حقيقة علمية مقابل تسعة آلاف خرافة - صحافة عربية - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 6:44 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حقيقة علمية مقابل تسعة آلاف خرافة

نشر فى : الإثنين 4 سبتمبر 2017 - 9:55 م | آخر تحديث : الإثنين 4 سبتمبر 2017 - 9:55 م
نشرت جريدة الرياض مقالا للكاتب فهد عامر الأحمدى ذكر فيه خلال شهر أغسطس المنصرم شهدت أمريكا الشمالية هوسا كبيرا بكسوف الشمس.. ولكن؛ رغم كل مظاهر الاهتمام الشعبى (والرحيل إلى مواقع الحدث) كانت الظاهرة نفسها متوقعة منذ ثلاثين عاما.. كان معروفا منذ ثلاثة عقود أن كسوفا كليا ستظلم بسببه السماء يوم الاثنين الموافق 21 أغسطس 2017 فى أمريكا الشمالية..

تعامل الجميع مع الظاهرة كحالة فلكية متوقعة ومفهومة بعكس ما كان يفعله البشر منذ قديم الزمان. فى الماضى؛ كانت كل مظاهر الحياة بالنسبة للرجل البدائى مرعبة وغير متوقعة وخارقة للعادة.. الخسوف والكسوف والبرق والزلازل والبراكين والأعاصير تسببها ــ حسب مفهومه ــ قوى خارقة تستحق الخوف والخضوع.. اخترع الأديان الوضعية لتفسير الظواهر الطبيعية التى عجز عن فهمها أو تجاوزت قدرته على تفسيرها.. وحين ظهرت الأديان السماوية فسرتها كمشيئة إلهية ولكنها تركت للإنسان فرصة اكتشاف مسبباتها بنفسه بدليل (قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق).

فى علم الأديان هناك ما يدعى آلهة الفراغات المعرفية.. فكل فراغ معرفى (لا يمكن للإنسان تفسيره) ينسبه تلقائيا لقوة سحرية أو غيبية تقف وراءه ــ وهى فى هذه الحالة تسعة آلاف إله فى ديانات العالم المختلفة.. وكلما زادت معارف الانسان، كلما ملأ فراغا جديدا وتخلص من فكرة وجود قوى خارقة تقف خلفها.

ورغم أن هذا المصطلح «آلهة الفراغات» يستعمل لتفسير التراجع الدينى أمام التفسير العلمى، يستعمل أيضا من قبل رجال الدين ــ فى أديان العالم المختلفة ــ لتأكيد وجود آلهتهم (بطريقة؛ ما لا يمكن للعلم تفسيره يعنى تلقائيا وجود قوى غيبية عظيمة خلفه)!!

من وجهة نظرى الشخصية أعتقد أنه ليس من مصلحة الجانبين إقصاء الآخر.. ليس من مصلحة الجانب الدينى إقصاء التفسير المادى (كونه مرئيا ومحسوسا ومعروفا لجميع الناس) وفى المقابل ليس من مصلحة الجانب المادى إقصاء التفسير الدينى (كون الناس يؤمنون بمعتقداتهم ويفسرون من خلالها أشياء كثيرة).

أنا شخصيا أؤمن بأن المعرفـة تحرر الإنسان من الجهل والخرافة وقدسية الموروث دون أن تخرج بالضرورة عن المشيئة الإلهية. بل أعتقد أن الانسان الذى يجمع بين المفهومين يصبح أكثر ثقه بنفسه ووعيا بذاته وتصالحا مع آلهته (أيا كانت ديانته).

عد معى إلى أيام الرجل البدائى الذى كان يعتقد أن البرق والرعد يعبران عن غضب الآلهة وزمجرتها فى السماء. ولكننا نعلم اليوم أن البرق والرعد مجرد ظاهرة كهربائية تنجم عن تفريغ الشحنات الكهربائية فى السحب الرعدية ــ ودون أن تخرج مرة أخرى عن المشيئة الإلهية. معرفتك بالأسباب المادية والطبيعة لا يعنى بالضرورة اقصاء الفكرة الإلهية ــ ولكنها فقط تجعلك أكثر فهما واستقلالية وتخلصا من قيود الخرافة.. قارن مدى شعورك بالثقة الناجم عن معرفتك بمواعيد الخسوف والكسوف (لثلاثين عاما قادمة) مع الخرافات المرعبة التى تؤمن بها بعض الأمم حتى يومنا هذا.

باختصار شديد؛ المعرفة تقتل الخرافة، ولكنها لن تقضى لا فى الحاضر ولا فى المستقبل على إيمان الشعوب بآلهتها.

الرياض ــ السعودية

 

التعليقات