قبل أن تسقط الدولة - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 5:36 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قبل أن تسقط الدولة

نشر فى : الأربعاء 4 يناير 2017 - 9:10 م | آخر تحديث : الأربعاء 4 يناير 2017 - 9:10 م
كيف لم يتوقف من اتخذ قرار سحل واعتقال الشباب الذين خرجوا فى مظاهرة محدودة دفاعا عن مصرية جزيرتى تيران وصنافير عن الجريمة الكبرى التى يرتكبها فى حق هذا الوطن؟ فإن كانت الدولة تسحل وتسجن شبابا خرجوا يدافعون عن مصرية قطعة أرض يرونها جزءا من الوطن، فكيف لها وللقائمين عليها أن يقنعوا هذا الشباب ــ وغيرهم ملايين آخرون ــ بضرورة التضحية بالروح والدم من أجل الدفاع عن أرض الوطن فى أى وقت آخر؟.

شاهدنا ونشاهد النزاعات الحدودية بين دول العالم، لكننا لم نر أبدا حكومة تعتقل أبناء وطنها لأنهم يتظاهرون دفاعا عما يعتقدون أنها أرض بلادهم. فلن نرى الصين تعتقل الشباب الذين تظاهروا أمام السفارة اليابانية احتجاجا على ادعاء اليابان السيادة على جزر «دياويوى التى يسميها اليابانيون جزر «سينكاكو»، ولم نجد الشرطة اليابانية تسحل شبابا يابانيين يتظاهرون ضد الصين بسبب محاولاتها السيطرة على هذه الجزر، ولم نرَ قوات الأمن المركزى الكورى تعتقل شباب بلادها الذين يتظاهرون باستمرار للمطالبة بالسيادة على الجزر المعروفة باسم «دوكدو» فى كوريا الجنوبية وباسم «تاكيشيما» فى اليابان.

وحدها حكومة مصر هى التى تعاقب الشباب الذى يريد الدفاع عن أرض بلاده، وتستميت فى إثبات أن جزرا تحت السيطرة المصرية منذ أكثر من 60 عاما على الأقل سعودية رغم أن العالم ومعه الأمم المتحدة تعترف بالسيادة المصرية عليها منذ أن سحبت المنظمة الدولية جنودها من تيران وصنافير لمجرد أن حكومة جمال عبدالناصر طلبت ذلك، ولم ترد المنظمة الدولية بالقول إن الجزيرتين ليستا مصريتين وبالتالى ليس من حق مصر مطالبتها بخروج القوات الدولية منها.

ووحدها حكومة مصر، هى التى تملأ الدنيا ضجيجا حول احترام القضاء فى الصباح، وفى المساء «تعمل نفسها من بنها» وتعتمد «اتفاقية تيران وصنافير» التى صدر حكم قضائى ببطلانها، وتحيلها إلى البرلمان الذى تذكر أعضاؤه هذه الاتفاقية فجأة فقدموا طلبات إحاطة لعدم إحالتها إليه رغم مرور 8 أشهر على توقيعها.

الحكومة التى تتجاهل حكما قضائيا واضحا، وتبدى كل هذا القدر من الاستهانة فى التعامل مع قضية تنطوى على تسليم أرض خاضعة للسيطرة المصرية منذ سنين إلى دولة أخرى بمنتهى البساطة، وتعتقل وتسحل شبابا يتمسكون بهذه الأرض، هى حكومة تهدد بإسقاط الدولة المصرية.

فالدول لا تسقط بسبب وجود معارضين لسياسات الحكم ولا بسبب وجود شباب ينزل إلى الشوارع يتظاهر ضد الاستبداد أو الفساد أو التنازل عن الأرض، كما تردد الميليشيات الإعلامية والسياسية الموالية للسلطة الحاكمة فى مصر منذ 30 يونيو 2013، وإنما تسقط الدول عندما تتراجع فكرة قدسية الأرض الوطنية، وتنتهك حجية أحكام القضاء على يد السلطة وليس الأفراد، وهو ما نرى الحكومة تفعله وأكثر فى الكثير من الملفات.

تيران وصنافير مصرية، هذه هى الحقيقة التى فشلت الحكومة فى إقناع قضاة محكمة القضاء الإدارى بغيرها، وهذه هى الحقيقة التى فشلت الحكومة فى إقناع الغالبية العظمى من المواطنين بغيرها، وهذه هى الحقيقة التى اعترف ويعترف بها العالم وتنكرها حكومة مصر بكل أسف. وما حدث مساء الخميس الماضى عندما أقرت الحكومة وبشكل مفاجئ اتفاقية «تيران وصنافير» وأحالتها إلى البرلمان، كان خطوة كبيرة نحو إسقاط الدولة، فهل من رشيد يعيد الأمور إلى نصابها؟
التعليقات