«القضاء - مسئولية - مبادئ - رجال - مهارات» 13- من ضمانات العدالة ب- تعدد درجات التقاضى - جمال قطب - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 1:12 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«القضاء - مسئولية - مبادئ - رجال - مهارات» 13- من ضمانات العدالة ب- تعدد درجات التقاضى

نشر فى : الثلاثاء 6 يونيو 2017 - 9:35 م | آخر تحديث : الثلاثاء 6 يونيو 2017 - 9:35 م

جعل القضاء ليقطع النزاع ويضفى على المجتمع سكينة وسلاما. والقضاء دائما يسعى لإقناع المتنازعين بعدالة الحكم حتى يتقبله جميع الأطراف فيقطع النزاع، فهل هناك مانع أن يعاد النظر فى الأحكام القضائية بعد صدورها؟ وهل إعادة النظر فيما صدر من أحكام قضائية يعتبر حرجا أو مساسا بهيبة القضاء؟
ــ1ــ
بداية لابد من وضع النقط على الحروف فنسأل: من هذا الذى يملك إعادة النظر فى حكم قضائى صدر عن هيئة قضائية تضم ثلاثة قضاة؟ من البديهى أن أطراف النزاع لا تملك. كما أن المؤسسات الأخرى فى الدولة (التشريع ــ الحكومة) لا يملكان النظر فى أى حكم قضائى. فلا يبقى إلا احتمال واحد وهو قيام هيئة قضائية أخرى تعلو الهيئة السابقة بزيادة خبرة قضائية، أو بتمايز تخصصى فى موضوع القضية، وتلك هى محكمة الاستئناف، وهى هيئة قضائية تتمايز عن المحكمة الأولى بأن قضاة الاستئناف أكثر خبرة وربما أكثر تخصصا. وإذا كان عدد أعضاء محكمة الاستئناف بين ثلاثة أو خمسة فذلك يرسخ الثقة والرضا لدى المحكوم عليه. فإذا كان أحد الخصمين لم يرتض حكم أول درجة الصادر عن (ثلاثة قضاة أو اثنان)، فها هى قضيته يعاد عرضها على هيئة أكثر خبرة وربما أكثر عددا فيأتى حكم الاستئناف بإجماع الخمسة أو أربعة أو ثلاثة وهنا تكون القضية قد نظرها فى القضيتين ما لا يقل عن 6 قضاة، والحكم الصادر يكون قد جاء من توافق 4 أعضاء على الأقل. وتلك ضمانة أخرى ولا تنسى ما سبق أن أشرنا إليه من سابقة نبوية فى تعدد درجات التقاضى مع نبى الله داوود ونبى الله سليمان عليهما السلام. فتعدد الدرجات أكثر توثيقا للعدل.
ــ2ــ
ما زال فضل الله يحيط بالعدالة ويضمن لها التحقق والاستقرار، فألهم سبحانه وتعالى العقول البشرية لدرجة ثالثة من درجات التقاضى وهى «قضاء النقض». وتلك درجة أكثر تخصصا إذ إنها هيئة قضائية من 5 إلى 9 قضاة يعيدون النظر فى شأن كيفية إيقاع الاستئناف للحكم على الدعوى (القضية)، فلعل هناك ظروفا وجهت نظر قضاة الاستئناف ناحية أقل جدارة بالمراعاة من ناحية أخرى فتم الحكم بشكل لا يوافق صحيح القانون... ومحكمة النقض حينما تقترض على حكم بشكل لا يوافق صحيح القانون... ومحكمة النقض حينما تعترض على حكم صدر من محاكم الاستئناف فإنها تأمر بإعادة عرض الدعوى على هيئة استئنافية أخرى غير التى أصدرت الحكم الذى تم نقضه. وتستطيع محكمة النقض أن تقوم بإعادة المحاكمة من خلال دائرة أخرى غير التى أصدرت حكم النقض.. فانظر كيف يمكن للقضية أن تفوز بالعرض على ثلاث درجات وينظر فيها أكثر من 10 قضاة!!
ــ3ــ
ما زال الفكر الإنسانى يضيف إلى الفقه الإسلامى ضمانات أخرى للعدالة من خلال تعدد درجات التقاضى إذ اتسع النظام القضائى إلى مستوى رابع وهو القضاء الدستورى ممثلا فى «المحكمة الدستورية» وهذه المحكمة محكمة ذات سلطة عليا وظيفتها ليست فى نصر المظلوم، بل فى إزالة أسباب الظلم حيث أنها تجدد النظر فى نصوص اللوائح والقوانين.. لعل فيها ما يخالف الدستور فتسارع بإلقاء ذلك النص المخالف للدستور وتهدره وتهدر معه ما صدر بسببه من أحكام... نعم فالدستور هو«أبو القوانين».. وهو العقد الاجتماعى والسياسى الذى ارتضاه الشعب أساسا لإدارة الدولة، ولذلك يجب عدم الخروج على الدستور من أى سلطة فلا سلطة التشريع ولا سلطة القضاء ولا السلطة التنفيذية يملكون مخالفة الدستور أو الخروج عليه، كما أن تعديل الدستور عملية صعبة وتحتاج استفتاء الشعب كله لمجرد تغيير لفظ أو إضافة لفظ إلى النص الدستورى.
ــ 4 ــ
هكذا يكون تعدد درجات التقاضى من المحاكم الابتدائية إلى محاكم الاستئناف إلى محكمة النقض ثم الدستورية.. كل تلك الدرجات تضمن مسارا آمنا للعدالة. ولكن متى كان التنظيم وحده يحقق العدالة؟ بل لابد من ضوابط أخرى..

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات