كوميديا اللول - داليا شمس - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 6:29 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كوميديا اللول

نشر فى : السبت 5 يناير 2019 - 11:55 م | آخر تحديث : السبت 5 يناير 2019 - 11:55 م

بسرعة فائقة تأتي ردود الأفعال تجاه القرارات الحكومية والممارسات العامة والخطابات السياسية وارتفاع الأسعار في شكل نكات يتبادلها الناس على شبكات التواصل الاجتماعي، ونتساءل كيف لهم أن يبتكروا كل هذه الأفكار الساخرة بالصورة والتصميم والتعليق في هذا الوقت القليل؟ لا نعرف من أطلق النكتة في البداية، لكنها سرعان ما تنتشر كالنار في الهشيم. ويعلق عليها البعض "لول"، وهي اختصار لتعبير(laughing out loud- LOL ) بالإنجليزية أي الضحك بصوت مرتفع. لم تعد النكات تأتي في شكل حكاية على نمط "مرة واحد صعيدي..." كما في السابق، بل لربما قلت النكات التي تركز على أهل جنوب الوادي، ونادرا ما نراها على الإنترنت.
***
تغيرت روح الفكاهة مع تغير الوسائط، فصرنا نستقبل النكات على الفيسبوك أو الواتس آب، وبالتالي تطورت بصريا، لأنها تعتمد غالبا على الرسومات أو الصور المركبة التي يضاف إليها التعليق الساخر، كي تظهر على شاشاتنا في ثوان ونتشاركها مع آخرين. هذا الطابع الفوري يجعلها سريعة الانتشار، ثم الاختفاء، فهي تأتي في شكل موجات لحظية، مثلا بعد تصريحات بعينها يضج الفيسبوك بمئات النكات بين يوم وليلة تتناول جميعها المسألة نفسها، وبعدها يجذب قرار أو تصريح آخر الانتباه فتتحول السخرية إليه وينصب غضب الشارع وتنكيته وتبكيته في اتجاه آخر. وأحيانا يتم تأليف "هاشتاج" مخصوص على تويتر لكي يواكب الحدث، وتتواتر التعليقات الساخرة كزخات الرصاص، في حملة تلقائية منظمة. لكن يظل كل ذلك حكرا على الوسائط الإلكترونية، يرى الناس النكتة على الشاشات، دون روايتها شفهيا، مثلما دأب الشعب المصري أن يفعل. أي السخرية صارت بصرية أكثر فأكثر.
يتم تركيب صور الأفلام القديمة مع الأحداث الجارية، ويأتي التعليق لاذعا والمقاربات والمقارنات عبقرية حاذقة، تنم على خبرة طويلة في عالم التنكيت وخفة دم فطرية. وظهرت شخصيات كوميدية مصورة مثل "أساااحبي" وهي ميم صنعت على الإنترنت لاستخدامها في الرسوم الساخرة، عرفناها لأول مرة في عام 2012، وصار لأساحبي ونكاته الأحدث صفحة خاصة على الفيسبوك، كما هو الحال في جميع أنحاء العالم حيث انتشرت مواقع النكات من بداية الألفية الثانية. وهكذا طغت ثقافة "اللول" على الفكاهة التقليدية، مع رفع سقف السخرية.
***
سقطت العديد من المحرمات، في ظل جرأة جيل الإنترنت الذي لا يعرف كبير. اتسعت حدود المسموح به، بشكل يثير حفيظة الجيل الأقدم أحيانا، فسخرية الشباب تنال من البطل والبطل المضاد على حد سواء، دون تفرقة بين ضحية وجلاد، بين وزير أو غفير. واختلف في هذا الإطار تعريف الصورة التي قد نصفها بالتاريخية، لأن هذه الأخيرة أصبحت هي التي يتم تبادلها أكثر على الإنترنت أو تحويرها ووضعها خارج ظرفها الطبيعي لكي نسخر منها جميعا. تتحول الصورة أو أجزاء من خطاب أو تصريح جاد إلى شيء لا يمت للجدية بصلة. يلعب مبدعو النكات بتعبيرات الوجه ويتم إعادة تركيب الصور بشكل ماهر فتنفجر "الللووول"، في ظل ثقافة تشاركية عرفناها في السنوات الأخيرة. خليط من الصورة والكلام وأحيانا الصوت لم نتناولها بالدراسة المعمقة بعد، في حين هي مفتاح أساسي لفهم المجتمع وتطور ثقافته. يقارنها البعض أحيانا بالملصقات السوفيتية التي ظهرت في ظرف سياسي معين، لكن هذه المرة تستخدم تقنيات الإنترنت التي تسمح بالقص واللصق والمونتاج، وإضافة روح محلية على أشياء منتشرة عالميا.

التعليقات