عن وثيقة المبادئ السياسية الجديدة لحماس - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 1:47 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عن وثيقة المبادئ السياسية الجديدة لحماس

نشر فى : الجمعة 5 مايو 2017 - 9:35 م | آخر تحديث : الجمعة 5 مايو 2017 - 9:35 م
فى مسودة وثيقة المبادئ لحركة حماس التى سُربت قبل نحو شهر، برزت عبارة بسبب خروجها عن الخطاب الفلسطينى المألوف، وقد وردت فى البند الذى تطرق إلى العداء للسامية وإلى مشكلة اليهود واضطهادهم، حيث جاء أن هذه الظواهر لها علاقة بتاريخ أوروبا لا بالتاريخ العربى ــ الإسلامى. جاء فى المسودة: «إن ظاهرة العداء للسامية كانت سببا أساسيا فى نشوء الحركة الصهيونية»، والباقى معروف؛ إن الحركة الصهيونية ــ التى تمكنت من احتلال فلسطين برعاية القوى الغربية ــ هى النموذج الأخطر للاحتلال الاستعمارى الذى زال عن معظم أرجاء العالم، والذى يجب أن يزول عن فلسطين.
تُرى هل سنعرف يوما من الذى اقترح هذه العبارة: هل هم متعاطفون معها فى الغرب؟ أم أعضاء الحركة المحاصرون فى غزة، حيث إن الدخول المجانى إلى شبكة الإنترنت يمكّنهم من التفكير بطريقة أخرى؟ أم مؤرخون أصدقاء ليسوا من حماس هم مَنْ اقترح الصيغة؟ أم خالد مشعل؟
استمرت عملية كتابة وثيقة المبادئ والسياسة الجديدة نحو أربع سنوات، وقد شارك كثيرون فى صوغها من الذين قرأوها إلى الذين اقترحوا إدخال تغييرات عليها.
***
تمتاز حماس بقدرة مثبتة على إجراءات ديمقراطية مشتركة، لكن هذه الجملة ــ التى تقدم توليفا منعشا للتطور التاريخى كما يظهر فى الوصف الفلسطينى النموذجى ــ لا تظهر فى الصيغة النهائية، إذ يبدو أن أحدا ما أصيب بالذعر واشتكى واحتج.
يدل هذا الشطب المؤسف على نوعية التفكير الذى سبق الكتابة. وفى الإمكان استنتاج أن الذين طلبوا شطب العبارة فهموها على أنها تنازل وتعاطف لا لزوم له، وأنها تُظهر بعض التفهم للوجود الصهيونى اليهودى فى البلد. ويبدو أنهم قدّروا أن التمييز بين الصهيونية وبين الاستعمار الدولى لن يُعتبر تمييزا بل تناقضا يضعف الحجة القائلة إن الصهيونية هى من أخطر أنواع الاحتلال الاستعمارى.
ويظهر التعديل المهم الآخر لدى المقارنة بين النسختين فى البند الذى يقول إن حماس تميز بين«الصهيونية» وبين «اليهود». فقد جاء فى المسودة أن حركة حماس تميز بين اليهود كشعب من أهل الكتاب، واليهودية كديانة من جهة وبين الاحتلال والمشروع الصهيونى من جهة ثانية». أما فى الصيغة النهائية فقد ورد أن النزاع هو مع المشروع الصهيونى لا مع اليهود بسبب ديانتهم. ويبدو أن أحدا ما، أو عدة أشخاص كانوا على استعداد لإلغاء تعريف أساسى فى القرآن يعتبر اليهود (مثل النصارى) من «أهل الكتاب»، فقط كى لا يقدموا تنازلا حساسا ــ سياسيا ــ من خلال التطرق بصورة إيجابية إلى اليهود.
كذلك ثمة تعديل فى الفصل الذى يتطرق إلى المواقف حيال الاحتلال والتسويات السياسية، فقد جاء فى المسودة: «لا يمكن أن يقوم أى سلام فى فلسطين على ظلم الشعب الفلسطينى الذى اغتُصبت أرضه وطُرد منها». فى المقابل ورد فى الصيغة النهائية للوثيقة ما يلى:«إن ظلم الشعب الفلسطينى واغتصاب أرضه وتهجيره منها لا يمكن أن يُسمى سلاما». والفارق هنا دقيق لكنه واضح، ففى المسودة: السلام هو الموضوع الأساسى، لكن فى الصيغة النهائية: «السلام» هو أمر ثانوى ومفروض ومعروف سلفا.
بالنسبة إلى القبول بالوجود اليهودى فى البلد، لا تقل الوثيقة صرامة عن ميثاق حماس الأساسى (العائد إلى سنة 1988) لكن إسرائيل ترد على مواقف الحركة وعلى قدرتها على إقناع الآخرين بمزيد من التدمير والحصار والهجمات والسلب والاضطهاد. وكلما قتلت إسرائيل ونهبت، ازدادت قدرة حماس على إقناع أبناء شعبها والاعتماد عليهم من أجل قبول مبادئ الوثيقة كما هى.
***
يدل التناقض فى الوثيقة ــ على الرغم من الأشياء التى تم شطبها ــ على وجود عدة أفكار داخل حماس نشأت نتيجة البحث عن أصوات أخرى. إن العزلة التى فرضتها وتفرضها أوروبا على الحركة كونها تساهم بصورة حمقاء وغير مسئولة فى فرض الحصار الإسرائيلى تقلص كثيرا من هامش انفتاحها وانفتاح مؤيديها على فرضيات أساسية جديدة.

عميرة هاس
هاآرتس
محررة شئون المناطق الفلسطينية المحتلة
نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

 

التعليقات