«الجماعة 2».. الحاضر من خلال التاريخ - محمود عبد الشكور - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 9:15 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«الجماعة 2».. الحاضر من خلال التاريخ

نشر فى : الخميس 3 أغسطس 2017 - 8:45 م | آخر تحديث : الخميس 3 أغسطس 2017 - 8:45 م
أسوأ قراءة لحلقات «الجماعة 2» أن يقال: إنها عمل تاريخى عن الماضى، بينما هى فى رأيى عن الحاضر المعاصر، فكل التفاصيل تم استدعاؤها لكى يقول وحيد حامد رأيه عن الجماعة وجماعات التأسلم السياسى اليوم، وعن الأمس القريب فى مصر المحروسة، وليس عن الأمس البعيد. 
والملاحظة الأهم بالنسبة لى، على حلقات «الجماعة 2»، هى هذه التفاصيل المعلوماتية المكثفة، والمشاهد الحوارية الطويلة، التى خصمت من رصيد الدراما، إننا تقريبا أمام أفكار تناطح أفكارا، مما جعل السرد شديد الجفاف، بعكس الجزء الأول الذى كانت الأفكار تتسلل فيه من خلال شخصيات حية متطورة، ومواقف إنسانية، ودراسة اجتماعية شاملة.
أما مسألة الجدل حول الوقائع التاريخية، فى الجزء الثانى، فهو متوقع تماما، ولكن انتماء العمل (أى عمل) للدراما التاريخية، لا يعنى أننا أمام التاريخ نفسه، ولكننا أمام وجهة نظر صناع العمل فيما قرأوه من تاريخ، هذه هى القاعدة المهمة، ليس ما رأيناه هو التاريخ وفقا لمنهج صارم يريد أن يكون موضوعيا، فلا حياد ولا موضوعية فى الفن، ولكنه التاريخ كما يراه كاتب المسلسل، ووفقا لما صدقه واطمأن إليه مما قرأ، الفن رؤية «ذاتية» لكل شىء، بما فى ذلك ما اصطلحنا على تسميته بالتاريخ.
لا يعقل أن يكون وحيد حامد قد استخدم كل المراجع التى أشار إليها فى النهاية، ولكنه اختار منها ما يطرح رؤيته التى هى امتداد للجزء الأول، فالجماعة الدعوية تحولت إلى جماعة سياسية بامتياز، تراهن على أطراف سياسية بعينها، وقد يستخدمها الملك أحيانا لضرب حزب الوفد، والجماعة ما زالت ترسخ مبدأ السمع والطاعة، وتحاول أن تخترق المجتمع من أعلى إلى أسفل، فى كل موقع وفى كل مكان، واستخدام السلاح صار أمرا عاديا بعد سطوة النظام الخاص ورجاله، وكأنه جناح عسكرى صريح للجماعة.
ووحيد حامد يستخدم مصطلحات معاصرة عمدًا مثل «الخلايا النائمة» و«السيارات المفخخة»، وهى بالقطع مصطلحات لم تكن مستخدمة وقتها، لكى يقول: إن المنظمات المتأسلمة الحديثة التى تستخدم العنف، خرجت من رحم جماعة الإخوان، وإن الاختلاف فقط فى التسمية، وليس فى المضمون، فالجماعة نظام مغلق ومحكم، ومن السهل استخدام مفهوم الجهاد لتبرير العنف، والهدف ليس الدعوة، وإنما السلطة.
والأهم من كل ذلك، هو تكرار الجماعة لأبرز أخطائها، وهو تضخم الشعور بالقوة، والاعتقاد بأنها تمثل كل المصريين، وبالتالى تتكرر إساءة تقدير الموقف، فتخسر دوما كل المواجهات مع الدولة، ثم ينغلق القوس فى الجزء الثانى على خروج الفكر التكفيرى من قلب الجماعة من خلال سيد قطب، كما تظهر شخصية شكرى مصطفى مؤسس جماعة التكفير والهجرة، الذى كان إخوانيًا سابقًا.
هذه هى الخطوط العامة التى قرأ من خلالها وحيد حامد تاريخ الإخوان، وعلى أساسها جاء اختيار الأحداث التاريخية، لتصنع دراما المسلسل. ربما كان هناك إسراف فى التفاصيل، وربما افتقدنا وجود الشعب فى هذا الصراع بين السلطة والإخوان، سواء فى عهد فاروق أو فى عهد عبدالناصر، وكان وجود الشعب ضرورة فنية، تخفف من جفاف الوقائع والتحقيقات التى وصلت إلى درجة مزعجة فى آخر حلقتين، وتدل على أمر مهم جدا هو أن أغلبية الشعب لم تكن مع الإخوان لا فى عهد فاروق، ولا فى عهد عبدالناصر، وبالتالى يتضح فساد نظرية الإخوان فى التعامل مع السلطة رأسا برأس.. 
ولكن الحديث عن الحاضر والمعاصر من خلال الماضى، لم يفلت أبدا من وحيد حامد.
محمود عبد الشكور كاتب وناقد سينمائي وأدبي مصري
التعليقات