القناص.. الأمريكى - كمال رمزي - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 3:56 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

القناص.. الأمريكى

نشر فى : السبت 7 فبراير 2015 - 8:25 ص | آخر تحديث : السبت 7 فبراير 2015 - 8:25 ص

بدلا من الموسيقى المصاحبة دائما، لعلامة شركة «وارنر برازر»، وضع صناع هذا الفيلم صوت الأذان، يأتى مثيرا للدهشة والانتباه.. وقبل ظهور أى صورة، نسمع صوت جنازير دبابة، تعلو وتطغى على صوت الأذان.. المعنى الإيحائى لا يحتاج لتوضيح. وفى اللقطة الافتتاحية تتقدم الدبابة، فوق ركام حجارة متخلفة من بيوت مدمرة، فى أحد شوارع مدينة أشباح عراقية، يبدو كأنها بلا بشر.

فى اللقطة الثانية، فوق أحد الأسطح يتمدد القناص الأمريكى، كريس كايل «برادلى كوبر»، مراقبا، خلال تليسكوب بندقيته، اقتحام عساكر المارينز لأبواب بقايا البيوت، بحثا عن المقاتلين العراقيين. بجانبه، زميل له، يقول «رائحة الغبار هنا محملة برائحة الغائط».. هكذا، يخاطب الفيلم الأذن والأنف.

بعد عرض الحال المختزل، يأتى أول مواقفه: سيدة تخرج من أحد البيوت مع صبى صغير، ابنها فيما يبدو، يراقبها القناص، الذكى، اللماح، الذى ينبه زميله إلى أنها تحمل شيئا فى عباءتها، لأنها لا تحرك ذراعيها، فورا يصدق توقعه، تخرج من طيات ملابسها قنبلة يدوية «سوفيتيية الصنع». تعطيها للصبى الذى يندفع نحو دبابة. القناص بطلقة واحدة، يرديه قتيلا.. الأم، ذات القلب المتحجر، الملىء بالكراهية ــ حسب رؤية الفيلم ــ تترك الصبى. تلتقط القنبلة من الأرض، تعدو نحو الدبابة، بغباء، لتسقط صريعة برصاصة القناص.

عن طريق العودة للماضى أو «الفلاش باكات» يقدم الفيلم تاريخ بطله من ناحية، وأسباب الحرب من ناحية ثانية.

اختار الفيلم لحظة نموذجية لأول «فلاش باك»، فقبل أن يضغط القناص على زناد بندقية، كى يقتل الصبى، يتذكر طفولته، أيام كان والده يدربه على الرماية، طالبا منه حماية شقيقه الأصغر، ويلقنه درسا فى طبيعة البشر التى تنقسم إلى ثلاثة أقسام: الذئاب المفترسة، والأغنام، وكلاب الحراسة، المدافعة عن الأغنام.. ولا يفوت الأب، أن يأمر ابنه، بصرامة، أن يكون من النوع الثالث.. وهذا ما سيلتزم به الصبى.

لاحقا، عن طريق «فلاشات»، تطالعنا، عبر شاشة تلفاز، فى بيت القناص، تفجيرات السفارات الأمريكية، فى أفريقيا.. ثم تدمير البرجين، فى «١١ سبتمبر ٢٠٠١»، وبينما زوجته تجهش بالكباء، يقرر القناص أن يصبح بالنسبة لأمريكا، وناسها الطيبين، مثل «كلب الحراسة» يدافع عنهم بالانخراط فى جيشها، الذى سيحارب الشر، فى بلاد بعيدة.

يتحاشى الفيلم، المأخوذ عن مذكرات كتبها الجندى كريس كيلى، أى ذكر للأسباب الحقيقية للغزو، ويتحاشى ذكر أسماء وأدوار الرئيس المولع بالانتقام، بوش الصغير، ووزير دفاعه الدموى، رامسفيلد، ووزير الخارجية الكذاب، كولن باول.. كل ما فى الأمر أن الحرب اندلعت بهدف إيقاف نشاطات قوى الشر التى فجرت سفارات أمريكية ودمرت البرجين.

برادلى كوبر، يؤدى دور القناص، وإذا كان البعض أعجب بأدائه، إلى درجة ترشيحه لجائزة الأوسكار، فإن كوبر، بالمعايير النقدية الجادة، لم يقدم ما يستحق الإشادة، فالشخصية التي يجسدها أصلا، تتسم بالبرود، انفعالاتها تقترب من البلادة، يمارس القتل دون أن يرمش له جفن. يطلق رصاصاته على أناس كأنه يصطاد طيورا أو حيوانات، هو وريث الكاوبوى، يذكرنا بجون واين، وسيلفر ستالونى، حين كان أولهما محاربا فى كوريا ثم فيتنام، وثانيهما مقاتلا فى أفغانستان.

القناص، سياسيا، حسب رؤية الفيلم، ليس مع قوات تغزو دولة وتحارب شعبا، ولكنه يحمى جنودا يقومون بعمل نبيل، ضد بعض الأشرار.. أولهم «الجزار» ذلك العراقى السفاح، الذى يتخذ من مطعم مهجور مكمنا له، ينكل فيه بضحاياه، ويمزقهم إربا.. وحين يقتحم القناص المكان، يتعمد المخرج، كلينت استوود، استعارة مشاهد من أفلام الإرعاب التجارية، فترصد الكاميرا رؤوسا بشرية، وأطراف أجساد، موضوعة على أرفف، ومستنقعات دم على الأرض.

بعد القضاء على «الجزار»، يأتى دور «مصطفى» وهو قناص عراقى محنك، يصطاد العديد من الجنود الأبرياء.. وتتوالى المطاردات، ويكاد الفيلم المترهل أن يصبح مملا، سقيما، قبل انتصار القناص الأمريكى، الأسطورة، الفخور بقتل «١٦٠» شريرا.

«القناص الأمريكى» بالنسبة لنا، مضلل سياسيا، عنصرى النزعة، لا يرى فى العراقيين إلا خونة، لا يؤمن جانبهم، تسببوا فى إصابة الجنود الأمريكيين الطيبين، جسمانيا ونفسيا، لدرجة أن أحدهم، قتل القناص لأسباب غامضة.. إنه فيلم شديد التجنى، ضعيف فنيا.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات