المهمة المستحيلة.. التضامن العربى ــ التركى بقيادة أردوغان - العالم يفكر - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 1:54 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المهمة المستحيلة.. التضامن العربى ــ التركى بقيادة أردوغان

نشر فى : الأحد 6 أغسطس 2017 - 9:30 م | آخر تحديث : الإثنين 7 أغسطس 2017 - 10:30 ص

نشر مركز بيجن البحثى الإسرائيلى ورقة بحثية للكاتب «بوراك بيك ديل» وهو كاتب تركى يختص بشئون تركيا والشرق الأوسط، يتناول فيها خطة أردوغان للسيطرة على الشرق الأوسط بوصفه جامع شمل المنطقة تحت مظلة الدين الإسلامى ورفع شعارات تدعو لتجنب النزاعات والخلافات.

استهل الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن «أردوغان» يطمح فى تحقيق التضامن العربى التركى تحت إطار تحالف اسلامى يجمعهم بصرف النظر عن الاختلافات الثقافية فيما بينهم، (فالدين هو محدد السياسة الخارجية لديه يوضح الحلفاء والأعداء)، وبالتالى يمكن تحقيق التقارب فيما بينهم باعتبارهم جميعًا معسكرًا إسلاميًا، وبذلك يستعيد مشروع الخلافة الذى كان قائمًا فى عهد الدولة العثمانية فى عصورها الزاهية ويصبح خليفة للمسلمين وقائدًا لذلك التحالف.

ولكن تلك المهمة تبدو مستحيلة بسبب الصدام بين الثقافة العربية والتركية، رغم التآلف بينهم والتعايش السلمى فى عهد الدولة العثمانية والتى تعامل معها العرب بوصفها خلافة إسلامية وليس احتلالا. لكن فى أواخر عهدها بدأت الصدامات لأنها حاولت فرض الثقافة التركية وتمسك العرب بثقافتهم العربية، ومحاولة العرب التخلص من السيطرة العثمانية عليهم من خلال التحالف مع الغرب ضد العثمانيين وصولا إلى الحرب المباشرة بينهما، وبالتالى قُطعت كل الروابط الودية بين المعسكرين على أساس الرابطة الإسلامية، وأصبحت السياسة الخارجية بينهما على أساس المصالح الوطنية.

ويؤكد الكاتب على محاولات تنفيذ مخطط «أردوغان» منذ قدومه للحكم فى 2002، حاول استعادة العلاقات العربية التركية على أساس الدين الإسلامى وتجاوز الصدام الثقافى، والاستفادة من الاختلاط بين اللغتين، فكلاهما يضم عبارات وكلمات من اللغة الأخرى (فهناك العديد من الأمثال الشعبية التركية مأخوذة من اللغة العربية)، فبدأ بنشر التآلف مع الثقافة العربية فى المجتمع التركى: من خلال: إقامة المدارس الدينية السنية باللغة العربية، تعليم اللغة العربية فى المدارس التركية. ومحاولة التقارب الثقافى مع العرب داخل بلادهم من خلال بث التليفزيون التركى لقناة فضائية ناطقة بالعربية.

ويشير الكاتب إلى كتابات مفكرين أتراك تدعو للتقارب الثقافى بينهما مثل المقال الذى نشره الكاتب «على بولاج» (وهو كاتب ذو ميول عربية اسلامية كان مقربا من أردوغان إلا أنه اعتقله بعد محاولة الانقلاب عليه) فى 2008 لنقد عازف البيانو التركى «فيصل ساى»: (موسيقاه الغربية بعيدة عن خصوصية الموسيقى التركية ذات الأصل العربى الشرقى، فموسيقى أم كلثوم وعبدالوهاب هى موسيقى عربية تركية، فلا يمكن القبول بالبعد عن الثقافة العربية والتقارب مع الغرب، لأن تركيا والعرب أمة واحدة.

وانتقل الكاتب لمستوى السياسة الخارجية حيث حاول «أردوغان» بمعاونة وزير خارجيته سابقًا ورئيس الحكومة حاليًا «أحمد داود أوغلو» تنفيذ استراتيجية تجعل منه نجمًا لامعًا وبمثابة بطل شعبى فى الشارع العربى من خلال إطلاق حملة مقاطعة تركية لكل ما هو إسرائيلى، وتلك الاستراتيجية أتت ثمارها؛ حيث أيدت الجماهير العربية «أردوغان» وهتفت له فى الميادين. 

ولم يكتف «أردوغان» بذلك إنما اطلق مشروعا لتأسيس اتحاد وتحالف عسكرى إسلامى، وسعى لإقامة قاعدة عسكرية تركية فى السعودية إلا أنها أفشلت المخطط التركى لتحدى نفوذها الإقليمى.

ويرى الكاتب أن الخلافات بدأت بين الحكومات العربية و«أردوغان» بسبب تأييده ودعمه لنفوذ الإسلام السياسى وجماعة الإخوان المسلمين فى البلاد العربية ودعم حماس وقطر ومعارضته للعقوبات العربية على قطر، أدت إلى وضعه فى بوتقة الدول الداعمة للإرهاب المزعزعة لاستقرار تلك الدول شأنه شأن تنظيم القاعدة!.

ووقع صدام بين «أردوغان» والسعودية بسبب انتقاده لحملة المقاطعة ضد قطر ووصفه لها بأنها عقوبات غير إنسانية أقرب إلى عقوبة الإعدام وأبعد ما تكون عن تعاليم الإسلام!، وفى المقابل اتهمته السعودية بالتناقض فى تصريحاته بأنه معارض لعقوبة الإعدام فى الوقت الذى أعدم فيه معارضيه بعد محاولة الانقلاب عليه، كما أنهم ليسوا فى حاجة لتعلم تعاليم وقيم الإسلام ولن يستمعوا لها من شخص بعيد عن ثقافة الإسلام ومقلد للزى والثقافة الغربية.

وعلى المستوى الشعبى أصبح هناك تباعد وعداء بين الشعوب العربية والحكومة التركية، فق أشار الكاتب «طه أكيول» إلى نتيجة استطلاع رأى أجراه مركز «زغبى» أن 67% من المصريين و65% من السعوديين و59% من الإماراتيين و70%من العراقيين ليسوا على وفاق مع الحكومة التركية، وكنا لنصل لنفس النتيجة لو أجرى نفس الاستطلاع منذ قرن من الزمان فى عهد الدولة العثمانية.

وتوصل الكاتب فى الختام إلى أنه بسبب أحداث الربيع العربى والتنازعات داخل الدول العربية، بالإضافة إلى حملة المقاطعة الخليجية بزعامة السعودية ضد قطر (فى الخامس من يونيو الماضى والتى انضم إليها عدد من الدول العربية) بمثابة صدمة كبرى لمشروعه؛ لأن المقاطعة تعتبر تناحرًا وصراعًا بين السنة وبعضهم البعض، بما يعيق الاعتماد على القوة الإقليمية للسعودية والقوة الاقتصادية لقطر من أجل إنجاح مشروعه، وفى ظل الصراع على المستوى الحكومى وحالة الرفض الشعبى العربى للتقارب مع تركيا والاتهامات الموجهة لأردوغان بدعم الإرهاب وتأييد الإخوان المسلمين والتدخل فى الشئون الداخلية للدول العربية، كل ذلك يجعل محاولاته للتقارب التركى العربى وتحقيق التضامن بمثابة مهمة مستحيلة.

النص الأصلي:

التعليقات