الأغلبية النيابية والأزهر كلاهما فى الهم شرق - جمال قطب - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 6:42 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأغلبية النيابية والأزهر كلاهما فى الهم شرق

نشر فى : الجمعة 6 أبريل 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الجمعة 6 أبريل 2012 - 8:00 ص

لا تجد مثالا واضحا لمن يأمر الناس بالبر وينسى نفسه أوضح من إدارة الأزهر الحالية؛ فالأزهر دون غيره من المؤسسات له غاية سامية هى إعلاء القدوة الحسنة وتعميق أثرها فى النفس؛ وذلك بالتزام ضوابط الفطرة الإنسانية ومبادئ الشريعة وفقهها عملا وتنفيذا لا قولا وتبديدا؛ فإذا تخلى الأزهر عن دوره الرئيس فى إنجاز الأسوة الحسنة وعجز عن إعلائها فى القلوب والعقول وفقد أخرج نفسه من قلوب الناس وعقولها وحرم نفسه من المكانة الشريفة للأسوة الحسنة

 

(1)

 

ومؤسسات الدعوة كالأزهر تتعدد وظائفها وأدوارها بين التعليم والإعلام والإفتاء؛ ولكن الغاية التى تسعى جميع الوظائف والأدوار لتحقيقها هى إظهار محاسن الإسلام وسمو تعاليمه على أية سلوكيات لا تنبع من الدين ووحيه، كما أن وجهة المؤسسة ووسيلتها هى سلوكيات رموز المؤسسة وأعضائها؛ فإذا تضاد القول مع العمل ذهبت الأسوة؛ وتلاشى المعروف، وأصبحت الدعوة دعوى يزعمون بها أنهم أئمة وما هى إلا الأهواء يصيغونها نصوصا بدا عوارها فى القانون 13 لسنة 2012، ورحم الله من قال: «ترى الرجال كالنخل ولا يدريك ما الدخل».

 

(2)

 

وإذا اعترضت كل مصرية وضج كل مصرى، وصرخ الطائع والعصى، وتململ الدانى والقصى من جراء فتنة «الجمعية التأسيسية» وإعجاب المرء بنفسه، فإن للجميع حق اللوم والرفض إلا إدارة الأزهر.. فهل يلوم الإمام مأموميه إذا قلدوه؟! فالنواب بتأويلهم خطأ الإعلان الدستورى لم يبلغوا خطيئة إدارة الأزهر بتحريفها ضوابط الفطرة وأصول الفقه فى تعديل قانون الأزهر المشهور 13 لسنة 2012.. وللأسف الشديد فقد شارك المجلس الأعلى للقوات المسلحة مشاركة فاعلة سواء فى خطأ الإعلان الدستورى أو خطيئة القانون 13 لسنة 2012

 

لذلك أقول لهؤلاء المستولين على إدارة الأزهر: لا تعيبوا على النواب أثرتهم بـ«التأسيسية» «ومزاولتهم» دور الخصم والحكم فى آن واحد، «فذلك اجتهادهم فى شأن استدرجهم إليه صانع الإعلان الدستورى، إما اختطافكم أنتم لحق العلماء فى انتخاب كبارهم فقد ورطتم أنتم المجلس الأعلى للجيش معكم فيما صنعتموه، لقد تجاهلتم عن عمد مع سبق الأصرار والترصد، تجاهلتم حقوق مئات الآلاف من الأزهريين يعملون بالأزهر والمساجد، وتجاهلتم قرابة 2 مليون تلميذ وطالب أزهرى فى مسيس الحاجة إلى أسوة حسنة فوضعتم أمامهم «الأسوة السيئة» بتحريف الكلم عن مواضعه، كما تجاهلتم حاجة العالم الإسلامى إلى نموذج معتدل ومؤسسة دعوية راشدة، وانصرفت الإدارة الحالية تزور الفطرة وتجافى الحق، وتتجنب المنطق، وتعبث عبثا مهينا باستصدارها القانون 13 لسنة 2012 بشأن إخراج الأزهر من موقعه النفيس وإحراج الأزهريين أمام مأموميهم ومقلديهم، فلو قاس أحد الناس إنشاء هيئة كبار العلماء بغير انتخاب من جميع الأزهريين فقاسها على الصلاة بغير وضوء، فما أخطأ وما ابتعد عن الصواب، فاللاعبون فى ساحة التأسيسية يقلدون من سأل إدارة الأزهر هل تنفع الصلاة بغير وضوء؟ فاجابت الإدارة: لا تجوز ولا تنفع، فقال السائل للمجيب أنت صليت ونفعت، وأنا وراءك أفعل مثلما تفعل، وسخر قائلا: «لا تعايرنى ولا أعايرك دا الهم طايلنى وطايلك».

 

(3)

 

الأغرب من هذا كله إن إدارة الأزهر تعتذر عن خطيئتها بأنها تحافظ على الأزهر من أن يزحف إلى قيادته أهل التطرف والإرهاب، فهل يصان الأزهر من ظنون التطرف بتطرف أشد وإسراف أكبر يحير العقل والنقل، كما أن دفاع «الأغلبية النيابية» عما فعلته بـ«التأسيسية» دفاع واه لا يقنع قريبا ولا بعيدا، ولا يثبت أمام أى حوار، فدفاع الأزهر عن خطيئته مثل دفاع الأغلبية عن خطئها وكلاهما يعيد إنتاج تراث «جحا» وهو يفسر المثل الشائع: «عذر أقبح من ذنب»، وكما يعرف الفقهاء أن الفعل الواحد يستوجب العقوبة مرة، ونفس الفعل لا يستوجب العقوبة مرة أخرى، فإذا سرق الكبير نصابا محرزا مملوكا لشخص آخر فقد وجب حده، أما نفس المقدار وأكبر منه إذا سرقه إنسان دون البلوغ فلا حد عليه، فيا أيها الغافل الذى استحوذ على حق العلماء فى انتخاب كبارهم كيف تلوم الأغلبية إذا أستاثروا بالتأسيسية؟!

 

فالتأسيسية بغير انتخابات عامة جامعة هى هى هيئة كبار علماء بالتعيين دون انتخابات العلماء لهم، هى هى صلاة جامعة بغير أذان مسموع ودون وضوء وخشوع

 

«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3)»

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات