البحث عن العرب فى مؤتمر عالمى للتعليم - قضايا تعليمية - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 7:41 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

البحث عن العرب فى مؤتمر عالمى للتعليم

نشر فى : الإثنين 4 يوليه 2016 - 9:00 ص | آخر تحديث : الخميس 27 أكتوبر 2016 - 7:40 م
على ارتفاع خمسة آلاف قدم فوق سطح البحر، اجتمع ما يقرب من عشرة آلاف خبير دولى من مختلف دول العالم فى مركز كولورادو للمؤتمرات بهدف التعرف على جديد المشهد الدولى للتعليم العالى فى مؤتمر هيئة المدرسين العالميين (نافسا)، الحدث الأكبر من نوعه والذى يقام سنويا فى الولايات المتحدة الأمريكية.

لم تكن المرة الأولى التى أحضر فيها فعاليات المؤتمر، لذا كانت حماستى كبيرة للتعرف على أفضل الممارسات والاتجاهات الناشئة والبرامج الجديدة الهادفة إلى جذب الطلاب من جميع أنحاء العالم وإعدادهم لمستقبلهم المهنى كمواطنين عالميين.

فى قاعة المعرض الكبيرة، حيث تتخابط لافتات العديد من الدول مع بعضها البعض بهدف الظهور ولفت الانتباه، عملت الجامعات بجد واضح على جذب الطلاب من جميع أنحاء العالم عبر تقديم شروحات مفصلة لبرامجها الأكاديمية. كما غصت قاعات الاجتماعات بالمئات من ورش العمل والدورات التعليمية وفرص التواصل واللقاءات مع متحدثين ملهمين وحفلات استقبال خاصة.

وسط كل هذه الصخب التعليمى والعلامات التجارية والمناقشات، التى استمرت لمدة خمسة أيام متتالية، كنت أتجول بحثا عنا نحن العرب وأسئلة كثيرة تدور فى ذهنى: أين هو التعليم العربى، أين هى الجامعات العربية وأين الأساتذة والطلاب العرب؟
حسنا، حضر الطلاب العرب بصورة ما كجزء من الطلاب الدوليين الذين تسعى الجامعات لاجتذابهم. لكن يندر العثور على برامج أكاديمية دولية تركز على الشباب العربى.

***

من جهة أخرى، تخلط الجامعات الغربية فى كثير من الأحيان الطلاب العرب مع الطلاب المسلمين، وهو ما اعتبره شخصيا تعميما واسعا يتجاهل الخلفيات الدينية والإثنية المتنوعة لسكان الدول العربية. كان هناك عدة جلسات لتحليل واقع الطلاب المسلمين الذين يدرسون فى الخارج، خصوصا فى الولايات المتحدة، حيث يعتقد العديد من الأكاديميين أن الخوف من الإسلام أصبح المفهوم الأكثر انتشارا لدى العموم.

تعتقد اليشا ستانتون، طالبة دكتوراه فى التربية فى جامعة دنفر أن وسائل الإعلام المحلية الأمريكية تلعب دورا كبيرا فى تعزيز الصور النمطية. قالت «يجب على الجامعات توفير مساحة لمزيد من المعلومات حول المعتقدات والممارسات الإسلامية كوسيلة لمكافحة الإسلاموفوبيا».

وأضافت خلال جلسة حول إدراج أماكن آمنة للحوار: تحليل واقع الطلاب المسلمين الدوليين فى الولايات المتحدة «إنهم بحاجة إلى زيادة التواصل مع الطلاب المسلمين وزيادة معارفهم الثقافية».

***

فى أروقة المؤتمر، استمرت النقاشات بصورة أقل رسمية ولكن بجدية كبيرة، إذ أعرب الكثير من الحاضرين عن قلقهم من فوز المرشح الجمهورى دونالد ترامب فى انتخابات الرئاسة الأمريكية وتأثير ذلك على مستقبل التعليم الدولى، خاصة بعد تصريحات ترامب الرافضة لدخول المسلمين إلى الولايات المتحدة. مع ذلك، فضلت الغالبية العظمى ممن قابلتهم تجنب الحديث عن السيناريو الأسوأ. لكن دراسة حديثة، نُشرت خلال المؤتمر وشملت 40 ألف طالب أجنبى من 18 دولة، قالت إن 60 فى المائة من الطلاب لن يلتحقوا بالدراسة فى الجامعات الأمريكية فى حال أصبح ترامب رئيسا.

من جهة أخرى، كانت النقاشات حول واقع 61 مليون لاجئ منتشرين فى جميع أنحاء العالم، من ضمنهم آلاف الطلاب والعلماء والأكاديميين، قليلة جدا. لم يكن هناك الكثير من الاهتمام بسبل مساعدة اللاجئين الشباب على الاندماج فى نظم التعليم فى البلدان المضيفة لهم أو حول إعدادهم لإعادة بناء التعليم العالى فى البلدان التى تمزقها الصراعات حاليا.

كان هناك جلسة واحدة فقط، شارك بها ممثلون عن الهيئة الألمانية للتبادل العلمى (DAAD)، ومركز الشئون الدولية للتعاون الدولى فى جامعة فراى فى ألمانيا ومعهد التعليم الدولى فى نيويورك. خلال الجلسة، تحدث المشاركون عن الجهود التى تبذلها مؤسساتهم لمساعدة الطلاب اللاجئين فى إكمال تعليمهم العالى وناقشوا التحديات التى تواجههم كحاجز اللغة وغياب الوثائق الشخصية والأكاديمية للاجئين وبعض المسائل القانونية الأخرى.

كان النقاش مثيرا للاهتمام. لكننى أعتقد أن التحدى الأكبر يكمن فى استمرار النظر للاجئين الشباب كمثيرين للمتاعب عوضا عن اعتبارهم فرصا للاستثمار. مع الأسف، لا يبدو الطلاب اللاجئين جاذبين – إن صح التعبير ــ فى السوق التجارى للطلاب الدوليين. إنهم على الهامش، وغالبا ما سيبقون مهمشين طالما يسود الاعتقاد بأنهم عبء لا فرصة ممكنة.

أعتقد أن الجامعات والمؤسسات الأكاديمية فى حاجة إلى إعادة التفكير بمسئوليتها الاجتماعية وفرص الاستثمار فى تعليم اللاجئين. إذ إن مساندة اللاجئين لاستكمال تعليمهم العالى لا يساعدهم على إعالة أنفسهم فقط ولكن يمكنهم أيضا من المساهمة فى دعم الاقتصاديات المحلية. إن استثمار يورو واحد فى الترحيب باللاجئين يمكن أن يعود بـ 2 يورو فى المنافع الاقتصادية خلال خمس سنوات، وفقا لوفقا لدراسة جديدة حول تأثير القادمين الجدد تأثير على المجتمعات المضيفة.

وكما غاب اللاجئون عن غالبية نقاشات المؤتمر، غابت غالبية الجامعات العربية عن المشاركة سواء ضمن المعرض أو فى الجلسات النقاشية.

***

أحزننى رؤية لافتات وأعلام لمختلف دول العالم ترفرف فى سماء صالة المعرض الأساسية، بينما غابت الأعلام العربية واقتصرت المشاركة العربية على أكشاك صغيرة عددها أقل من عدد أصابع اليد الواحدة لبعض الجامعات العربية. أنا واثقة من حرص جامعاتنا العربية على التحول لمؤسسات دولية، بدليل تنافسها المحموم للمشاركة فى التصنيفات الدولية كل عام. لذا لا أستطيع فهم سبب ابتعادهم عن المشاركة فى مثل هذا التجمع الدولى الفعال، حيث يمكن إقامة العديد من الشراكات واتفاقيات التعاون.

أقدر كثيرا المشاركة الفردية لبعض الجامعات العربية فى مؤتمر نافسا. لكننى، عذرا، لا أعتقد أنها فعالة بما فيه الكفاية. إن المشاركة فى لقاء دولى على هذا المستوى يتطلب المزيد من التعاون بين الجامعات العربية. إننى آمل أن تتمكن جامعاتنا العربية من المشاركة يوما فى نافسا تحت راية واحدة كبيرة تتيح لهم تقديم جهودهم بالشكل الصحيح.

فبعيدا عن الواقع السياسى غير المشجع فى المنطقة، أعتقد أنه يمكن للجامعات العربية المشاركة فى التنافس على اجتذاب الطلاب الأجانب. إن المنافسة فى التخصصات العلمية والتكنولوجيا قد لا تكون واقعية، لكن هناك فرصة فى جذب الطلاب الدوليين لدراسة بعض التخصصات فى منطقتنا كالدراسات الإقليمية، والعلوم الإنسانية والأدب والفن خاصة وأن المنطقة العربية كانت رائدة فى الماضى فى هذه التخصصات وتاريخنا غنى بمئات المفكرين والفلاسفة. هناك أيضا اهتمام متزايد من قبل الطلاب الأجانب بدراسة اللغة العربية، كما أن هناك العديد من الجامعات فى المنطقة التى تعتمد على اللغة الإنجليزية فى التدريس. كما أن فتح مجالات للتعاون بين المؤسسات العربية والغربية وإقامة شراكات حقيقية يمكن أن يسهم فى تحسين جودة التعليم العربى وإكسابه طابعا دوليا بصورة أكثر واقعية من الاهتمام المفرط بترتيب جامعاتنا فى التصنيفات الدولية.

دعونا، رجاء، نحاول إعادة التفكير فى أولوياتنا.
ينشر بالاتفاق مع مجلة الفنار للاعلام
النص الأصلي: هـــنـــا
التعليقات