حديث الغلاء - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 8:09 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حديث الغلاء

نشر فى : الإثنين 5 ديسمبر 2016 - 9:45 م | آخر تحديث : الإثنين 5 ديسمبر 2016 - 9:45 م
لا يفهم المواطن البسيط، مصطلحات من نوع «التضخم، والعجز فى الموازنة العامة، والتعويم، وضريبة القيمة المضافة» وغيرها من كلمات تنضح بها الصحف ووسائل إعلامية أخرى، لكنه يلمس كل يوم اتجاه أسعار جميع السلع والخدمات إلى أعلى، وأن حديث الحكومة عن السيطرة على الأسواق، والضرب بيد من حديد على المحتكرين والمتاجرين بقوت الشعب، مجرد ذر للرماد فى العيون، إن لم يكن «ضحكا على الذقون»

يدرك المواطن البسيط أن الحكومة رفعت سعر البنزين والسولار، بعد أن رفعت أسعار المياه والكهرباء، وأن سعر السكر على بطاقة التموين ارتفع من خمسة جنيهات إلى سبعة، أما من تعتبرهم الحكومة من اصحاب الدخل المرتفع (وهو تعبير لا تعرف على من ينطبق بعد أن أتت القرارات الاقتصادية المتوالية على غالبية الشعب المصرى) فهؤلاء يحصلون عليه بأسعار تتفاوت بين 12 و14 جنيها إن وجد.

ربما تفهم البعض القرارات «المؤلمة» وبينها ترك الدولار للعرض والطلب حتى بات سعره الآن يفوق سعر السوق السوداء يوم تعويم الجنيه المأسوف عليه، وهى القرارات التى جاءت استجابة لتوفيق الأوضاع وتهيئة المناخ للحصول على قرض صندوق النقد الدولى، غير أن من اكتوت جيوبهم بنيران الأسعار التى فلتت من عقالها، لا أعتقد أن أحدا منهم يتفهم حديث الحكومة عن الرخاء القادم.

اليوم يتابع السواد الأعظم من المصريين التلاعب الدائر فى الاسواق، ومباركة الحكومة لهواة جمع المليارات على حساب الفقراء من هذا الشعب، «الذى يكمل عشاه نوم»، ولعل قرار إلغاء الجمارك على الدواجن المجمدة المستوردة، ومحاولة كل طرف التنصل من مكاسبه، بما دفع رئيس الوزراء لتشكيل مجموعة عمل لمراجعة القرار، خير مثال على ما يدور فى العلن قبل الخفاء، ولا تقل لى إن التراجع عن القرار سيكون للحفاظ على صناعة الدواجن الوطنية.

نحن أمام معركة بين حيتان وديناصورات، يتصارع أطرافها على الاستفراد بالمواطنين الغلابة، لسلب ما تبقى لديهم من جلد على العظام، والتهام ما تبقى من الفريسة التى تنازع الموت جوعا، ولعل ما طفح به بعض وسائل الإعلام من دفاع عن هذا الطرف أو ذاك خير برهان على اننا لسنا أمام قرارات غير مدروسة تحتاج إلى مراجعة، بل إزاء مراكز قوى اقتصادية، كل منها يدافع عن مصالحه.

قبل قرار الحكومة الأخير بإلغاء الجمارك على الدواجن المجمدة المستوردة، لم نجد من التجار واصحاب المزارع اية شفقة أو رحمة بالمستهلكين الغلابة الذين يلجأون إلى اللحوم البيضاء هربا من نار اللحوم الحمراء التى تشوى الجيوب، ولا تتحملها الدخول المتدنية التى طار نصفها مع تعويم الجنيه، وتركه يواجه مصيره المحتوم فى مواجهة الدولار المفترى.

فى حديث الغلاء لن يصدق أحد تاجرا مستفيدا ولا مسئولا متواطئا مع رجال الأعمال، يترك الناس فى العراء يواجهون مصيرهم المحتوم، كما أن محاولات الحكومة لتخفيف الضغط على محدودى الدخل بالتوسع فى افتتاح المجمعات الاستهلاكية، أو بالعربات المتنقلة المحملة بالسلع المنخفضة الأسعار التى تجوب الشوارع والميادين بحثا عن الفقراء والمساكين، ستذهب أدراج الرياح أمام من يعيثون فسادا فى الأسواق.

الغريب أن بعض الإعلاميين من أبناء الطبقة الوسطى، والمنحدرين من الفئات الفقيرة، قبل أن يسلخوا جلودهم، يدافعون بالاكتاف والمناكب عن تجويع البسطاء بعد أن امتلأت كروشهم من فتات الموائد، فلم تعد بطونهم تتضور جوعا كما الأيام الخوالى، وبتنا نرى من يعوج فهمه، ويتحدث من طرف أنفه، عن ضرورة أن «يتحمل الشعب» هذه المرحلة الصعبة التى نمر بها.

وإلى هؤلاء.. إذا لم تستح فافعل ما شئت.
التعليقات