الماضى. نظريا فإن نصف نواب البرلمان تقريبا حزبيون، لكن عمليا نعرف ويعرف قادة الأحزاب أن غالبية هؤلاء ليسوا حزبيين، بل وضعوا شارة الحزب على بطاقات ترشحهم لأسباب متعددة.

دور الأحزاب ضعيف جدا داخل البرلمان، بل هناك أعضاء ينسقون مع الحكومة من وراء ظهر أحزابهم، وأعرف أمثلة كثيرة آخرها فى كيفية التصويت على الموازنة الأخيرة.

ضعف وهامشية الأحزاب جعل أجهزة الأمن تتحمل عمليا الجانب الأكبر من المسئولية، لو أن هذه الأحزاب فاعلة فربما ما نشأت مشاكل كثيرة، أو كانت مجرد أورام حميدة يسهل علاجها بدلا من تحولها إلى خبيثة، والسؤال: هل المسئولية تتحملها فقط الأحزاب؟!

للأسف لا، فمن الواضح أن الحكومة وأجهزتها ما تزال تعمل بنفس طريقة حسنى مبارك، أى حصار الأحزاب وإضعافها وعدم مساعدتها على أن تكون قوية، أو حتى تتركها فى حالها لكى تقوى.

ومن سوء حظ مصر والمصريين فإن التحالف بين رغبة الحكومة فى تدمير العملية السياسية أو عدم تقويتها، وضعف الأحزاب الفاعلة، لأسباب متعددة، أوصلنا إلى هذه الحالة المزرية التى تجاوزت حتى الأيام الأخيرة لحكم مبارك حينما اقتصر نشاط الأحزاب على صحيفة تصدر أو لافتة على مقر الحزب، وصور مع هذا الوزير أو ذاك. الآن فإن مصالح قادة الأحزاب الشخصية، وخوفهم من «العين الحمراء» للحكومة، جعلتهم يتناسون تماما مصالح الناس التى تدعى الأحزاب أنها تدافع عنها.

للمرة المليون، لو أن الحكومة والأجهزة تدرك مصلحتها فعلا، لكان عليها مساعدة الأحزاب المدنية على أن تكون قوية وفاعلة ومنظمة، حتى لو أصاب ذلك الحكومة ببعض الصداع والقلق ووجع الدماغ، لان الثمن الفادح هو ان تستيقظ الحكومة ذات صباح لتفاجأ بأن البديل الوحيد هو بعبع المتطرفين.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي