تاريخ جانبى - كمال رمزي - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 3:04 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تاريخ جانبى

نشر فى : الإثنين 6 يونيو 2016 - 11:05 م | آخر تحديث : الإثنين 6 يونيو 2016 - 11:05 م
حمدا لله، لم يحترق ستوديو نحاس.. النيران، التهمت فقط حارته العريقة، المولودة مع إنشاء الاستوديو الذى شيده ثلاثة إخوة من عشاق السينما، توزيعا، إنتاجا، صناعة.. الإخوة هم: جبرائيل، إدمون، شارل نحاس.. نشاطهم بدأ بالتوزيع، ثم دخلوا ميدان الإنتاج. ارتبطوا بعلاقات وثيقة مع فنانى الأربعينيات، من بينهم يوسف وهبى، الذى رشح لهم الطريقة الجديدة، نور الهدى، اللبنانية، التى استقبلها جبرائيل فى المطار. أسند لها بطوله أول فيلم تقدمه، «جوهرة»، ليوسف وهبى ١٩٤٣.

مع توالى الإنتاج، قرر الإخوة إقامة ستوديو، على مساحة عشرة آلاف متر، بأحدث المعدات، مكون من بلاتو، صالة دوبلاج، قاعة عرض.. مع افتتاح الاستوديو، فى العام ١٩٤٨، تقدم المخرج حسين فوزى بمشروع فيلم أقرب للمغامرة. بطلته لم تظهر من قبل. الأدهى أن البطل أيضا من الوجوه الجديدة.. الواضح أن جبرائيل، صاحب عين ثاقبة، فضلا عن ميله للمغامرة، وافق على إنتاج «العيش والملح»، ببطولة نعيمة عاكف، سعد عبدالوهاب.. إخراج حسين فوزى ١٩٤٩.

مع مولد النجمين، ولدت الحارة قام ببنائها السينمائى الأرمنى، المشبع بالروح المصرية، هاجوب أصلنيان، بإشراف حسين فوزى.. عنوان الحارة، هو ذاته عنوان الفيلم، سكانها من الطيبين الأوفياء. يعطفون على بعضهم بعضا، يدافعون عمن يلجأ لهم.. البيوت، ذات شرفات خشبية، يمتد، على حافتها، حبال نشر الغسيل، يقف فيها بنات وأولاد، يرددون مقاطع من أغنيات سعد عبدالوهاب.. ثمة شبابيك، مغلقة غالبا، فى الدور الأول.. فى الخلفية، دكاكين بقالة، خضراوات، كواء.

بعد تصوير عدة أفلام فى ذات الحارة، مع إجراء تعديلات، جاء الفنان المتعدد المواهب، ولى الدين سامح، ليصمم وينفذ حارة فريدة غير مسبوقة ولا ملحوقة، فى السينما المصرية، ذلك أنها مزجت بين الواقعية والرمزية.. تتواءم مع شخصيات «شمشون ولبلب» الذى تغير عنوانه بـ«عنتر ولبلب» لسيف الدين شوكت ١٩٥٢، عقب معركة قوات الاحتلال ضد الشرطة المصرية، فى الإسماعيلية.

حارة ولى الدين سامح، غدت أوسع مما كانت عليه، الحركة فيها سلسة، لا تتوقف، دكاكينها تحمل عناوين ذات مغزى سياسى «جزارة القنال»، «عجلاتى الوحدة»، «عصير الجلاء»، «مطعم لبلب».. ثم، فى قلب الحارة، يفتتح، فيما يشبه الغزو «كازينو شمشون».

لمسات جديدة يضفيها ولى الدين سامح على حارة «دهب» لأنور وجدى ١٩٥٣، حيث يضيف سلالم فى مدخل الحارة، منخفضة المستوى، جغرافيا وطبقيا، التى يسكنها العازف المعدم، مع شريدته، فيروز.

من جديد، تظهر حارة ستوديو نحاس، بتفاصيل يطوعها ولى الدين سامح، لتوائم مزاج صلاح أبوسيف، فى «شباب امرأة» ١٩٥٦، حيث نقرأ على الجدران، عنوان محل «خليل الخراط وولده»، بالقرب منه إعلان «ششم الأطفال» ــ من يتذكره الآن؟ ــ اللافت أن سرجة «شفاعات»، مفتوحة على حارة لا يتوقف فيها دبيب الحياة، أمامها مقهى، يمتلئ بالزبائن.

لجأ ماهر عبدالنور، فى «خان الخليلى» لعاطف سالم ١٩٦٦ إلى أسلوب أقرب للتسجيلية، فالحارة، تحاكى بدقة، حوارى القاهرة القديمة، ببيوتها الموغلة فى القدم، زحامها، عربة البليلة، المقهى، الدكاكين المتجاورة، لكن تلمع نزعة تعبيرية بديعة، تتجلى فى عمود الإنارة، بفانوسه المهشم، فى مقدمة مشهد النهاية، حين تغادر أسرة أحمد عاكف «عماد حمدى» الحارة، خلف عربة الكارو التى تحمل عزالهم، فيما يشبه المسيرة الجنائزية.

حارة ستوديو نحاس، تنبض بالحيوية فى عشرات الأفلام الأخرى.. وربما، جدير بالذكر، أثناء التغطية المباشرة للحريق، لحظة بلحظة، ذكر المذيع الشاب، اسم الاستوديو، عدة مرات كالتالى «ستوديو مصطفى النحاس»، وبهذا، ينسب للزعيم ما ليس له، مغمطا حق الإخوة نحاس، على رأسهم جبرائيل الذى فتح الباب لنور الهدى، ومنح الفرصة الأولى لنعيمة عاكف، واكتشف موهبة هدى سلطان، وتعاقد معها على ثلاثة أفلام دفعة واحدة، كان بدايتها «ست الحسن» لنيازى مصطفى ١٩٥٠.. لذا، لزم التنويه.
كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات