واشنطن ومعضلة حلفائها الثلاثة - محمد المنشاوي - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 1:17 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

واشنطن ومعضلة حلفائها الثلاثة

نشر فى : الجمعة 6 سبتمبر 2013 - 8:55 ص | آخر تحديث : الجمعة 6 سبتمبر 2013 - 8:55 ص

يرى المفكر الأمريكى البارز والتر راسيل مييد، فى مقال نشر له بجريدة وول ستريت جورنال تحت عنوان «الاستراتيجية العظمى الفاشلة فى الشرق الأوسط»، أن الرئيس الأمريكى باراك أوباما تبنى استراتيجية فاشلة فى الشرق الأوسط خلال سنوات حكمه الخمس الماضية، واختار مييد أن يذكر أوباما أن مازال أمامه ثلاث سنوات كاملة يمكنه خلالها العمل على إصلاح الفشل الأمريكى الكبير.

ويعتقد مييد أن رهان أوباما وحساباته السياسية الخاطئة أبعدته وأبعدت الولايات المتحدة عن أهم ثلاثة حلفاء لها بالمنطقة وهم إسرائيل والمملكة العربية السعودية والجيش المصرى، وأنه لا سبيل لتصحيح الاستراتيجية الأمريكية إلا من خلال العمل الإيجابى مع الحلفاء الثلاثة. ويؤكد مييد أن التجارب التاريخية تظهر أن رؤيتهم وتصورهم لطبيعة التحالف مع واشنطن يخدم فى النهاية المصالح العليا للولايات المتحدة.

من هنا يمكن تفهم أسباب الفزع السعودى الإسرائيلى من سقوط نظام الرئيس السابق حسنى مبارك. فقد أكد ملك السعودية للرئيس أوباما خطورة ترك مبارك يسقط، كون ذلك رسالة سلبية لحلفاء واشنطن. وتحدث ملك السعودية عبدالله بن عبد العزيز إلى أوباما بعدما أنهى خطابه الأول عن مصر يوم 28 يناير، مؤكدا ضرورة «الوقوف بجانب الرئيس مبارك». ولا يخفى خوف الأسرة المالكة فى السعودية من تأثير التغيير والتطور الديمقراطى فى مصر، إن كتب له النجاح، على المملكة السعودية واحتمال انتقال العدوى للرياض.

كذلك يمكن تفهم تواصل رنات تليفونات البيت الأبيض من تل أبيب طالبة من الرئيس الأمريكى التمهل والوقوف بجانب حاكم مصر، وذكر نتنياهو لأحد مستشارى أوباما «لا أعتقد أن الرئيس أوباما يعرف ما ينتظره»، وأكد نتنياهو لأوباما على «ضرورة الوقوف مع مبارك مهما حدث».

●●●

فى خضم التغيير السريع والدراماتيكى الذى تشهده المنطقة يعتقد البعض من منظرى الاستراتيجية الأمريكية أن أوباما راهن بكل ثقله على نجاح ثورات العرب، واعتقدوا أن بإمكان الإدارة الأمريكية دفع مسار الاحداث فى اتجاهات معينة. فى حين اعتقد منظرون آخرون أن أوباما اندفع متوازنا فى مسار جيد من خلال محاولة دفع الأحداث فى طريق لا يصطدم بالمصالح والمبادئ الأمريكية.

إلا أن تطورات الأحداث أثبتت أن إدارة أوباما لا تستطيع التأثير فى مسار ثورات العرب، بداية لأنها لم تفهم جوهر هذه الثورات، ولم تستوعب ديناميكيات اللعبة السياسية خاصة فى مصر.

ويتهم مييد أوباما بتبنى استراتيجية كبرى فى الشرق الأوسط ارتكزت على التعامل والاعتماد على تيار الاعتدال الإسلامى مثل حزب «العدالة والتنمية» فى تركيا، وجماعة الإخوان المسلمين بمصر. وكانت الإدارة الأمريكية مدفوعة فى هذا التحالف بتصور أن الإسلاميين يمكن أن يسهموا فى التحول الديمقراطى، وتحسين الظروف المعيشية بدول المنطقة. ونتج عن ذلك الابتعاد عن الحلفاء الثلاثة التقليديين ولو بصفة مؤقتة.

يعتبر مييد أن الاستراتيجية التى وضعتها إدارة أوباما للتعامل مع منطقة الشرق الأوسط تعانى من قصور حقيقى تجلت ملامحه فى تعاظم حدة الأزمات التى تعانى منها دول المنطقة. ويحلل مييد ما حدث بمصر من إزاحة الرئيس محمد مرسى على أساس أنه استعادة واسترداد المؤسسة العسكرية شكل ومعالم الدولة الذى أسس له الجيش بعد ثورة 1952.

ويقتنع مييد أن الجيش فى مصر يمثل المؤسسة الأقوى فى الدولة (مقارنة بالتيار الليبرالى وكذلك جماعة الإخوان المسلمين)، لذا لجأ التيار المدنى إليه بعدما تأزمت علاقاته بتيار الإسلام السياسى. ويرى مييد أن مطلب الطرف المدنى من الجيش العودة للحياة السياسية، يعد طلبا مفهوما.

ويضيف مييد أنه فى خضم هذه التشابكات والحسابات المعقدة كانت الإدارة الأمريكية ترتكب خطأ كبيرا، فقد تجاهلت كل هذه الأمور، وظلت على قناعتها الأولية بأن ما يحدث فى مصر هو تحول ديمقراطى حقيقى.

وغاب جوهر طبيعة العلاقات الأمريكية مع المملكة السعودية وإسرائيل عن إدارة أوباما وهى تضع استراتيجية التعامل مع الإسلاميين. تجاهلت الإدارة الأمريكية تداعيات هذه الاستراتيجية على علاقاتها مع المملكة العربية السعودية، وإسرائيل، ولم تعرف كيف يمكن أن تتعامل مع تخوفات كلتا الدولتين.

ويعتقد مييد أن العلاقات مع الرياض كانت شديدة التعقيد، فالإدارة الأمريكية لم تراع تخوفات المملكة العربية السعودية من تزايد نفوذ تركيا وجماعة الإخوان المسلمين بالمنطقة. ووضح ذلك فى اختيار واشنطن التحالف مع تركيا والتعامل الايجابى مع الرئيس محمد مرسى فى مصر، وكان هذا يعنى وضع قيود على حركة الدبلوماسية السعودية لحساب دول أخرى مجاورة مثل قطر التى تطمح لانتزاع المبادرة الدبلوماسية من جارتها الأقوى والأكثر تأثيرا.

●●●

وفى هذا السياق يقول مييد إن أغلب الأمريكيين لا يدركون مدى الكره الذى يكنه المسئولون السعوديون لجماعة الإخوان، وللإسلاميين فى تركيا، حيث سيطر على الرياض لفترة طويلة اعتقاد راسخ بأن جماعة الإخوان تشكل تهديدا سياسيا فى عالم الإسلام السنى، كما أن طموح رئيس الوزراء التركى أردوغان ــ المرتبط بإحياء مجد الإمبراطورية العثمانية، وتحويل مركز الثقل فى العالم الإسلامى إلى تركيا ــ لا يمكن أن ترتضيه المملكة السعودية، لأنه تهديد مباشر لنفوذها.

من ناحية أخرى فإن دعم واشنطن للتحالف القطرى مع تركيا وجماعة الإخوان المسلمين فى مصر أغضب السعودية بصورة أكبر، وهو ما جعلها تنضم إلى الطرف غير الداعم لأهداف الدبلوماسية الأمريكية، ولم يكن هذا الأمر غائبا عن مشهد 30 يونيو فى مصر، فالمملكة تحالفت مع المؤسسة العسكرية، ووجدت فى هذا التحالف فرصة للإطاحة بمحور قطر والإخوان والأتراك المدعوم من الولايات المتحدة.

ويخلص الكاتب إلى التأكيد على أن إدارة أوباما يتعين عليها الاستفادة من الأحداث التى مرت بها المنطقة خلال السنوات الماضية، وهو ما يتطلب منها أولا الحفاظ على حلفائها الاستراتيجيين بالمنطقة (المملكة العربية السعودية وإسرائيل والجيش المصرى)، والعمل على تقليل مساحات الخلاف معهم، وبينهم، لأن التقارب معهم ينعكس إيجابيا على المصالح الأمريكية بالمنطقة.

محمد المنشاوي كاتب صحفي متخصص في الشئون الأمريكية، يكتب من واشنطن - للتواصل مع الكاتب: mensh70@gmail.com
التعليقات