سعيد صالح - كمال رمزي - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 4:10 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سعيد صالح

نشر فى : الثلاثاء 5 أغسطس 2014 - 7:40 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 5 أغسطس 2014 - 7:40 ص

فى حياته، كما على شاشة السينما، وفوق خشبة المسرح: حضور محبب، شعبى وعفوى عاطفة متوقدة، مندفعة، قد تفتر فجأة، للحظات، لتتفجر من جديد، مبتعدة عن المرور من مصفاة العقل، وهو فى هذا يتناقض مع رفيق مشواره، صديقه الأثير، فى الفن والواقع، عادل إمام. الاثنان، ينتميان لعالم الكوميديا المتنوع، يكملان بعضها بعضا، فأحدهما على قدر كبير من التلقائية، يترك نفسه على سجيتها، يبدو، خاصة على خشبة المسرح، كأنه قادم من فرق روض الفرج والموالد والسامر، يعتمد على ما يتمتع به من جاذبية، وخفة ظل، وتجسيده لشخصيات تنتمى لأسفل السلم الاجتماعى، ولشباب فى بدايات العمر، أو أواسطه، كما فى المسرحيتين الشهيرتين «مدرسة المشاغبين»، و«العيال كبرت» وقبلهما «هاللو شلبى» ١٩٦٩، حيث قام بدور الريفى، القادم للمدينة، مرتديا جاكتة «كاروهات» ونظارة سميكة وحذاء، وشراب «أستك منه فيه»، والجملة الأخيرة من «الإيفيهات» التى ابتدعها سعيد صالح، وأصبحت متداولة بين الناس.. هنا، تثار مسألة مهمة، وربما شائكة، وهى مدى أحقية الممثل فى الارتجال، خاصة بالنسبة للكوميديين، وعلى رأسهم أشهر الخارجين عن النص، أمين الهنيدى، وقبله طابور من فنانين، يمتد من على الكسار إلى إسماعيل ياسين، حتى أن الواحد منهم، من الممكن أن يدخل فى «قافية» مع الجمهور.

منذ البداية، ظهرت موهبة سعيد صالح واضحة، طبيعية، لم تصقلها، ولم تقيدها، الدراسة المنهجية، أو التدريبات الأكاديمية، فهو، خريج كلية الآداب جامعة القاهرة ١٩٦٠، عشق التمثيل. صعد إلى خشبة المسرح وسطع على شاشة السينما، متسما بتميز أتاح له قدرا كبيرا من النجاح، يتمثل فى درجة هائلة من العفوية، سواء فى الصوت أو الحركة أو اللفتة أو ملامح الوجه. إنه يبتعد تماما عن المغالاة أو الافتعال، يلجأ إلى نوع من البساطة الواقعية.

فى «هاللو شلبى»، ظهر معه أحمد زكى فى دور صغير، هامشى، لكن أحمد ــ الذكى ــ القلق، الطموح، الذى تعامل مع قدراته بجدية صارمة، فنماها، وأزادها ألقا، إلى أن أصبح ما صار إليه.

فى «مدرسة المشاغبين»، صال وجال مع عادل إمام، ملأ المسرح بهجة وهرجا وحيوية، وبينما استثمر عادل إمام، نجاح المسرحية، بمهارة، فانتقل من لمعان للمعان، وأخذ يختار، بعناية، كتاب مسرحياته، مدققا، فى سيناريوهات الأفلام التى تعرض عليه، فارضا، فيما بعد، اسم المخرج، الذى سيحظى بالتوقيع على العمل.. ترك سعيد صالح نفسه، لدوامات السينما المصرية، المغرقة، التى تأتى بين حين وآخر.. فى أواخر الثمانينيات، ظهر ما عرف بتعبير «أفلام المقاولات».. وهى أعمال ركيكة، تعبأ فى شرائط فيديو، تحتوى على إعلانات تجارية عن سلع متنوعة، وتتضمن حكاية تافهة، يخرجها من لا موهبة له، تعتمد غالبا على نجوم من الدرجة الثانية. طبعا، لن تقرأ أسماء فؤاد المهندس أو عبدالمنعم مدبولى، ولكن ستجد اسم سعيد صالح، الضائع فى «درب اللبانة»، «الأونطجية»، و«الصعايدة جم».

أما المسرح، فقد حلا لسعيد صالح أن يؤلف ويخرج بل ويلحن، من دون امتلاك أدوات هذه الإبداعات.. فكانت النتيجة، كما المتوقع.

لكن، أهم إنجاز لسعيد صالح، يتجسد فى أدواره الجميلة، الثرية، التى حققها مع عادل إمام، فى «سلام يا صاحبى»، «الهلفوت»، «على باب الوزير»، «المشبوه»، «زهايمر».. هذا على سبيل المثال لا الحصر وفيها تتجلى طاقة الأخذ والعطاء، المبنية على التفاهم والمحبة، فضلا عن التوافق بين كل منهما والشخصية التى يؤديها، فعالبا، يبدو سعيد صالح كما هو أن عاطفته هى التى تقود تصرفاته، حتى لو كانت رعناء.. بينما عادل إمام، يسير على هدى عقله، حتى لو كان أمارا بالسوء.. وفى جميع أفلامهما، يتلمس المرء، بوضوح، قيمة الصداقة أجمل ما فى الحياة.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات