مصر بين 2000 و2010 ـــ المؤشرات الاقتصادية - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 8:47 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مصر بين 2000 و2010 ـــ المؤشرات الاقتصادية

نشر فى : الأحد 5 سبتمبر 2010 - 9:30 ص | آخر تحديث : الأحد 5 سبتمبر 2010 - 9:30 ص

 فى عام 2000. وعلى الرغم من وعود الرئيس مبارك المتكررة منذ 1981 بتحقيق التنمية الشاملة فى مصر ومعالجة الأزمات المعيشية للمصريين الذين بلغ تعدادهم مع بداية الألفية الجديدة 63 مليون نسمة.

اتسمت المؤشرات الاقتصادية فى المجمل بضعف مخيف، آنذاك. ووفقا للتقديرات الدولية، لم يتجاوز الناتج المحلى الإجمالى 92.4 مليار دولار أمريكى (سنويا) وقبعت النسبة السنوية لنمو الناتج المحلى عند 3.2%.

أما الدين العام الداخلى ــ وهو إجمالى ديون الحكومة والمؤسسات والهيئات العامة تجاه الاقتصاد الوطنى ــ فبلغ فى عام 2000 نحو 47 مليار دولار أمريكى وتجاوزت نسبته بذلك 50% من الناتج المحلى الإجمالى. وتبعت الديون الخارجية، 29.5 مليار دولار أمريكى، الدين العام الداخلى مسجلة نسبة تجاوزت بقليل 31% من الناتج المحلى.

وباستثناء نسب التضخم تلك نجحت الحكومات المصرية المتعاقبة خلال عقد التسعينيات فى السيطرة عليها بحيث لم تزد فى عام 2000 على 2.7%. وكذلك معدل البطالة المنخفض نسبيا (7.4%). لم تبشر بقية المؤشرات الاقتصادية بالكثير من الخير.

ففى حين سجلت التقارير الدولية لعام 2000 حقيقة أن ما يقرب من 20% من المصريين كانوا يعيشون تحت خط الفقر (المحدد بدولار أمريكى كدخل اليوم الواحد) و25% آخرون على خط الفقر.

استحوذت الشريحة العليا من أغنياء المصريين (محددة بنسبة 10% من إجمالى السكان. أى 6 ملايين من إجمالى 63 مليون نسمة) على نسبة 25% من الناتج المحلى الإجمالى.

واليوم فى عام 2010. ومع قرب انقضاء العقد الأول من الألفية الجديدة. كيف يبدو مجمل المشهد الاقتصادى فى مصر وهل تقدمت بنا بالفعل حكومات الحزب الوطنى (كما تدعى قيادات الحكومة والحزب فى مؤتمرات الأخير السنوية) أم استمر سوء وضعف المؤشرات الرئيسية ليصل بنا إلى مهابط غير مسبوقة (كما تدفع المعارضة صباح مساء)؟ المؤكد أن النسب والمعدلات والأرقام التى تحويها التقارير الدولية المعتمدة تقدم من الإجابات المركبة عن الأسئلة السابقة ما يستحيل تطويعه أحاديا.

لا للتدليل على صحة الادعاءات الوردية الصادرة عن الحكومة والمسئولين ولا لإظهار موضوعية نقد المعارضة وكامل تجاهل الحكومة لحقيقة حالة مصر فى 2010.

وفقا لتقديرات نهاية 2009 بلغ الناتج المحلى الإجمالى 187.3 مليار دولار أمريكى. أى أنه تضاعف عن الرقم المسجل فى بداية عام 2000. كذلك حققت النسبة السنوية لنمو الناتج المحلى ارتفاعا غير مسبوق فى الأعوام من 2003 إلى 2007 تجاوز 8%.

ثم تراجعت إلى حد ما على وقع الأزمة المالية والاقتصادية العالمية لتستقر عند 5% للعامين 2009 و2010. وبينما كان المتوسط السنوى لنصيب الفرد الواحد من الناتج المحلى الإجمالى فى عام 2000 عند 1.447 دولار أمريكى. ارتفع هذا المتوسط فى عام 2009 إلى 1.990 دولار أمريكى على الرغم من استمرار الزيادة السكانية (بمعدل 1.76% سنويا) التى أوصلت تعداد مصر اليوم إلى 83 مليون نسمة.

وفى الأمور الثلاثة ــ إجمالى الناتج المحلى ونسبة نموه السنوية والارتفاع الطفيف فى المتوسط السنوى لنصيب الفرد من الناتج المحلى ــ دليل تقدم وتعافٍ اقتصادى يرتبط ولا شك ببعض السياسات والإجراءات الليبرالية التى نفذتها حكومة الدكتور أحمد نظيف منذ توليه رئاسة وزراء مصر فى 2004 بهدف تحرير الاقتصاد وتحرير السياسة النقدية والتجارية وتشجيع الاستثمار وإصلاح النظم الضريبية. إلا أن التقدم والتعافى الاقتصادى هذا لا يعدو أن يكون سوى الوجه الجميل لمشهد اقتصادى مصرى لايزال به من القبح الشىء الكثير.

ولننظر إلى بقية المؤشرات الاقتصادية، فنسبة الدين العام الداخلى من الناتج المحلى الإجمالى تجاوزت فى عام 2009 نحو 80% لتدق ناقوس خطر بالغا على المسار المستقبلى للاقتصاد المصرى. بينما بقى إجمالى الدين الخارجى تقريبا على حاله (29.5 مليار دولار أمريكى فى 2000 و28.1 مليار فى 2009) وإن انخفضت نسبته من الناتج المحلى بتضاعف الأخير خلال الأعوام الماضية.

كذلك خرجت نسب التضخم عن سابق سيطرة الحكومة عليها وبلغت العام الماضى 11.8% بعد أن كانت قد قاربت على 19% فى 2008. فى حين اقترب المعدل السنوى للبطالة من 10%. هيكليا، استمر غياب التوازن بين قطاع الخدمات من جهة وبين القطاعات الصناعية والزراعية من جهة أخرى. فعلى الرغم من السياسات الحكومية الرامية لتشجيع التصنيع.

لم يزد إسهام القطاع الصناعى فى الناتج المحلى بين عامى 2000 و2009 سوى بنسبة 2.4% ليصل إلى 38% فى مقابل 48% لقطاع الخدمات. بل وتراجع إسهام القطاع الزراعى من 16% فى 2000 إلى 13.8% فى 2009.

ثم يزداد المشهد الاقتصادى المصرى قبحا عندما نطالع النسب والأرقام الخاصة بالفقر وبالفجوة بين فقراء وأغنياء المصريين. وفقا للتقديرات الدولية. تصل اليوم نسبة المصريين الذين يعيشون دون خط الفقر إلى 25% (محددا بدولار أمريكى كدخل اليوم الواحد) وتتراوح نسبة من يعيشون على خط الفقر بين 15% و20%.

وهو ما يعنى أن التحسن الذى طرأ بين 2000 و2010 على الناتج المحلى الإجمالى ونموه السنوى والمتوسط السنوى لنصيب الفرد منه لم يرتب بعد تغييرات إيجابية بشأن ظاهرة الفقر ونسبة السكان المعانين منها. كذلك رفعت الشريحة العليا من أغنياء المصريين ــ أى 10% من السكان ــ نصيبها من الناتج المحلى الإجمالى إلى ما يقرب من 28% مقدمة بذلك الدليل البين على تنامى تركز الثروة بمصر واتساع الفجوة بين الفقراء والأغنياء.

إن كان هذا هو حال فقراء وأغنياء مصر وحال الفجوة بينهم. فأين تقف الطبقة الوسطى فى هذا المشهد الاقتصادى وهل تحسنت أم ساءت أوضاع المنتمين لها خلال الأعوام الماضية وهل هى إلى تراجع واختفاء كما يزعم بعض المتابعين لحالة مصر أم هى فى لحظة تنامٍ وصعود كما يدعى البعض الآخر؟ هذه وغيرها هى أسئلة مقال الأسبوع المقبل.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات