فى قضية النمر.. مَنْ يلعب بالطائفية؟ - نادر بكار - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 6:37 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فى قضية النمر.. مَنْ يلعب بالطائفية؟

نشر فى : الخميس 7 يناير 2016 - 10:40 م | آخر تحديث : الخميس 7 يناير 2016 - 10:40 م
طهران التى تزعم انحيازا للمنهج الإسلامى ضربت بقواعد هذا المنهج عرض الحائط حينما سمحت بأحداث الاعتداء الهمجى على البعثة الدبلوماسية السعودية فى اعقاب إعدام الداعية الشيعى السعودى (نمر النمر) وآخرين.

الدولة المستضيفة لسفراء ومندوبى نظرائها إما أن تضمن لهم أعلى درجات الحماية أو تدعوهم صراحة إلى مغادرة أراضيها.. هكذا قررت الشريعة فى التعامل ليس فقط مع أعتى الأعداء فضلا عن غيرهم بل وحتى فى حالات الحرب، وهكذا تابعتها المواثيق والأعراف الدولية؛ لكن حكم الملالى لا يكترث لهذه ولا يقيم وزنا لتلك.
ليست السابقة الأولى فى سجل ملالى طهران الذين استهلوا ولايتهم باحتجاز موظفى السفارة الأمريكية واعتبر مؤيدوهم ذلك نصرا مبينا.. أعلم أن واشنطن كانت تدير تدخلها فى إيران من مبانى سفارتها؛ لكن ذلك لا يبرر مطلقا قبول منطق العصابات الإجرامية كقاعدة للتعامل بين الدول.
قضية إعدام (نمر النمر) إنما أخذت بعدها الطائفى من رد الفعل الإيرانى الغوغائى لا من الفعل نفسه؛ فبغض النظر عن حيثيات الأحكام الصادرة وما اعتمدت عليه من أدلة يصعب على المحللين التأكد من قوتها فإن الرياض حينما قضت بإعدام أربعين مواطنا سعوديا وثلة من جنسيات أخرى إنما مارست حقها السيادى ضد من انتهك قوانينها على أرضها.
اللعب بورقة الطائفية ابتكار إيرانى أصيل لإضفاء صبغة دينية على مشروع سياسى لإمبراطورية فارسية كبيرة تستخدم فيه المظلومية كوسيلة لجذب المتعاطفين والتلاعب بمشاعر البسطاء كخط دفاع أول.. من أول حزب الله الشيعى فى لبنان إلى كارثة سوريا مرورا بكل مآسى العراق واليمن والتدخل فى البحرين والكويت.
خلط الأوراق بين ما هو مطلب مشروع لمواطنى بعض الدول الإسلامية وبين استغلال ذلك لتقويض أركان تلك الدول وبسط الهيمنة عليها لا تختلف فيه إيران عمن تسميهم هى بدول الاستكبار ويسميهم غيرها بدول الاستعمار.
كم أعدمت طهران من المعارضين سواء كانوا سنة أم شيعة على مدى العقود الأربعة الماضية؟ كم أعدمت من علماء الدين السنة فى الشوارع على رءوس الأشهاد؟ بل كم أعدمت داخل العراق منذ بدء الاحتلال الأمريكى وحتى الآن؟ هل عوملت وقتها بعثاتها الدبلوماسية بنفس المنطق الهمجي؟ هل تصاعدت صيحات التهديد والوعيد فى وجهها كما تصعد هى الآن من لهجتها؟ وبالمناسبة سؤالى للاستفهام فقط وليس لرفض المبدأ.. وإنما أوجهه لمن سيسود الصفحات ويملأ شاشات الفضائيات صراخا عن طائفية يبغضها كل عاقل بالتأكيد.. لكن نفس العاقل لا يخدع بها حتى يسرق منه وطنه وتهدم دولته على رأسه.
محاولات إيران لاستفزاز الغريم السعودى ومن فى صفه متكررة بشكل دورى تقريبا، لكنها إنما أخذت فى التصاعد أخيرا بشكل أكثر رعونة بعد إنجاز الاتفاق المحورى بين طهران والغرب.. ولا أعتقد أنها بذلك تستعجل مواجهة شاملة قدر ما تراهن على استنزاف قدرات غرمائها على المدى البعيد.
فى هذه اللحظة الدقيقة البعض يسعه حجز مقعد مع المتفرجين ليراقب عن كثب سير المباراة انتظارا للفائز.. والبعض لا يملك هذه الرفاهية ولليس بمقدوره إلا الانحياز إلى فريق من الاثنين.. ولهذا حديث آخر.