شرح التقلبات المصرية للناطقين بالألمانية! - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 5:20 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

شرح التقلبات المصرية للناطقين بالألمانية!

نشر فى : السبت 6 فبراير 2016 - 11:25 م | آخر تحديث : السبت 6 فبراير 2016 - 11:25 م

سؤال: عندما تتذكر ما حدث، لماذا كان حتميا أن تفشل انتفاضة «عيش، حرية، كرامة»؟ وما هى أكبر الأخطاء، من وجهة نظرك، التى ارتكبتها الحركة الديمقراطية آنذاك؟
جواب: لقد ارتكب الفاعلون السياسيون آنذاك أخطاء كثيرة لم يتم النظر فيها حتى الآن. أحد تلك الأخطاء هو الانشغال الكبير بحملات تحديد الهوية بين عامى 2011 و2013، وهى حملات لم تستطع جملة الشعب المصرى فهمها. لقد كانوا وقتها يتساءلون: ما صلة النقاش حول الإسلام أو العلمانية بحياتنا؟ لقد قاد التخندق الأيديولوجى إلى فقدان فكرة الديمقراطية والتحول السياسى مصداقيتها لدى الشعب. لقد طالبت القوى العلمانية واليسارية والليبرالية الجيش بالتدخل مرة أخرى فى السياسة، لأنها لم تتفق مع نهج الإخوان المسلمين. وقتها ألغيت الديمقراطية من أجل التخلص من الإسلاميين. من جهتهم، ارتكب الإسلاميون أخطاء عديدة أثناء فترة حكمهم القصيرة، إذ حاولوا فرض إرادتهم رغم المعارضة الشديدة وخاضوا نقاشات عدوانية للغاية ضد الأقباط والأقليات الأخرى. وبالتالى لا عجب فى أن الأقباط هم من أشد مؤيدى السيسى حاليا.
س: ألم يخُن الإخوان المسلمون أيضا الحركة الديمقراطية، عندما حاولوا التوصل إلى اتفاق مع نخب النظام السابق؟
جواب: نعم، لأن الكثير من اليساريين والليبراليين كانوا فى عام 2011 مستعدين للتعاون مع الإسلاميين من أجل الوصول إلى نظام سياسى ديمقراطى. لقد كانت هناك نافذة وحيدة لتحقيق الديمقراطية، سببها أيضا عدم تدخل نخب النظام السابق. لكن بعد وصولهم إلى سدة الحكم، كان الإخوان المسلمون مهووسين بفكرة إقامة نظام سياسى واجتماعى إسلامى لدرجة أنهم لم يستمعوا إلى شركائهم فى المعسكر اليسارى والليبرالى، بالإضافة إلى السلفيين. لقد كانت هذه اللحظة نقطة انطلاق سياسة الهوية، التى كان موضوعها الوحيد هو تطبيق الشريعة وكل معركة انتخابية فيها تحولت إلى استفتاء حول نصرة الدين. ورغم أن الإخوان المسلمين وصلوا بصورة ديمقراطية إلى الحكم، إلا أنهم أرادوا التوصل إلى اتفاق مع النخب الاقتصادية والمالية، بالإضافة إلى الجيش والأجهزة الأمنية، مثلما فعل حسنى مبارك، وذلك بدلا من الدفع إلى القيام بإصلاحات فى المؤسسة الأمنية. لقد كانت تلك ثانى خيانة للديمقراطية يقومون بها.
س: هل هى خيانة انتهت باخراجهم من الحكم عام 2013؟
جواب: لقد كنتُ من بين أولئك الذين أرادوا إعطاء الرئيس المنتخب (محـمد) مرسى فرصة ثانية. لكن عندما رأيت أنه كان ينجرف باطراد إلى التيار اليمينى وأنه أقصى كل شركائه السابقين فى المعسكر العلمانى وكان ينافق الجيش، لم أتوقع أن يأتى ذلك بأى شىء جيد. لقد تنامى كره الإسلاميين فى المعسكر العلمانى، الذى لجأ بدوره إلى الجيش. لكن بالطبع كانت فكرة أن يقوم الجيش بتنحية مرسى والعودة إلى ثكناته مرة أخرى خطأ كبيرا، بالضبط مثل التهوين من مضمون الرسالة التى توصلها هذه الفكرة إلى الشعب ــ بأن اليساريين والعلمانيين لا يمتلكون على أرض الواقع أى قوة ذاتية للتغيير، وأنهم فى النهاية يعتمدون على الجيش.
الكثيرون من مؤيدى السيسى يحاولون فى الوقت الراهن التهوين من قمع النظام من خلال التذكير بعهد مرسى والخطر الذى تشكله جماعة الإخوان المسلمين اليوم.
ولهذا، هناك هستيريا جماعية تحصل حاليا، كان أوجها فى صيف عام 2013، عندما تم فض اعتصامات رابعة بطريقة عنيفة أدت إلى مقتل نحو ألف مصرى. كيف ردت شرائح كبيرة من الشعب على ذلك؟ بالتصفيق! لقد نجح النظام فى تجريد الإسلاميين من هويتهم الإنسانية، حسب شعار: «هؤلاء ليسوا بشرا وبالتالى يمكن إبادتهم». ما أزال حتى اليوم مصدوما من الصمت حيال ما حصل فى رابعة وتقبل القمع الحاصل حاليا. لا يمكن تبرير كل ذلك بالإشارة إلى فترة حكم مرسى، ذلك أنه إبان رئاسته لم تكن هناك انتهاكات لحقوق الإنسان بالقدر الذى نشهده فى الوقت الراهن.
أجزاء من حوار نشر قبل أيام مع جريدة نويه تسيوريشر تسايتونج السويسرية.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات