وحش المال - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 4:44 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وحش المال

نشر فى : الأحد 5 يونيو 2016 - 10:25 م | آخر تحديث : الأحد 5 يونيو 2016 - 10:25 م

مواطنون مصريون طيبون، دفعتهم أمنياتهم فى تنمية مدخراتهم، إلى شراء كميات من الأسهم، فى البورصة التى أعيد فتحها بعد سنوات طويلة من الإغلاق..

المواطنون، بوغتوا، بعد شهور قليلة، بتهاوى أسعار الأسهم، أدركوا، أن أموالهم مع أحلامهم، تبددت. انتابهم الحزن ممتزجا بالغضب.. لم يقتنعوا بلجاجة التفسيرات الاقتصادية. وقفوا على الرصيف، أمام مبنى البورصة، يهتفون، مكلومين«دى مش بورصة.. دول حرامية»، إلى أن جاءت الشرطة، حاولوا مواجهتها، لكنها نجحت فى تفريقهم.


هذا المشهد «التراجيكوميدى» ليس قاصرا على مصر فقط، ذلك أنه تكرر، بتفاصيل متباينة قليلا، فى الكثير من دول العالم، بما فى ذلك أمريكا، فى قلب نيويورك، أمام بورصتها العتيدة.


المخرجة، جودى فوستر، الممثلة النابهة أصلا، التفتت إلى هذه الظاهرة، التى هزت ضميرها، فقدمتها، بالعنوان الموحى «وحش المال» بسيناريو شارك فى كتابته آلان ديفيور، مع جيم كوف.


الفيلم، يتلمس جروح المواطن الأمريكى البسيط، الذى يفاجأ بوحش المال الشره، الغامض، قد التهم مدخراته ليلا، وتركه على الحديدة.


يعتمد الفيلم فى بنائه على ثلاث شخصيات أساسية.. اثنتان فى جانب، بينما الثالث فى الجانب الآخر.. فوستر، المدججة بخبرة أربعة عقود فى العمل السينمائى، اختارت ممثلين ملائمين تماما لأدوارهم، وبالتالى، بدا كل منهم على درجة كبيرة من الألق وقوة الإقناع.


النجم، جورج كلونى، الوجيه الأمثل، صاحب الوجه الصافى، الباعث على الثقة، يظهر هنا مذيعا تليفزيونيا مرموقا، يقدم برنامجا ناجحا عن حالة أسهم الشركات المالية فى «وول ستريت»، متضمنا توقعات وإرشادات للمتعاملين مع بورصة نيويورك.. برنامجه ليس جافا، يكتفى بمعلومات وأرقام، لكن يحاول، باستعراضات، فضلا عن شىء من الفكاهة، توسيع دائرة مشاهديه.. تساعده فى هذا لمنتجه، مخرجة البرنامج، جوليا روبرتس، بوجهها الحساس، المعبر برهافة عن أدق الانفعالات.


أما الشخصية الثالثة، العاصفة، محركة الأحداث، فيجسدها الممثل البريطانى، الجديد والراسخ معا، «دومينيك ويست» من مواليد ١٩٦٩ ــ الذى يباغتنا، فى البدايات، باقتحام الاستوديو، أثناء إرسال البرنامج على الهواء، حاملا معه مسدسا ومتفجرات، مهددا المذيع بقتله.


بهذه البداية الساخنة، يضمن الفيلم إثارة انتباه المشاهد، خاصة أن المخرجة تعمدت إلى جانب التوتر، إضفاء لمسات لا تخلو من كوميديا، فالمذيع النجم، المحترم، المحبوب، بأداء كلونى يحاول إخفاء ذعره، وراء قناع وقار يتبدد بين لحظة وأخرى.. بينما جوليا روبرتس، تعايش المواقف المنذرة بالخطر، بملامح وجهها المرهفة.


لأكثر من ساعة، ترصد جودى فوستر، بحيوية، ما يدور فى الاستوديو، لكن الأهم من المواجهات النفسية والمراوغة، ما تتكشف عنه الأمور: المقتحم، شأنه شأن آخرين، خسر مدخراته، هو وأسرته، بشراء تلك الأسهم التى نصح المذيع بشرائها، وهو يريد الآن، أن يعترف المذيع بأسرار اللعبة التى أدت لضياع ماله.. سؤال المقتحم، بسيط، جوهرى، مكون من ثلاث كلمات «أين ذهبت النقود؟».


شيئا فشيئا، يبين الفيلم علاقات الفساد، بأذرعتها الأخطبوتية، من شركات المال الكبرى، فى «وول ستريت»، إلى برامج التليفزيون المضللة، المتواطئة، إلى المذيع المحبوب، الكاذب، إلى صاحب المؤسسة المالية الذى سرق مدخراته صغار المتعاملين، والذى يدعى حين تدلهم المسائل، أن ارتباكا حدث فى برنامج الكمبيوتر، تسبب فى عدم دقة البيانات المتعلقة بانهيار قيمة الأسهم.


ربما يترهل الفيلم فى ربع الساعة الأخير، حين يخرج الجميع من الاستوديو، فى موكب يتصده المقتحم الملاصق للمذيع، مهددا بتفجيره، إذا حاولت الشرطة إنهاء الموقف.. وقد تكون ثمة مغالاة فى تعاطف المذيع مع التعيس المقتحم، بالإضافة لبعض الثغرات التى تجدها هنا وهناك.. لكن يحسب للفيلم أنه يصب فى طاحونة المطالبة بإعادة النظر فى النظام المصرفى، بما فى ذلك الشركات المالية، ومؤسسات «وول ستريت»، والبورصات الأقرب لكازينوهات القمار، بألاعيبها الخفية.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات