لحظة موسكو فى المغرب العربى - العالم يفكر - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 9:44 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لحظة موسكو فى المغرب العربى

نشر فى : الأربعاء 4 يوليه 2018 - 9:45 م | آخر تحديث : الأربعاء 4 يوليه 2018 - 9:45 م

نشرت مدونة ديوان الصادرة عن مركز كارنيجى للشرق الأوسط مقالا للكاتبين «دالية غانم» و«فاسيلى كوزنتسوف» يتناول فيه محاولات روسيا لاستعادة نفوذها فى منطقة شمال أفريقيا، وتعزيز التعاون فى المجالات المختلفة السياسية والاقتصادية وكذلك فى مجالى الطاقة والسياحة.

استهل الكاتبان حديثهما عن سعى روسيا، على امتداد الأعوام الخمسة عشر الماضية، إلى استعادة نفوذها فى شمال إفريقيا. ومن أجل تعزيز حضورها فى منطقةٍ تتفاعل، بوتيرة أكبر، مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى، أظهرت موسكو قدرة على انتهاز الفرص عن طريق التعاون العسكرى، ودبلوماسية الطاقة، والتجارة.

التعاون فى المجال العسكري ــ الأمنى هو الأكثر تقدّما بين أشكال التعاون بين روسيا وشمال إفريقيا. فقد زادت روسيا نفقاتها العسكرية فى المنطقة، ولا تزال جهةً جاذبة لتزويد بلدان المنطقة، ولاسيما مصر والجزائر، بأسلحة لقاء أسعار معقولة. والجزائر، حليفة موسكو منذ فترة طويلة، هى من الشارين الخمسة الأوائل للأسلحة الروسية، إذ تتلقّى من روسيا أكثر من 80 فى المائة من معدّاتها.

فى العام 2006، أعفت موسكو الجزائر من دين قدره 4.7 مليارات دولار كانت الجزائر تدين به للاتحاد السوفيتى، ما أتاح للدولتَين تحسين علاقاتهما وتوطيد روابطهما السياسية والاقتصادية. فى العام نفسه، وقّعت الجزائر اتفاقا مع روسيا للحصول على دبابات ومقاتلات ومنظومة صاروخية ومعدّات أخرى بقيمة 7.5 مليارات دولار. وفى العام 2016، استحوذت الجزائر على 10 فى المائة من صادرات الأسلحة الروسية. فى الواقع، سُجِّلت بين العامَين 2012 و2016 زيادة بنسبة 277 فى المائة فى قيمة الأسلحة المُباعة إلى الجزائر، ما جعل هذا البلد الشمال إفريقى خامس أكبر مستورد للأسلحة فى العالم، وروسيا هى الجهة الأساسية المورِّدة له فى هذا المجال. وقد بلغت حصة المعدّات العسكرية ثلثَى التجارة بين البلدَين، التى ارتفعت قيمتها من 700 مليون دولار فى العام 2007 إلى 4 مليارات دولار فى العام 2016.

***

كذلك، تُقيم مصر المجاورة تعاونا عسكريا مهما مع روسيا. فمنذ العام 2014، اشترت مصر معدات عسكرية روسية بقيمة 3.5 مليارات دولار. ويناقش الطرفان راهنا تسليم معدات إضافية. فى العام 2015، أنشأت مصر وروسيا لجنة مشتركة للتعاون العسكري ــ التقنى، وبعد عام، نفّذتا تدريبات مشتركة لمكافحة الإرهاب تحت عنوان «المدافعون عن الصداقةــ2016». وفى العام 2017، وقّعتا اتفاقا أوّليا يُسمَح بموجبه للطائرات العسكرية الروسية بدخول المجال الجوى المصرى واستخدام القواعد العسكرية المصرية. فى حال أُبرِم هذا الاتفاق بشكلٍ نهائى، فسوف يكون أكبر انتشار لقوات أجنبية فى شمال إفريقيا منذ السبعينيات.

تعمل روسيا أيضا على تحسين علاقاتها الاقتصادية مع بلدان المغرب العربى، وتُعتبر ليبيا خير مثال على ذلك. ففى حين أنه كان لروسيا تعاون اقتصادى كبير مع ليبيا قبل العام 2011، تغيّر ذلك بعد الانتفاضة هناك، عندما أصبحت جميع العقود السابقة باطلة. اعترفت موسكو بالمجلس الوطنى الانتقالى فى العام 2016، وبدأت فى الوقت نفسه العمل بصورة ناشطة مع خصمه المشير خليفة حفتر. فى العامَين 2016 و2017، زار حفتر روسيا مرات عدة، وفى يناير 2017، استُقبِل على متن حاملة الطائرات «الأميرال كوزنتسوف». فى الوقت نفسه، أُرسِل خبراء متفجّرات روس إلى برقة بدعوةٍ من شركة الاسمنت الليبية لنزع الألغام من إحدى المنشآت الصناعية، وساعدت موسكو الحكومة فى طبرق على التعويض عن عجز السيولة لديها عبر سكّ عملة لمصلحتها.

تسعى روسيا وليبيا إلى توسيع التعاون الاقتصادى بينهما. فى العام 2017، تضاعف حجم الأعمال التجارية بين البلدين ليصل إلى 135 مليون دولار، مقارنةً مع العام 2016، وتم ذلك بدفعٍ أساسى من صادرات الحبوب الروسية. وفى الربع الأول من العام 2018، توسّعت قائمة المنتجات، على الرغم من حدوث تراجع طفيف فى شحنات الحبوب (التى تشكّل 47 فى المائة من مجموع الصادرات الروسية إلى ليبيا). كذلك، استحوذت المعادن والمنتجات المعدنية على ثلث الصادرات الروسية، فيما بلغت حصّة المنتجات الكيميائية نحو 10 فى المائة من الصادرات.

تُعدّ مصر، بدورها، ضمن الشركاء التجاريين العشرين الأوائل لروسيا فى العالم، والمستورِدة الأكبر للمنتجات الزراعية الروسية. فى العام 2017، بلغ مجموع التجارة بين البلدَين 6.73 مليارات دولار، وتضمّن ذلك بشكل أساسى المحروقات، والمعادن الحديدية، والحبوب. فى العام نفسه، حصلت مصر على نصف وارداتها من القمح – نحو 11.2 مليون طن ــ من روسيا. كذلك ناقشت الدولتان إنشاء منطقة صناعية روسية فى بورسعيد. وقد وصف نائب وزير الصناعة والتجارة الروسى جيورجى كالامانوف المشروع قائلا: «سيكون باعتقادى مركزا أساسيا. أظنّ أنها مرحلة أولى فى إنشاء منصّات رئيسة لنشر السلع الروسية فى البلدان الإفريقية».
***
يضيف الكاتبان أن حجم التجارة الروسية مع المغرب تعتبر كبيرا أيضا، إذ تستحوذ المنتجات الغذائية على نسبة 97 فى المائة من الصادرات المغربية إلى روسيا. فالمغرب، إلى جانب كونه المورِّد الأكبر لأسماك السردين المجلّدة إلى روسيا، هو أيضا مورّد أساسى للطماطم والحمضيات. وعلى صعيد القيمة، تخطّت التجارة بين الدولتَين 3 مليارات دولار فى العام 2017، مع العلم بأن الميزان التجارى يميل إلى حدٍّ كبير لمصلحة روسيا.

هذا وقد وسّعت روسيا أيضا تعاونها مع بلدان شمال إفريقيا ليطال قطاع الطاقة، إذ وقّع الكرملين العديد من الاتفاقات حول الطاقة النووية المدنية لتوطيد موطئ قدم له فى المنطقة على المدى الطويل. ففى أكتوبر 2017، وقّعت المؤسسة الحكومية الروسية للطاقة الذرية (روس آتوم) مذكرة تفاهم مع وزارة الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة فى المغرب حول استعمال الطاقة النووية لأغراض سلمية. وفى الشهر نفسه، وقّعت «روس آتوم» مذكرة تفاهم أخرى مع مفوضية الطاقة الذرية الجزائرية، وتنوى الدولتان بناء محطة للطاقة النووية مجهّزة بمفاعل ماء مضغوط بحلول العام 2025. وفى نوفمبر 2015، وقّعت روسيا أيضا اتفاقا لبناء محطة للطاقة النووية فى مصر، استُكمِل فى العام 2017 بإبرام عقد طويل الأمد لصيانتها.

***

ويختتم الكاتبان حديثهما قائلين إن السياحة تكتسب أهمية فى التقدّم الذى تحققه روسيا فى شمال إفريقيا. ففى حين أن مصر تشكّل وجهة للسيّاح الروس منذ سنوات، مع استقبالها نحو 3.1 ملايين سائح روسى فى العام 2014، إلا أن هذا الواقع تغيّر دراماتيكيا بعد قيام تنظيم تابع للدولة الإسلامية بقصف طائرة ركّاب روسية فى أكتوبر 2015. فقد حظّرت موسكو الرحلات المباشرة إلى مصر على امتداد عامَين ونصف العام، وأعادت توجيه السيّاح نحو تونس، حيث ازداد عددهم إلى 515000 فى العام 2017، أى أكثر من ضعف ما كان عليه فى العام 2014. يمهّد الكرملين، من خلال السياحة وتأثيرها على الاقتصاد التونسى، الطريق لممارسة نفوذ روسى أكبر فى البلاد.

تعمل روسيا على تنويع روابطها إلى حد كبير فى شمال إفريقيا. وفى حين أن التعاون فى مجال الطاقة يبقى ملتبسا بسبب التكاليف الباهظة للمشاريع والوقت الذى يستغرقه إنجازها، غالب الظن أن التعاون العسكرى سيستمر. مع ذلك، لا يجب المبالغة فى تصوير نفوذ الكرملين، لأن شمال إفريقيا ليس ضمن الأولويات الروسية، لكن من المؤكّد أن على الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة التكيّف مع حضور متوسِّع للكرملين فى شمال إفريقيا فى السنوات المقبلة.

النص الأصلي http://ceip.org/2tZXAqg

التعليقات