«بحب الجيزة».. وأكره مشاكلها - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 10:24 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«بحب الجيزة».. وأكره مشاكلها

نشر فى : الإثنين 6 فبراير 2017 - 10:50 م | آخر تحديث : الإثنين 6 فبراير 2017 - 10:50 م
رحم الله عمنا الكاتب الكبير محمود السعدنى فقد دفعنى شعاره الشهير «أنا بحب الجيزة» إلى الاستيطان فى هذه المحافظة التى تضم أهم آثار العالم على الإطلاق، وتقف على ربوعها جامعة القاهرة منارة مشهودا لها بتخريج العلماء والأدباء، وأفضل العقول المصرية التى ساهمت فى نهوض هذه الأمة على مدى سنوات تتجاوز المائة عام.

هذا الشغف بهذه المحافظة العريقة، لا يمنعنا من أن نجأر بالشكوى، ونصرخ من المعاناة اليومية التى باتت عنوانا للجيزة التى ابتليت فى السنوات الثلاثين الأخيرة على الأقل بمسئولين من نوعية «طنش والناس هتنسى» حتى تفاقمت المشكلات وباتت تستعصى على الحل، وتحولت معها محافظة أبى الهول والأهرامات الثلاثة إلى ما يشبه الخرابة.

من يسكنون الجيزة، أو حتى من يمرون بها إلى المحافظات الأخرى بعد أن تحولت إلى معبر لطريق الصعيد الغربى، يلمسون بلا عناء كم أنهكت الأيام الشوارع التى تآكلت أرصفتها فلم تعد تفرق بينها وبين أكوام التراب و«الزبالة» التى اعتلتها فى وضح النهار، فيما هيئة النظافة لا تزال تقف عند مرحلة المكافحة بالمقشات!.

من إمبابة شمالا ومرورا بالدقى والمنيب وحتى البدرشين جنوبا ومن المهندسين شرقا وحتى حدائق الأهرام غربا، تبدو الجيزة كمحافظة بائسة يعتريها الإهمال، ويضرب التجاهل بأطنابه فى أروقة إداراتها المحلية التى ترفع شعار «لا أرى ولا أسمع ولا أريد لأحد أن يتكلم».

مناطق تمرح بها التكاتك، وأخرى تسدها مواقف الميكروباص العشوائية التى يقام بعضها للأسف تحت رعاية المحافظة وبمباركة أجهزتها التنفيذية، وعلى سبيل المثال لا الحصر على بعد خطوات من سفح الهرم، حيث يفترض أن يتنقل السياح فى أهم بقعة تضم هرم خوفو إحدى عجائب الدنيا السبع، أقامت المحافظة موقفا للميكروباص فى نهاية شارعى فيصل والهرم، ليزيد من معاناة العابرين لهذه المنطقة التى كانت المحافظة قد سمحت فى فترة سابقة بافتتاح أحد سلاسل محلات الهايبر ماركت الشهيرة بها بما تجلبه من رواد يسدون كل منفذ بسياراتهم.

وغير بعيد عن هذا الموقف العشوائى تحول ميدان الرماية الذى تطل عليه العديد من الفنادق الشهيرة فضلا عن الإطلالة الأوسع للهرم الأكبر، إلى مجموعة من المواقف العشوائية فى حماية رجال المرور الذين لا يظهرون إلا فى ساعات الصباح الباكر قبل أن يتبخر وجودهم، وخاصة فى مساءات نهاية الأسبوع، حيث ينصهر النقل الثقيل بالأتوبيسات مع سيارات الميكروباص والملاكى وتعم الفوضى، والسير عكس الاتجاه، فى مشهد لا يحدث حتى فى أحراش أفقر الدول وأقلها موارد فى العالم، ولتذهب معاناة الناس إلى الجحيم.

وعلى الدائرى الذى يخترق الجيزة من عدة مناطق، تتراكم مخلفات هدم المبانى، التى تسد أحيانا مطالع ومنازل الطريق، لا وجود لأى جهاز تنفيذى يردع المخالفين، وعندما تخاطب المحافظة يكون الرد جاهزا «الدائرى من اختصاص هيئة الطرق والكبارى ولا ولاية لنا عليه»، وكأننا فى جمهورية أخرى، حيث يتطلب الأمر تدخل مجلس الأمن لحل المشكلات أو إجبار الأطراف على التنسيق فيما بينها.

استبشر سكان الجيزة خيرا عندما جرى اختيار اللواء كمال الدالى محافظا وهو الذى كان مديرا لأمنها، ولكونه أحد أبناء المحافظة، أى أنه يعرف كل كبيرة وصغيرة فيها، أو يحفظها عن ظهر قلب، كما يقولون، غير أنه ليس بالأمانى وحدها يحل السيد اللواء المحافظ المشكلات التى أخذت تتفاقم من يوم ليوم، وآخرها انقطاع المياه عن 22 منطقة بشمال المحافظة لثلاثة أيام متواصلة قبل أن ينزل السيد اللواء المحافظ من برجه العاجى مضطرا للاعتذار عن سوء إدارة الأزمة التى هى مجرد عنوان للعديد من المشكلات التى تعيشها الجيزة والتى قد تحتاج إلى سيل من الاعتذارات.
التعليقات