مَنْ يغتال رئاسة مرسى؟ - سمير كرم - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 6:59 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مَنْ يغتال رئاسة مرسى؟

نشر فى : الأربعاء 4 يوليه 2012 - 8:30 ص | آخر تحديث : الأربعاء 4 يوليه 2012 - 8:30 ص

رئاسة الدكتور محمد مرسى مرشحة للاغتيال. إما عن عمد أو بدون قصد.

 

وتنظيم الإخوان المسلمين هو المرشح لتنفيذ هذه العملية. وللحقيقة فإن الإخوان المسلمين كتنظيم لم يلجأ فى تاريخه كله إلى اغتيال من يخرجون عن طوعه من أعضائه ــ بالأخص إذا كانوا من قياداته لا من قواعده ــ بأسلوب التصفية المباشرة. ولكنهم لا يغفرون الاختلاف معهم أبدا. ولهذا فإنه سيلجأ إلى اغتيال سياسى لرئاسة مرسى إذا قدر القادة الإخوانيون أنه خرج عن طوعهم.

 

●●●

 

لابد أن نعى أن الإخوان يعتبرون أن مرسى يدين لهم وليس لأى أحد غيرهم بالرئاسة. كانت الكتلة الانتخابية الكبيرة التى رجحت فوزه فى انتخابات الرئاسة هى كتلتهم. مع ذلك فقد بادر مرسى فى الأيام الأخيرة التى سبقت الانتخابات إلى النأى بنفسه عنهم. عندما اقترب من مقعد الرئيس وبدأ يتحدث عن النواب الذين سيختارهم وعن الحكومة وعن برنامجه العام حرصا على ألا يظهر مرشح للإخوان. لقد حرص على أن يقتل أحلام الإخوان المسلمين فى أن يكونوا فى المناصب العليا حوله. كان شديد الاهتمام بأن يتبرأ من هذا الانتماء الذى ارتبط به طوال الأعوام منذ 1975، حينما كان لا يزال فى ربيع عمره.

 

كانت استقالته من حزب الإخوان ــ الحرية والعدالة ــ إجراء سهلا وكان سهلا عليه بالمثل أن يخرج من عضوية التنظيم الإخوانى. لكن هل يكون التخلص من تربية اخوانية وثقافة عقائدية وسياسية واجتماعية بالقدر نفسه من السهولة؟ حينما يقول الدكتور مرسى انه رئيس لكل المصريين فإن أول ما يعنيه بذلك الشعار الذى ردده أكثر من غيره هو أنه ليس رئيسا للإخوان المسلمين وحدهم. وهذا أمر يدركه الإخوان جيدا. وينبغى أن نكون على يقين من أن الرئيس مرسى سيخوض عملية نفسية وذهنية شاقة للغاية وهو يحاول ان يتخلص من التزاماته وارتباطاته بالإخوان. وستجرى هذه العملية الداخلية والإخوان على مرأى منه. وفضلا على ذلك، فإن الإخوان لن يتركوه يمارس هذه العملية النفسية والذهنية بهدوء. بل إن العملية لن تكون سهلة فى أى من جوانبها على رجل عاش ثلثى عمره تحت التأثير التربوى والثقافى للإخوان المسلمين.

 

سيخوض الرئيس مرسى صراعا مريرا خلال عملية إعادة تكيف شاقة للابتعاد عن تأثير الإخوان المسلمين فى تركيبه الشخصى النفسى والعقلى والاجتماعى. وسيرقبه زملاؤه السابقون عن كثب بقدر ما سيرقب نفسه، لكن مع فارق كبير فى التوجهات هو يريد أن يؤكد لجماهير المصريين انه ابتعد ولا يزال يبتعد عن الاخوان المسلمين والإخوان يريدون أن يطمئنوا إلى ان الرئيس مرسى لم يتغير كثيرا عن «الاخ» مرسى الذى زاملوه وناضلوا معه من اجل اهداف الاخوان المسلمين العقائدية والسياسية والثقافية والاجتماعية من بدايات انضمامه اليهم وحتى اصبح رئيسا للحزب.

 

من المؤكد أن عملية إعادة التكيف التى سيخوضها الرئيس مرسى ستكون شاقة للغاية، ربما أشق من أية عملية يمارسها ضمن ممارسة مهمة الرئيس. اشق ما فى هذه العملية سيكون ذلك الجانب المتعلق بالموقف من الثورة. ولقد حرص المرشح مرسى كل الحرص فى فترة ما قبل يوم الانتخاب النهائى على أن يقترب من الثورة إلى حد التماهى معها. بل إلى حد التماهى مع أهدافها إلى درجة توحى بأنه لابد ان يكون قد فصل نفسه كلية عن اهداف تنظيم الاخوان المسلمين وهو أول وأكثر العارفين بأن اهداف ثورة 25 يناير تختلف مضمونا وشكلا، أولية وأولوية عن أهداف الإخوان كما استوعبها وتبناها وهضمها طوال سنوات انتمائه لهذا التنظيم. ولن يكون بإمكان الرئيس مرسى أن يتبنى علاقة مع اشخاص الثورة لتحل محل علاقاته مع أشخاص التنظيم الاخوانى. ليس فقط لأن اشخاص الثورة غير معروفين له تماما وهم يمثلون علاقة جديدة، إنما لأن المسافة بين رئيس الجمهورية والآخرين ــ كل الآخرين ــ ستكون بعيدة.. إلا المسافة بينه وبين زملاء التنظيم الإخوانى التى استغرقت اهتمامه لسنوات طويلة.

 

●●●

 

متى سيأتى الوقت الذى يفكر فيه الإخوان المسلمون فى اغتيال رئاسة مرسى؟ لا أحد يمكن أن يجيب عن هذا السؤال، إنما الأمر المؤكد أن هذه اللحظة آتية لا ريب فيها. عندما يصل تقدير الإخوان لسياسات الرئيس مرسى إلى النقطة التى يوقنون فيها انه نجح فى التخلص تماما من ارتباطاته بهم بما فى ذلك الاهداف التى ادوا يمين الولاء من اجل تحقيقها. وهذا سيحدث بينما قيادات الإخوان واعضاؤهم تترقب نتائج انتخاب مرسى والى اى حد اسهم ذلك فى تقريب اهداف الاخوان من التحقق. قد يحدث هذا بشكل تدريجى فى البداية، انما يمكن ــ مع ذلك ــ أن تأتى بعد التدريج صدمة. والصدمة يمكن ان تحدث اذا ما تبين للرئيس مرسى ان لا مفر من اتخاذ خطوة معينة داخلية أو خارجية لتبرهن على إخلاصه لهدف من أهداف مصر. ألا يكون من قبيل الصدمة لتنظيم الاخوان ان يصدر الرئيس مرسى قرارا يخرج السياسة الخارجية المصرية ــ مثلا ــ عن سياق العلاقات الإيجابية مع الولايات المتحدة إذا لاح أن أمريكا تمد يد العون لإسرائيل فى هجوم اسرائيلى غير مستبعد على بلد عربى؟

 

لقد اكتملت صورة الهيمنة الاخوانية على سياسات مصر بفوز اخوانى بالرئاسة. من المؤكد ان هذا تقدير اخوانى للأمر. ويكون كذلك إذا كان كل إخوانى يتصور أنه أصبح رئيسا للجمهورية بانتخاب اخوانى لهذا المنصب. لكنه ليس تقدير المصريين وينبغى الا يكون تقدير الرئيس مرسى. 

سمير كرم  كاتب سياسي مصري
التعليقات