عن تراجع مؤسف - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 4:15 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عن تراجع مؤسف

نشر فى : الخميس 3 سبتمبر 2015 - 12:35 م | آخر تحديث : الخميس 3 سبتمبر 2015 - 12:35 م

تتوالى فصول مأساة العرب المعاصرين وتتنوع مسارحها من سوريا والعراق إلى اليمن وليبيا، ونحن على حالنا فى مصر بالغى الانكفاء على أوضاعنا الداخلية وبالغى التورط فى إنتاج المزيد من الضجيج والصخب بشأن قضايا جزئية وصغيرة.

ليس لدى تفسير آخر للتجاهل الصادم لكثير من الصحف المصرية للكارثة الإنسانية فى سوريا والعراق، لامتناعها عن تناول الدمار الذى تنزله الحرب باليمن، للصمت المريب عن تدهور الوضعية الأمنية والسياسية والمجتمعية فى ليبيا.

ليس لدى تفسير آخر لاستقالة الصحف المصرية من اهتمامها التقليدى بالإقليم المحيط بنا وبتحولات سياسة قواه المؤثرة من تركيا وإيران إلى بعض الدول العربية، لانسحابها من مهمة إخبار الرأى العام المحلى بمجريات الأوضاع الإقليمية وتداعياتها المحتملة علينا، لهجرها مسئولية مخاطبة الرأى العام العالمى بموضوعية ومهنية تمتد من الشأن المصرى إلى جميع الشئون العربية والشرق أوسطية.

ليس لدى تفسير آخر للمحدودية البالغة وللتهافت الشديد للمادة الصحفية المنشورة عن كارثة ملايين اللاجئين السوريين التى أضحت قضية الساعة فى أوروبا وعنوان أزمة عالمية، عن تفاصيل تهجير مسيحيى العرب الذين تنزل بهم عصابات الإرهاب صنوفا من المظالم والانتهاكات وتمتنع نظم الحكم الطائفية عن حمايتهم، عن همجية داعش والوحشية التى تقتل بها الأبرياء وتدمر بها تراثا إنسانيا عظيما.

ليس لدى تفسير آخر للمفارقة المؤسفة بين صحف أمريكية وأوروبية تواصل نشر التحقيقات الاستقصائية والتقارير الحافلة بالمعلومات الموثقة عن أوضاع اللاجئين السوريين وعذابات ارتحالهم إلى أوروبا بحثا عن البداية الجديدة وعن القيمة التاريخية والفكرية والمعمارية لبالميرا / تدمر التى تدمرها داعش وعن حقائق الأمور فى اليمن وليبيا، وبين صحف مصرية تخرج يوميا على القراء وعلى الرأى العام بذات الضجيج والصخب الخاليين من المضمون عن قضايا داخلية محدودة الأهمية أو تتورط فى قبول الاختزال فى صوت للحكم والاقتصار على الاحتفاء بالرأى الواحد والموقف الواحد.

ليس لدى تفسير آخر لأن تستدعى الصحف الأمريكية والأوروبية علماء التاريخ والعمارة والمتخصصين فى الحضارات الشرق أوسطية القديمة لكتابة مقالات الرأى بشأن مأساة تدمير بالميرا / تدمر وأن تستكتب علماء النفس لتفسير همجية ووحشية داعش التى تتجاوز كل ما خبرته الشعوب العربية والشرق أوسطية خلال العقود الماضية، بينما نحن فى سكون ومواتٍ حقيقيين لا يحجبهما الضجيج والصخب إلا للحظات محدودة أو لدى من استسلمت ضمائرهم لهستيريا الجهل والتطرف والاستبداد.

غدًا هامش جديد للديمقراطية فى مصر

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات