العوامل المؤثرة فى توتر الأسواق النفطية - صحافة عربية - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 9:35 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

العوامل المؤثرة فى توتر الأسواق النفطية

نشر فى : الثلاثاء 4 ديسمبر 2018 - 11:20 م | آخر تحديث : الثلاثاء 4 ديسمبر 2018 - 11:20 م

نشرت صحيفة الحياة اللندنية مقالا للكاتب وليد خدورى، متخصص فى شئون الطاقة، عن أهم العوامل التى أدت إلى انخفاض أسعار النفط.
تواجه الأسواق النفطية مرحلة جديدة من تدهور الأسعار. فانخفض سعر نفط «برنت» من 86 دولارا فى منتصف أكتوبر الماضى إلى 60 دولارا، والاتجاه يدل على احتمال استمرار انخفاض الأسعار.
لعبت التطورات السياسية دورا مهما فى تغير اتجاهات الأسعار، فبدلا من ارتفاعها دولارا يوميا خلال النصف الأول من أكتوبر بسبب توقع انخفاض الإمدادات الإيرانية نتيجة التهديد الأمريكى بفرض الحصار على النفط الإيرانى ابتداء من 4 نوفمبر، انعكس اتجاه الأسعار إلى الانخفاض السريع بعد أن استثنت واشنطن كبرى الدول المستوردة للصادرات الإيرانية من الحصار (الصين، واليابان، والهند، وكوريا الجنوبية، بالإضافة إلى ثلاث دول أخرى)، ويستمر هذا الإعفاء من الحصار حتى أوائل مايو المقبل، إذ ستتخذ واشنطن قرارا جديدا عندئذ، بناء على حجم الاستيراد لهذه الدول من النفط الإيرانى ومدى انخفاض الاستيراد تدريجيا بحلول الأول من مايو المقبل، وتتطلع الأسواق إلى السياسة الصينية، أكبر دولة مستوردة للنفط الإيرانى، لمدى نجاح الحصار.
وافقت الصين مع بقية الأعضاء الدائمين فى مجلس الأمن على الاتفاق النووى الإيرانى وتصر على التمسك به، من المعروف أن الصين استمرت فى استيراد النفط الإيرانى خلال الحصار العالمى السابق على إيران، مع بعض التخفيض فى حجم الاستيراد، لذا لا يستبعد أن تستمر الصين فى خرق الحصار الأمريكى الآن، الذى لا يجد تأييدا دوليا له من الدول الأوروبية وغيرها، وقد تخفض الصين جزئيا من استيراداتها وتستعمل ورقة تخفيض استيراد النفط الإيرانى فى مفاوضاتها التجارية والجمركية مع الولايات المتحدة لكى تخفض واشنطن من قيودها التجارية ومن الرسوم الجمركية الجديدة التى تود فرضها على السلع الصينية، كما يتوقع استمرار كل من الشركتين الصينيتين (سينوبيك وشركة البترول الصينية الوطنية) الاستمرار فى تحميل حصتهما من إنتاجهما من الحقول الإيرانية خلال فترة تقليص الاستيراد هذه. ومن المتوقع تقلص الاستهلاك الصينى خلال الأشهر المقبلة مع الانخفاض الذى حصل فى ناتج الدخل القومى إلى 6.50 بالمائة، مما سيؤدى بدوره إلى تقليص الطلب على النفط الخام.
تشير تجربة الصين وغيرها من الدول إلى التحديات التى تواجه الأسواق خلال النصف الأول من 2019. ففى حال التقليص التدريجى للاستيراد من إيران، هناك احتمال اتخاذ قرار أمريكى جديد فى مايو للنصف الثانى من العام. فإما استمرار الاستثناءات مما يساعد الطلب العالمى، أو تصعيد الحصار مما سيقلص الإمدادات الإيرانية فى منتصف 2019. ستزيد هذه الصورة المضطربة لتخفيض الإنتاج أو زيادته القلق فى أسواق العالم حتى منتصف العام المقبل.
خلقت الطلبات الأمريكية المتناقضة التى دعت أولا، وفى نفس الوقت، إلى مقاطعة النفط الإيرانى والطلب من الدول المنتجة زيادة صادراتها لتوازن الأسواق فى حال حجب النفط الإيرانى، خلقت هذه المطالب زيادة فى الإمدادات عن الطلب، مما أدى بدوره إلى ارتفاع المخزون. تجاوبت معظم دول «أوبك» وبقية الدول المنتجة لهذه المطالب. لكن فوجئت الأسواق بالمطلب الأمريكى الثانى المناقض الذى دعا إلى استثناء الدول المستوردة الرئيسة وزيادة الإنتاج فى نفس الوقت. تفاجأ المنتجون الذين كانوا يتهيؤون لتخفيض الإنتاج. مما يلفت النظر طوال هذه الفترة، وتلك التى سبقتها، حيث حاولت السعودية وأقطار «أوبك» ومعهم «مجموعة الدول الـ 24» المنتجة غير الأعضاء فى المنظمة، بقيادة روسيا، صب جل اهتمامهم لتحقيق الاستقرار فى الأسواق، هذه السياسة التى بدأ تنفيذها بنجاح منذ الأول من 2017 لأجل تفادى استمرار انهيار الأسعار إلى أقل من 30 دولارا، وقد أدى نجاح التعاون ما بين الدولتين النفطيتين الكبريتين إلى ارتفاع الأسعار إلى نحو 60 ــ 70 دولارا ومن ثم إلى 86 دولارا بسبب مخاوف الحصار على إيران، أدى هذا التعاون إلى بروز سياسة نفطية عالمية ذات أبعاد استراتيجية غير مسبوقة ما بين موسكو والرياض.
لكن الذى حصل، هو استمرار الزيادة العالية والسريعة لإنتاج النفط الأمريكى، بالذات النفط الصخرى منه. فبرغم اقتصاديات الأسواق العالمية التى تتطلب التعاون لاستقرار الأسواق على ضوء مستوى المخزون التجارى من ناحية أو معدلات الطلب العالمى من ناحية أخرى، نجد أن إنتاج النفط الأمريكى ارتفع بصورة مستمرة منذ أن سجل معدل إنتاج 5 ملايين برميل يوميا فى 2010 ليرتفع إلى 11.7 مليون برميل يوميا خلال الربع الأخير 2018 وتوقعات باستمرار ارتفاعه إلى 12 مليون برميل يوميا فى 2019. وذلك بسبب زيادة إنتاج النفط الصخرى.
تختلف التقديرات حول إمكانية زيادة إمدادات النفط الصخرى. يحذر بول كيبسغارد، الرئيس التنفيذى لشركة «شلومبيرجير» أكبر شركة للخدمات البترولية للحقول فى العالم، يحذر من التوقعات المتفائلة لزيادة إنتاج النفط الصخرى. ويتوقع صعوبات فى المستقبل المنظور لأسباب عدة: عدم توفر طاقة وافية فى خطوط الأنابيب لاستيعاب شحن الإمدادات المتزايدة. هذا بالإضافة، إلى التباطؤ فى عملية زيادة الإنتاج من حوض «بيرمين» فى ولايتى تكساس ونيومكسيكو، حيث يشكل هذا الحوض أعلى مستويات زيادة النفط الصخرى.
كما أشار الرئيس التنفيذى لشركة «شلومبيرجير» فى حديث هاتفى مشترك له مع المراقبين والمحللين، نشرت ملخصا له جريدة «الفايننشال تايمز» اللندنية، أنه أصبح من الصعب زيادة الإنتاج من بعض الحقول لبلوغها مرحلة النضوج. وأنه قد بدأ حفر بعض الأبار فى مناطق سبق الحفر فيها، وأضاف كيبسغارد: «بدأ التساؤل حول دقة التوقعات، وتخفيض التفاؤل حولها بزيادة الطاقة الإنتاجية».
من المتوقع أن يواجه الاجتماع الاعتيادى النصف السنوى لمجلس وزراء المنظمة فى 6 ديسمبر نقاشا مستفيضا حول طلب واشنطن زيادة الإنتاج فى نفس الوقت الذى تتدهور فيه الأسعار. وهناك تجارب للمنظمة لهذه المناقشات، أهمها قرار زيادة الإنتاج عند بداية الانهيار الاقتصادى فى شرق آسيا فى نهاية التسعينيات، مما أدى بدوره إلى تدهور سريع للأسعار. لكن مما سيفاقم الأمور الآن الحرص على استمرار تنسيق الأمور مع روسيا حيث ذكر الرئيس بوتين أن اقتصاد بلاده ينشد سعر نحو 70 دولارا. وهناك وجهات نظر دول أخرى لديها طاقة إنتاجية فائضة تحاول أن تصدرها. أو غيرها لديها نقص فى السيولة المالية، أو عجز ضخم فى الموازنة. تطفح هذه الأمور على السطح عادة عند المداولة فى زيادة أو تخفيض الإنتاج.


من الصحافة العربية
الحياة ــ لندن

التعليقات