هذا الزمان زمـانـك - مصطفى النجار - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 8:16 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هذا الزمان زمـانـك

نشر فى : الجمعة 6 ديسمبر 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الجمعة 6 ديسمبر 2013 - 8:20 ص

سيصنعون لك العقدة ويقولون عليك أنت فكها رغم أنهم من صنعوها، ستعلو أصواتهم تنشر الزور وتزيف الحقائق وتغتال المبادئ وتتبنى التبرير لكنك سترفض أن تغرد مع هؤلاء المدعين والمتبرئين من مبادئهم، ستتذكر كثيرا كيف كانوا يزايدون عليك يوما بخطاب زاعق يرفعون فيه سقف الثورية الى مرحلة الجنون ثم ها هم اليوم يركعون وينحنون ويسبحون بحمد الآلهة التى صنعوها بخوفهم.

مهما ارتفعت أصواتهم بالتخوين والتشويه فهم يخفون خلف ذلك احتقارهم لأنفسهم وجبنهم وخيانتهم للمبادئ التى تمسحوا بها قبل ذلك ومهما دارت الأيام فإن الناس ستقارن بين فعلهم اليوم وفعلهم بالأمس ليدركوا كم كانوا مدعين للشرف وهم أبعد الناس عنه.

دعك من تبريراتهم وحججهم التى لا تقنع طفلا صغيرا وانما يرددونها حتى يدافعوا عن انتكاستهم وتدنيهم وتلونهم وازدواجيتهم التى لا تخطئها عين، إنهم يحاولون نسيان ماضيهم بكل لحظاته بل يحاولون نسيان من كانوا معهم حينها ويتمنون هلاكهم لأن وجودهم يذكرهم بأنفسهم كيف كانوا ولا يجدون حينها مبررا لما يفعلونه بأنفسهم من تدنٍ وسقوط.

يعتقدون أنهم بما يفعلون سيحصلون على ثمن يكافئ سقوطهم ولكن الحقيقة أنه لا ثمن يعادل أن يخسر الانسان نفسه والتاريخ يقول إن السلطة التى تستخدم بعضهم كنعال لها لا تلبث أن تخلع هذه النعال وتلقى بها فى عرض الطريق لتتسول الاحترام من الناس مرة أخرى ولكنها لا تجد إلا الاحتقار والازدراء والاشمئزاز.

يقولون لك اقبل بعض الباطل وروج له لأن فى هذا فائدة للخير الذى سيأتى عن قريب والحقيقة أن الحق لا يقبل الخلط بالباطل ولا يلتقيان إلا ليتصارعا وحتى اذا لم ينتصر الحق فإنه لا يغسل عن الباطل درنه ووسخه وقذارته بل يظل الباطل باطلا فى عيون الناس ما لم يخن الحق من حملوا رايته يوما!

•••

فارق كبير بين المساكين الذين لا يدركون ما يحاك لهم وبين الذين يعرفون حقيقة واقعهم ولكنهم يكذبون على الناس وعلى أنفسهم!

تشفق كثيرا على من ارتضوا واختاروا لأنفسهم مكانا مميزا وسط القطيع وألغوا عقولهم ولم يكتفوا بتعاطى الغباء والاستغباء بل تلبستهم حالة الانكار وأصابهم سعار حاد ضد كل من يحاولون إفاقتهم ومن يقولون لهم انتبهوا أنتم تخلعون ملابسكم قطعة قطعة وستنكشف عوراتكم فاستروا أنفسكم ببعض التعقل وبعض الضمير لكنهم يسخرون منهم ويشككون فى نواياهم ويمضون فى غيهم يعمهون.

لا تتذكر صفحات التاريخ من يخونون المبادئ والأفكار بل تتذكر الثابتين على المبادئ الذين يدفعون ثمن ثباتهم دون أن تهتز قلوبهم أو يعرف الخوف طريقا إلى نفوسهم مهما علا الموج واشتدت العاصفة ثق أنها ستمر وسيشرق الصباح على نفوس بالية ونفوس أخرى متقدة لم تطفئ الرياح شعلة عزمها ولم تكسر ارادتها.

فى أقصى لحظات النشوة واعتقادهم أن الأرض قد دانت لهم، تهتز الأرض وتتزلزل وتخرج من بطنها نارا للغضب الذى يختلف عن الغضب الذى سبقه لأنه غضب لا يسامح ولا يعرف سذاجة الأبرياء ولا رومانسية المتفائلين بل هو غضب حارق لا يقف شىء فى طريقه بل يفتح الطريق ويزيح كل ما أمامه بلا رأفة ولا شفقة.

لا يصدق الواهمون أن الزمان يدور والأيام تتبدل ودوام الحال من المحال ولا يدركون الحقيقة إلا حين تحيط بهم النوائب ويتبدل بهم الزمان.

•••

هذا الزمان زمانك والتاريخ ينتظرك لتكون واحدا من هؤلاء الشجعان أصحاب المبادئ الذين لا يتلونون ولا يساومون ولا يُشترون ولا يبيعون أعز ما لديهم وهو الصدق بثمن بخس.

سيستغربك من حولك وستشعر بالوحشة والنفور منهم لأنك تعتقد أنك وحدك ولكن الحقيقة أنك كثير جدا فوراءك كثيرون ينتظرون ما تقول وما بوصلتك ليحددوا أين الطريق.. تذكر دائما ماذا فعل الإمام أحمد فى فتنة خلق القرآن حين قال له الخليفة المستبد اكتب للناس إن القرآن مخلوق كما يقول الخليفة فقال الإمام: هو كلام الله. قال له: سأقتلك: قال هو كلام الله، فلما زاد عليه التعذيب والايذاء فى قبو سجنه بكى جلاده وقال له: يا إمام هى كلمة واحدة انطق بها تنجو من العذاب فقال له: أنجو بنفسى وأهلك غيرى؟ الموت أحب إلىّ من أن أكون سببا فى ظلم الناس لأنفسهم اذا دلست عليهم الحق وقلت ما يريده السلطان! وثبت الإمام احمد وتعاقب عليه ثلاثة خلفاء عباسيين حتى توقفت السلطة عن غيها وعاد الحق إليه.

غربة الحق لا تعنى صحة الباطل، وعكر الماء بعض الوقت لا يعنى عكر النهر كله، ما تراه اليوم انتصارا للزيف والزور هو هزيمة آتية واستدراج لن يطول به الزمان، فى زمن الالتباس عد إلى فطرتك وتحسس ضميرك وانظر أين تقف ولا تعتقد أن سكوتك يرحمك من وجع الضمير بعد ذلك، هذا ليس زمن السكوت والانزواء بل زمن الجهر بالحق ان كنت من الشرفاء.

استجمع قواك واستأنس بمن يسلكون نفس طريقك وتراصوا صفا واحدا مهما كنتم فى البداية قليلون، ارفعوا راية المبادئ التى لا تنكسر ولا تتبدل وثقوا أن هناك أجيالا ستأتى من بعدكم سترفع ذكركم وتعرف قدركم وتثمن فضلكم وتعظم ثباتكم.

والحق حق مهما دار الزمان.

مصطفى النجار عضو مجلس الشعب السابق
التعليقات