أزمة مياه النيل.. «الحكاية مش حكاية السد» - خالد أبو بكر - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 10:55 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أزمة مياه النيل.. «الحكاية مش حكاية السد»

نشر فى : الأحد 7 فبراير 2016 - 10:35 م | آخر تحديث : الإثنين 8 فبراير 2016 - 10:32 ص

(1)

رغم المخاطر التى يمثلها بناء سد النهضة الإثيوبى العملاق، على حصة مصر من مياه النيل البالغة 55.5 مليار متر مكعب، فإن المتابع لهذا الملف سيلحظ أن الخطر علينا أكبر من موضوع السد؛ ذلك أن هناك تعنتا من دول المنابع ضدنا، وقناعة راسخة لدى شعوبها وحكامها بأن مصر «تحصل على مياه النهر دون أن تقدم لهم شيئا»، وهذا يفسر إصرار هذه الدول على توقيع «اتفاق عنتيبى» سنة 2010، الذى لا يعترف بحصتنا التاريخية من مياه النهر المقررة بموجب اتفاقية 1929، ولا يعترف أيضا بحق مصر فى «إخطارها مسبقا» قبل شروع أى من دول الحوض فى بناء سدود على مجرى النهر، ويفسر كذلك الإصرار الإثيوبى على بناء سد النهضة بمواصفاته الحالية.

(2)

هذا الشعور العام فى دول المنابع ضد مصر يرصده وزير الخارجية الأسبق، السيد أحمد أبو الغيط فى كتابه المهم «شهادتى» ــ الذى قدم فيه شهادة صادقة ومجردة على السنوات السبع الأخيرة فى عصر مبارك ــ إذ يصف فيه جولاته الأفريقية بعد توليه وزارة الخارجية سنة 2004، فيقول: «عقدت مؤتمرات صحفية، ومقابلات مع أفراد من الإعلام والصحفيين بكينيا ووجدت عدوانية عميقة لديهم: أنتم تأخذون مياهنا.. أنتم تتمتعون بهذه المياه ولا تقدمون لنا شيئا.. نحتاج للتنمية.. نحتاج للكهرباء والطاقة».

ويضيف: «حاولت شرح الأمور وأننا لا نسلبهم شيئا إذ إن الأمطار تهطل ويمكنهم الاستفادة بكل ما يرغبون فيه.. وسوف يبقى الكثير للجميع.. وأكدت أننا جميعا لا نستفيد إلا بـ4 أو 5% من الأمطار التى تسقط.. وأن مصر لا تحصل إلا على 55. 5 مليار متر من أصل 1600 مليار متر مكعب من الأمطار التى تسقط على حوض النهر.. وأنه يمكننا جميعا أن نعمل على زيادة الحصيلة والاستفادة بها.. إلا أن حديثى لم يلق آذانا». وفى زيارته لأوغندا يتحدث وزير الخارجية الأسبق عن العدوانية الواضحة لأسئلة الصحفيين على غرار ما سمعه فى كينيا «أنتم تأخذون المياه ولا تقدمون شيئا».

(3)

هذه العدوانية كما وصفها أبوالغيط ليست مقصورة على الصحفيين بل إنها راسخة لدى حكامهم، فيروى نقلا عن الرئيس الأوغندى يورى موسيفينى تأكيداته المتكررة بأنه «ينبغى أن تعرفوا فى مصر أن حصتكم من مياه النيل ستنخفض فى ضوء احتياجات دول النهر للتنمية»، ويرد عليه أبو الغيط بأن علينا الاستفادة من موارد النهر ومنع الفواقد»، فيعيد الرئيس الأوغندى حديثه بشأن خطورة التصدى للمستنقعات فى جنوب السودان، لأنه يرى أن استقطاب الفواقد منها سيؤدى إلى تقليل نسبة البخر، وبالتالى تقليل نسبة الأمطار التى تسقط على أوغندا، وتاليا يعترض موسيفينى على حفر قناة «جونجلى» التى تراهن مصر عليها لزيادة حصتها من المياه باستفادتها من هذه الفواقد.

كل ذلك ولم نتحدث عن إثيوبيا التى هى رأس الحربة فى الهجوم على مصر ومحاولة سلبها حقوقها التاريخية من المياه، وهنا يكفى أن نشير للتأكيدات المتلاحقة للقادة الإثيوبيين على أن اتفاقية 1929 تعطى مصر والسودان وحدهما الحق فى الاستفادة من مياه النيل، وأنه آن لهذه الاتفاقية أن تنسف بعد توقيع اتفاق عنتيبى. ويمكنك أن تضيف إلى ذلك ما قاله رئيس الوزراء الإثيوبى الراحل ملس زيناوى لوزير الخارجية الأسبق بأن «الشعب الإثيوبى يعتقد خطأ أن مياه النهر هى ملكية خاصة به، ويحق له الحصول على نصيب الأسد منها».

(4)

فى النهاية.. نشدد على أنه يتعين علينا ونحن نخوض معركة دبلوماسية شرسة للحيلولة دون بناء السد الإثيوبى بمواصفاته الحالية المضرة بحصتنا من المياه، أن ننتبه لخطورة ترسخ هذه الصورة السلبية عن مصر لدى شعوب وحكام دول المنابع.. أما عن فرص تعديل هذه الصورة فله حديث لاحق بإذن الله.


kaboubakr@shorouknews.com

التعليقات