الأولوية المصرية فى دعم الجيوش الوطنية - هدى رءوف - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 7:11 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأولوية المصرية فى دعم الجيوش الوطنية

نشر فى : الثلاثاء 6 ديسمبر 2016 - 10:00 م | آخر تحديث : الثلاثاء 6 ديسمبر 2016 - 10:00 م

فى معرض حديثه عن قضية الإرهاب بالتليفزيون البرتغالى خلال زيارته لدولة البرتغال، صرح رئيس الجمهورية بضرورة دعم الجيوش الوطنية، قائلا«الأولوية لنا أن ندعم الجيش الوطنى، على سبيل المثال فى ليبيا، لفرض السيطرة على الأراضى الليبية والتعامل مع العناصر المتطرفة وإحداث الاستقرار المطلوب، ونفس الكلام فى سوريا، ندعم الجيش السورى وأيضا العراق».


وهو التصريح الذى اتخذ تفسيرات عديدة كل حسب موقفه، خاصة مع التركيز على اعتباره إعلان مصر بدعم الجيش السورى ومن ثم بشار الأسد، وتوظيفه لتأكيد التناقض مع الموقف السعودى أو الأطراف العربية تجاه سوريا.
وقد وجب منذ البداية الإشارة إلى أنه يترتب على الفهم الموضوعى لعبارة دعم الجيوش الوطنية وما تقصده، بأن الهدف هو دعم الجيش الوطنى كونه أحد مؤسسات الدولة ومن ثم دعم الدولة الوطنية فى مواجهة ما ينشط على أرضها من تنظيمات وميليشيات مسلحة، تمثل تهديدات ممتدة ومتداخلة تحاول تفكيك الدولة القومية وتقويض مؤسساتها.


وسيحاول المقال فهم مسببات وأهمية دعم الجيوش الوطنية بحسب التعبير، وذلك لفهم السياسة الخارجية لمصر منذ ثورة 30 يونيو. وينقسم المقال إلى، أولا: سمات السياسة الخارجية المصرية والعوامل المؤثرة بها، وثانيا، موقف مصر تجاه بعض الصراعات الاقليمية.


أولا: سمات السياسة الخارجية المصرية منذ يونيو 2013:


انطلاقا من أن السياسة الخارجية نتاج تأثير وتفاعل عوامل البيئة الداخلية، سياسية واقتصادية وأمنية وعسكرية، وذلك دون إغفال تأثير السياقات الاقليمية والدولية، لذا يمكن تفسير محددات سياسة مصر الخارجية عبر توصيف المشهد الداخلى، والذى شهد ما يلى:


1ـ قيام ثورة 30 يونيو للتصدى لمحاولات تفكيك الدولة الوطنية عبر اسقاط حكم جماعة الاخوان المسلمين.


2ـ استجابة القوات المسلحة لدعوات المواطنين والقوى السياسية بالتدخل لحماية الحشود التى خرجت لإسقاط الجماعة، وللحيلولة دون وقوع حرب أهلية.


3ــاضطراب الوضع الاقتصادى لمصر منذ ثورة يناير 2011.


4ــسقوط حكم الإخوان المسلمين، والذى ترتب عليه تصاعد موجات الإرهاب التى يعانيها الداخل، بجانب تهديدات الجماعات الجهادية على الحدود مع ليبيا أو فى سيناء.


لذا فثمة تأثير لمحصلة ما سبق، وما تشهده معظم دول الإقليم من تحديات والبعض الآخر تهديدات، على صياغة توجه وإدراك السياسة الخارجية لمصر التى ارتكزت على:


1ــالبعد الاقتصادى: حيث هدفت زيارات الرئيس والعلاقات الخارجية لتحقيق مستويات من التعاون الاقتصادى مع تلك الأطراف.


2ــتصدر قضية الإرهاب والتنظيمات المسلحة والجهادية، وخاصة فى شبه جزيرة سيناء. لذا كان هناك حرص مصر على التواجد الدبلوماسى فى المحافل الدولية المعنية بالإرهاب، كرئاسة مصر لجنة مكافحة الارهاب فى مجلس الأمن، واستضافتها مركز مكافحة إرهاب لدول تجمع الساحل والصحراء.


3ــدعم الدولة الوطنية فى مواجهة تهديدات تفكك الدولة القومية، على خلفية تفجير الصراعات فى المنطقة على أسس دينية وطائفية ومناطقية، وفى المقابل مساندة مؤسسات الدولة الرسمية.


4ــرفض أى شكل للتدخل العسكرى فى صراعات الإقليم.


من البديهى أن خلقت تلك المرتكزات نقاط تماس بين السلوك المصرى وبين بعض الأطراف الدولية والإقليمية تجاه قضايا معينة وتباعدها فى قضايا أخرى، وذلك انطلاقا من رؤية مصر ومواءمتها بين المصلحة الوطنية، والعواقب الوخيمة على الأمن المصرى والعربى خاصة فى ظل تحول العديد من دول المنطقة لحواضن الجماعات الجهادية.


ثانيا: سلوك مصر تجاه بعض القضايا الاقليمية:


1ــسوريا:


أكدت مصر بصفة مستمرة ثوابتها تجاه الأزمة السورية المتمثلة فى رفض أى شكل للتدخل الأجنبى لاسيما العسكرى، ودعم التسوية السياسية للأزمة بما يحفظ وحدة وسلامة الأراضى السورية، لذا أعلنت من قبل على لسان وزير الخارجية رفضها إرسال قوات برية لسوريا، واحترام إرادة الشعب السورى فى أن يقرر مصيره ومصير الأسد، ونزع أسلحة الميليشيات المتطرفة. ومن المعروف أن هناك دورا مصريا فى جانب تسهيل دخول المساعدات الإنسانية للمحافظات السورية من خلال السفارة المصرية بسوريا. ومن الجدير بالذكر أن الموقف المصرى الرافض للحلول الأمنية فى التعامل مع الأزمة السورية ثابت منذ إدارة المجلس العسكرى لشئون البلاد فى 2011، ثم حدث تحول فى الموقف أثناء حكم الاخوان المسلمين التى اقتربت فى البداية من إيران باعتبارها جزءا من حل القضية، ثم أعلنت قطع العلاقات مع سوريا ومطالبة مجلس الأمن بفرض منطقة حظر جوى، ودعا شيوخ ودعاة التيار الإسلامى إلى الجهاد فى سوريا فى المؤتمر الشهير. ومنذ ثورة يونيو حرصت مصر على استمرار علاقتها بمؤسسات الدولة السورية من جهة وكذا أطراف المعارضة من جهة أخرى، ومن ذلك استضافت اجتماعات للمعارضة السورية فى يناير 2015، شملت أعضاء من الائتلاف الوطنى لقوى الثورة والمعارضة، وحزب الاتحاد الديمقراطى الكردى، وتيار بناء الدولة السورى.


2ــليبيا:
رفضت مصر منذ البداية التدخل العسكرى فى ليبيا لدعم المظاهرات المناهضة للقذافى. ويقوم الموقف المصرى تجاه ليبيا بالأساس على دعم الجيش والحكومة الليبية فى طبرق، لاسيما فى ظل انتشار ميليشيات مسلحة على أسس قبلية وعرقية ومناطقية، وتتشارك مصر هذا التوجه مع دولة الإمارات العربية المتحدة. وقد سبق أن أعلن الرئيس السيسى فى لقائه برؤساء تحرير الصحف الحكومية فى أغسطس 2016 دعم مصر للدولة والجيش الليبى الذى تقدم له التدريب. ويتجلى ذلك فى قيادة مصر اللجنة السياسية المنبثقة عن اجتماع دول الجوار الليبى والتى من شأنها التأثير فى التفاعلات السياسية فى الداخل الليبى لمساندة الدولة وصياغة التحالفات لبناء مؤسسات أمنية وطنية من خلال التواصل مع أطراف ليبية أخرى كشيوخ وعواقل القبائل الليبية.


يتضح مما سبق أنه فى كل الأحوال ثمة اتساق بين توجه السياسة الخارجية لمصر، وسلوكها الفعلى إزاء بعض قضايا الإقليم بما يتلاءم مع حسابات الأمن القومى للدولة التى تشكلت فى إطار معطيات البيئة الداخلية والخارجية، وإن كان هناك فرص تطرحها القضايا الاقليمية تحتاج إلى مزيد من انخراط مصر النشط فيها لتحقيق مصالحها الاستراتيجية.

هدى رءوف باحثة متخصصة في الأمن الإقليمي
التعليقات