استثناء أبناء الكبار يخدم المتطرفين فقط - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 3:46 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

استثناء أبناء الكبار يخدم المتطرفين فقط

نشر فى : السبت 5 سبتمبر 2015 - 9:45 ص | آخر تحديث : السبت 5 سبتمبر 2015 - 9:45 ص

فى عدد «الشروق» يوم الأربعاء الماضى انفرد زميلنا هانى النقراشى المحرر بقسم التعليم بنشر تفاصيل الخبر الخطير المتعلق بقرار تفويض المجلس الأعلى للجامعات لوزير التعليم العالى الدكتور السيد عبدالخالق باستثناء «أبناء الكبار» من قواعد التحويل الجغرافى بالجامعات.

القصة أثارت ضجة كبيرة جدا، وفى يوم واحد سجلت ٢٧ ألف مشاركة على بوابة «الشروق»، وللأسف حاولت وسائل إعلام زميلة السطو على الحملة، دون التزام الحد الأدنى من المهنية بالإشارة إلى جهد «الشروق»، وهى آفة تسيطر على غالبية إعلامنا للأسف الشديد.

هذا عن الشكل، أما عن المضمون، فالخبر يكشف أن بعض صناع القرار عندنا لم يتعلموا أى شىء ويقودوننا بسرعة الصاروخ إلى هاوية سحيقة لا يعلم مداها إلا الله.

السؤال البسيط الذى سأله كثيرون كان الآتى: ما الداعى لاتخاذ مثل هذا القرار الذى استند إلى عبارة مطاطة جدا اسمها «اعتبارات قومية»؟!.

أولا: قبل صدور هذا القانون السرى والمفاجئ كانت هناك إجراءات تنظم نقل أبناء الضباط والمستشارين وكل المصريين من جامعة إلى أخرى فى حالة تنقل آبائهم من مكان إلى آخر اسمها النقل الإدارى صدرت قبل ثلاث سنوات. وهناك أيضا التحويلات الإلكترونية لجميع المواطنين، لجمع شمل الأسرة، بشرط ألا تتجاوز النسبة ١٠٪ من المقبولين.

إذًا أى اعتبارات قومية مثل أبناء شهداء أو مصابين فى الحرب ضد الإرهاب، كان يمكن شمولها ضمن النقل الإدارى، أو حتى النص عليها صراحة فى بند جديد، ولن يعترض أحد عليه مادامت مشروطة ومحددة، أما أن تكون مفتوحة هكذا، فتلك مصيبة وكارثة بكل المقاييس.. لماذا؟
لأنها تعطى الإدارة سلطة نقل أى طالب من أبناء الكبار من أى كلية طب أو هندسة بالصعيد التى دخلها بـ٩٥٪ مثلا إلى طب القصر العينى أو هندسة عين شمس التى قبلت بـ٩٩٪ مثلا، وهكذا دواليك.

تنسيق الجامعات كان آخر معالم العدالة الاجتماعية العمياء فى مصر، التى تخلو من الاستثناءات، ونتذكر جميعا عدم قدرة الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر رحمه الله على إدخال ابنته جامعة القاهرة، واضطراره إلى إدخالها الجامعة الأمريكية بسبب شرط المجموع، حينما كان التعليم فى الجامعة المصرية أرقى كثيرا من أى جامعة أجنبية أو خاصة.

التطبيق العملى للقرار الأخير يعنى أن بعض المؤسسات أو الوزارات ترسل إشارة خطيرة إلى المجتمع بأن من حق الكبار أن يفعلوا ما يشاءون، وحتى إذا فشل أبناؤهم وحصلوا على خمسين فى المائة فقط يمكنهم أن يدخلوا أى كلية، ثم يحولون إلى أخرى بالقاهرة كانت تقبل بمجموع أعلى، وبالتالى نهدر أى قيمة للتفوق، ونجعل الشباب يصاب بالمزيد من اليأس والإحباط.. فمن المستفيد من ذلك؟!!.

كنا نعترض على أن الجامعات الخاصة تزيد التعليم تدهورا، لأنها تسعى لجمع المال قبل توفير العلم والتعليم الحقيقى، والآن يتبين لنا أن الأسس البسيطة لما تبقى من قواعد للعدالة تتعرض للهدم والتقويض.

ولو وضعنا هذا الأمر بجوار حرمان طلاب الصعيد والوجه البحرى من الالتحاق بكليتى الاقتصاد والعلوم السياسية والإعلام ــ وهى الحملة التى فجرتها وقادتها جريدة «الشروق» أيضا بامتياز ــ فسوف نستنتج عدم إدراك غالبية أجهزة الحكومة لتداعيات هذه القرارات الكارثية.

هل تعلم الرئاسة والحكومة أن مثل هذه القرارات أخطر عليها مليون مرة من كل الأفكار المتطرفة والعمليات الإرهابية، وهل تعلم أن كثيرين ــ خصوصا فى الريف يتم استقطابهم للمتطرفين انطلاقا من مثل هذة السياسات؟.

أرجو أن تراجع الحكومة الأمر بسرعة، وأتمنى ان يبادر الدكتور السيد عبدالخالق إلى الغاء القرار. ليس عيبا أن نتراجع عن قرار خطأ، فربما كانت النوايا سليمة، لكن عمليا فإن هذا القرار ثبت أنه لا يفيد إلا الفاسدين والفاشلين ويوفر الغطاء للإرهابيين والمتطرفين والمتربصين.. أفيقوا يرحمكم الله قبل الطوفان.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي