الرؤية القرآنية للكون وسكانه 7ــ البشر فى تصور المسلم - جمال قطب - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 2:28 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الرؤية القرآنية للكون وسكانه 7ــ البشر فى تصور المسلم

نشر فى : الخميس 6 أبريل 2017 - 9:10 م | آخر تحديث : الخميس 6 أبريل 2017 - 9:10 م

يحتوى القرآن الكريم على أوصاف متعددة فى مجال الاعتقاد العام، فصفحة الأرض لا تجد عليها ــ فى عقيدة المسلم ــ غير ثلاث مجموعات إحداها: الأمة المسلمة بما تشمله من مستويات إيمانية وعلمية. وثانيتها أهل الكتاب: وهم فريقان أسبقهم المنتسبون إلى الأمة اليهودية وأشهر أنبيائهم موسى عليه السلام وأشهر كتبهم السماوية التوراة، والفريق الآخر من أهل الكتاب هم الأمة المسيحية المنتسبون إلى نبى الله عيسى والذى أنزل عليه الإنجيل.. فهذان الفريقان هما ــ كما يعتقد المسلم ــ أهل كتاب ممن قبلنا من الأمم. أما المجموعة الأخيرة من المجموعات الكبرى فهم الذين أطلق القرآن عليهم صفة الكافرين، فالمسلم يعتقد أن البشر على الأرض ثلاث فئات من المعتقدات هم: أهل الكتاب (اليهود/ المسيحيين)، والمسلمون، والكفار الذين ينكرون الدين السماوى.
ــ1ــ
ونظرا لملابسات وأحداث تاريخية وقعت وتسببت فى أن يحمل المسلمون السلاح على شرائح من أهل الكتاب أو من الكافرين، توهم البعض أن الإسلام جاء ليجعل القتل والعدوان شريعة، وهذا تصور لا يمت إلى حقيقة ما أنزل الله فى القرآن ولا ما حدث من سلوكيات وتصرفات نبوية. ولولا قيام الآخرين بالعدوان المباشر على المسلمين ما حمل المسلمون سلاحا على أحد. فالثابت الواضح فى القرآن الكريم أن فريضة الجهاد ليست عدوانا ولا قهرا ولا إلزاما بتغيير المعتقد، وما الجهاد ــ كما بين القرآن ــ إلا تحمل الآخرين والحوار معهم والحرص على حسن جوارهم ثم الاستعداد لصد عدوانهم إذا حدث ــ لذلك تجد أصل الجهاد فى القرآن مدونا فى آيتين واضحتين أولهما قول الله تعالى: ((وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم)) أى لإحداث رهبة نفسية لتمنعهم من التفكير فى العدوان. أما الآية الأخرى فهى قوله تعالى: ((أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير)) أى أن الإذن بالقتال خاص بمن ظلم ووقع عليه عدوان فقط. وهكذا كانت كل الحروب النبوية إما تطهيرا لحدود الحرم مما أصابه وإما ردا لعدوان الآخرين.
ــ2ــ
ومصطلح الجهاد فى عقيدة المسلم ليس عدوانا ولا تأديبا ولا إكراها. إنما الجهاد هو فتح جميع أبواب الحوار مع جميع البشر سعيا للتعارف ((وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا)) وسعيا للتعاون ((وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان))، وسعيا لتحقيق الأخوة الإنسانية فجميع البشر أبناء لآدم وحواء حتى أن القرآن يبين هذه العلاقة فيقول: ((يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء ۚ واتقوا الله الذى تساءلون به والأرحام)) أى أن هناك صلة رحم قوية وصحيحة بين جميع الناس، فليس لأحد أن يقتل أحدا ولا أن يعتدى على أحد ولا أن يظلم أحدا.. إلخ.
ــ3ــ
كما يتعلم المسلم من القرآن الكريم أن العلاقة بينه وبين أهل الكتاب وغيرهم هى علاقة لا تنقص ولا تزيد عن العلاقة التى ذكرها القرآن بين جميع الأنبياء وبين أممهم على الرغم من مغاضبة الكافرين للأنبياء والعدوان عليهم، فانظر إلى الأخوة الواضحة بين الأنبياء وأممهم: ففى شأن قوم عاد يقول القرآن: ((وإلىٰ عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله))، وفى شأن ثمود يقول: ((وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله))، ويؤكد القرآن أخوة الأنبياء للناس فيقول فى شأن نوح: ((إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون))، وفى شأن لوط يقول: ((إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون)).

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات