خيارات التدخل المصرى فى ليبيا (٢) - نادر بكار - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 6:46 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خيارات التدخل المصرى فى ليبيا (٢)

نشر فى : الجمعة 5 سبتمبر 2014 - 12:05 م | آخر تحديث : الجمعة 5 سبتمبر 2014 - 12:05 م

تاريخيا يمكن القول إنه ابتداء من العام ١٩٥٢ خاض الجيش المصرى تجربتين رئيسيتين للتدخل العسكرى فى أراضى دول ٍأخرى، أولهما فى اليمن لمساندة الثورة أمام النظام التقليدى المدعوم من المملكة السعودية آنذاك، ومنيت هذه التجربة بفشل كبير بل ويرجع كثير من المحللين أسباب هزيمة القاهرة فى يونيو ٦٧ إلى آثار هذه التجربة الاستنزافية، والتجربة الثانية كانت بالاشتراك مع دول ٍعربية وغربية على رأسها الولايات المتحدة لتحرير الكويت مطلع تسعينيات القرن الماضى وانتهت بتحقيق هدفها بنجاح وأعطت الجيش المصرى ميزة عند دول الخليج عالجت آثار تدخله الأول.

١ـ وأول الخيارات المطروحة هو إقدام القاهرة على العمل العسكرى المباشر المنفرد فى ليبيا وهذا الخيار له ثلاث صور:

١ـ الاجتياح الكامل المحدد بهدف نهائى هو تمكين حكومة موالية للنظام المصرى أو على الأقل موافقة على هذا التدخل ودعم هذه الحكومة حتى تسيطر تماما على الداخل الليبى ويتضمن ذلك عملية تكوين ثم تدريب للجيش الليبى تمهيدا لنقل مهام حفظ الأمن إليه بعد انسحاب القوات المصرية.

٢ـ توغل القوات المصرية بعمق يسمح بتكوين شريط حدودى آمن مع الجانب الليبى ويوقف مبكرا أى تسلل محتمل للجماعات المسلحة.

٣ـ توجيه ضربات جوية مركزة قد يصاحبها عمليات برية محدودة لمواقع الجماعات المسلحة وتوقيت إنهائها لا يرتبط بإنهاء المشكلة الليبية الداخلية وتهدف الضربة بشكل رئيسى لإجهاض قدرة التنظيمات المسلحة على التسلل للقيام بعمليات إرهابية فى مصر.

أما الصورة الأولى فتحتاج على الأقل من خمس إلى عشر سنوات لجنى ثمارها؛ كما أن الشريك الليبى الذى يمكن الاعتماد عليه لإكساب التدخل الشرعية المطلوبة ثم لاستمرار دعمه بعد ذلك هو شريك غير موجود خصوصا بعد الفشل الذريع لتجربة حفتر.

والأسوأ أن نتائج هذا الخيار المرجوة غير مضمونة على الإطلاق، لاسيما باستصحاب الإخفاق الأمريكى الكبير فى أفغانستان ثم فى العراق وما تكبدته واشنطن من خسارة بشرية واقتصادية فادحة من جراء التجربتين، بل إن جزء كبيرا من مسئولية تنامى الجماعات الإرهابية فى العراق الذى يعانيه العالم الآن يتحمله الأمريكيون وحدهم.

فإذا ما أخذنا فى الاعتبار الفارق الهائل فى الامكانيات الاقتصادية والعسكرية بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية، مع العواقب الدولية المحتملة وأقلها توقيع عقوبات اقتصادية قاسية على النظام المصرى إذا ما أقدم على خطوة كهذه؛ إضافة إلى الحالة السياسية والمجتمعية غير المستقرة التى تعيشها القاهرة منذ ثورة يناير والمتفاقمة بعد عزل الرئيس السابق، بالإضافة إلى أن الروابط القبلية التى تجمع مواطنى المحافظات الحدودية المصرية ( مطروح / الوادى الجديد) بنظرائهم فى داخل ليبيا ستزيد من احتمالية تصاعد الرفض الشعبى الداخلى، بل قد تؤدى إلى جنوح بعض مواطنى هذه المحافظات المصرية لانتهاج العنف ضد منشآت وأفراد الجيش إذا ما تم استهداف أقربائه فى ليبيا.

وخطورة تشتيت الجيش المصرى واستنزاف قدراته على أكثر من جبهة ( سيناء / المساعدة فى حفظ الأمن الداخلى /ليبيا)، مع ضخامة مسرح العمليات فى الداخل الليبى وإمكانية استدراج الجيش المصرى لحروب عصابات استنزافية طويلة المدى لن يكون مستعدا لها لشراسة المعارك التى سيخوضها ضد ميليشيات قريبة الشبه من ناحية السلاح والعتاد بالجيوش النظامية لكن دون تكتيك معروف يمكن التنبؤ به إلا حروب الشوارع التى لم يختبر الجيش المصرى فيها اختبارا حقيقيا.. كل هذه العوامل وغيرها تفهمها القاهرة وتعى معها استحالة اللجوء إلى هذا الخيار على الأقل فى الوقت الراهن.