نتعاطف مع اللاجئين بالكلام فقط - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 1:23 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نتعاطف مع اللاجئين بالكلام فقط

نشر فى : الجمعة 4 سبتمبر 2015 - 7:35 ص | آخر تحديث : الجمعة 4 سبتمبر 2015 - 7:35 ص

نبهتنى الزميلة بالشروق علياء حامد إلى حالة النفاق العارمة التى تنتشر فى المجتمعات العربية ومنها بالطبع المجتمع المصرى.

علياء كتبت على صفحتها على الفيس بوك ظهر الخميس الماضى تقول:
«ياريت المصريين قبل ما يبدأوا ولولة على الطفل السورى اللى غرق وهو بيحاول مع أهله يوصلوا أوروبا، شوفوا انتم إتعاملتم إزاى مع السوريين اللى لجأوا ليكم.. عنصرية ونفسنة عليهم عشان عايزين يشتغلوا وتعطيل لمصالحهم وغيره.. بلا تمثيل والنبى».

لمن لا يعرف القصة، فإن أسرة الطفل إيلان كردى لجأت إلى الحدود التركية واستقلت زورقا من جزيرة بودروم التركية الشهيرة إلى بحر إيجه للوصول إلى جزيرة كوس باليونان ومنها كانت تنوى الهجرة إلى كندا حيث تعيش العمة تيما فى مدينة فانكوفر.

الأسرة من مدينة عين العرب الشهيرة واسمها بالكردى كوبانى، وتعرضت لاحتلال همجى من تنظيم داعش، قبل أن يتم تحريرها قبل شهور قليلة. الأسرة كردية وليست عربية، لكن المأساة التى تعيشها الأمة العربية الآن لم تعد تفرق بين عربى وكردى وتركمانى ونوبى، أو بين مسلم، ومسيحى، أو سنى وشيعى وايزيدى وسريانى.. كلنا فى الهم سواء.

إيلان عمره ثلاث سنوات، ولأننا فى عصر الصورة، فقد هزت صورته وهو ملقى على شاطئ جزيرة بودروم التركية العالم بأكمله، فى حين لا يعرف كثيرون أن شقيقه غالب خمس سنوات مات أيضا، وكذلك أمه ريحان وعمرها ٣٥ عاما، وعثر على والده عبدالله فاقدا للوعى ونقل للمستشفى.

ما حدث لأسرة الطفل إيلان يحدث يوميا لمئات الآلاف من اللاجئين العرب خصوصا السوريين، لكن الصورة المأساوية للطفل غريقا على الشاطئ ووجهه غارز فى الرمال قلبت العالم رأسا على عقب وحركت بعض المشاعر الإنسانية التى نتمنى ألا تكون مؤقتة حتى تظهر صورة مأساوية جديدة!.

وهنا تتجلى بعض إيجابيات وسائل الإعلام، والسؤال: ماذا فعلنا نحن كعرب لهؤلاء المهاجرين؟.
بعض البلدان القليلة استضافت جزءا من اللاجئين خصوصا السوريين، لكن الكثير لم يفعل، خصوصا أولئك الذين يملكون المال.

كثير من المواطنين العرب الذين يتحدثون الآن عن الرحمة والإنسانية، لم يكلفوا أنفسهم حتى عناء التعاطف مع مآسى اللاجئين فى بلدانهم العربية، بل شاركوا فعلا بالصمت على الكثير من الانتهاكات ضدهم.

ثالثا: بعضنا ينتقد أوروبا لأنها تحاول منع وصول المهاجرين إليها، وننسى أن بعض البلدان الأوروبية كانت أكثر رحمة بالمهاجرين منا نحن العرب والمسلمين، حيث يحلو لبعض متطرفينا وصف أوروبا بالقارة «المسيحية الكافرة»!!، ورأينا بعض المهاجرين يرفعون صور المستشارة الالمانية انجيلا ميركل لأنها سمحت باستضافة بعض المهاجرين.

الأهم من ذلك، نحن ننسى سبب المشكلة الجوهرى الذى جعل العرب إن لم يموتوا قصفا بالبراميل المتفجرة والغاز السام والشوى والحرق فى بلدانهم، يموتون غرقا فى مياه البحر المتوسط أو على الحدود وداخل شاحنات نقل الفراخ فى دول شرق أوروبا.

استبداد الأنظمة سبب جوهرى للمأساة حينما عجزت حتى عن إقامة الدولة الوطنية القطرية، ومعها تيار إسلامى متطرف يقدم أسوأ دعاية للإسلام متمثلا فى داعش والقاعدة والنصرة وبعض الفصائل الإخوانية، تيار يزايد على الأنظمة المستبدة باستبداد أبشع.

قبل أن نلوم الأوروبيين، وقبل أن نتعاطف مع اللاجئين بالكلام فقط، علينا أن نسأل أنفسنا: ماذا فعل كل شخص وكل تيار أو حزب أو مؤسسة أو دولة لمساعدة اللاجئين عمليا لمنع أسباب المأساة أو على الأقل لمنع تكرارها؟!!.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي