أسرى الأبيض والأسود! - نادر بكار - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 11:58 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أسرى الأبيض والأسود!

نشر فى : الجمعة 5 ديسمبر 2014 - 8:30 ص | آخر تحديث : الجمعة 5 ديسمبر 2014 - 8:30 ص

كثيرون منا يقعون أسرى فخ الخطأ الإدراكى الشهير (الأبيض والأسود) (Black ــ White perception error) ولا يطيق أحدهم أن يتخيل غير الحوار حول المساحة الهائلة من اللون الرمادى بين اللونين، بل سينزعج كثيرا لو أدرك أنه حتى اللونين اللذين ينظر من خلالهما للحياة يحويان داخلهما تنوعا كبيرا فى الدرجات.. فليس كل الأسود كلَيْل ٍبهيم ولا كل الأبيض كندف الثلج!

أسرى الأبيض والأسود لا يحبون التفصيل فى المواقف، يضايقهم الموقف المركب، يزعجهم التروى قبل استصدار الأحكام، يضيقون ذرعا بإنصاف الخصم لخصمه، ينفرون من أى معيار ٍمنطقى أو موضوعى لتفسير الأشياء والأحداث والأشخاص.

يرون الذى يقف فى المنطقة الرمادية الذى قد يأخذ من اللون الأسود بعض قوته وسطوته ومن الأبيض شيئا من سطوعه وبساطته خائبا فاشلا مترددا ممسكا للعصا من المنتصف لا يقبلون منه صرفا ولا عدلا حتى ينحاز إلى أحد اللونين صراحة وساعتها يقررون موقفا حياله!

٢٥ يناير ٢٠١١ هى عندهم إما ثورة متكاملة الأركان لا شية فيها قد أجرم الناس بحقها وضيعوا فرصتها، أو هى مؤامرة كبرى ضيعت البلاد وأزهقت أرواح العباد.. الحزب الوطنى عندهم كان مجرما آثما بكل أفراده وقياداته وبرامجه وخططه وما تحقق فى عهده أو هو الحزب الذى كان يفهم كيف تدار بلد مثل مصر ويعرف كيف يحفظ أمنها واستقرارها إذ لم يكن فى الإمكان أحسن مما كان!

٣٠ يونيو ٢٠١٣ هى عندهم ثورة أيضا قضت على فاشية الإخوان وأراحت المنطقة بأسرها من كابوس كان سيعصف بها أو هى حرب على الإسلام وانتصار للثورة المضادة وخيانة لخيار أتت به الصناديق ومؤامرة صهيونية كبرى!

وقس على ذلك الأشخاص: وائل غنيم، البرادعى، إسراء عبد الفتاح، أسماء محفوظ وكذلك السيسى، عنان، طنطاوى، الجنزورى أبو النجا وغيرهم عشرات.

أسئلة للتدريب:

ماذا يحدث لو أعطيت عقلك فرصة تتأمل فيها أن ٢٥ يناير بعفوية الأداء الجماهيرى فيها ــ بغض النظر عمن شارك فيها من التنظيمات ــ لم تكن إلا تعبيرا متصاعدا عن غضب مكتوم فى الأعماق واتته الفرصة ليستعلن.. نعم أثق أن التغيير لا يأتى عن طريق الثورات وحدها؛ لكن من تحدث عن التغيير؟ لقد كان كبتا نفسته الجموع الغاضبة فى وجه من ظلمها وقهرها عقودا!

ولو أعطيت نفسك نفس الفرصة لترى أن ٣٠ يونيو أو بالأحرى ٣ يوليو كانت محاولة أخيرة لإدراك دولة بدأت تتصدع بالفعل وكانت على شفا الانهيار على رءوس أبنائها.. نعم أثق أن آثارها الجانبية كلفتنا الكثير؛ لكن من تحدث عن اختيار بين السيئ والجيد؟ لقد كان تصحيحا للمسار واختيارا بين سيئ وأسوأ ألجأنا إليه شرذمة تمثل فى الكرسى كل أحلامها!