الإنسان فى القرآن (6- ب) تابع تصوير الهيكل البشرى - جمال قطب - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 3:54 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإنسان فى القرآن (6- ب) تابع تصوير الهيكل البشرى

نشر فى : الجمعة 7 يونيو 2013 - 9:25 ص | آخر تحديث : الجمعة 7 يونيو 2013 - 2:32 م

(1)

ما زالت كلمات القرآن الكريم ترسم «هيكل الجسم البشرى» مفصلا تفصيلا دقيقا، فبعد أن أشار القرآن الكريم إلى «يد الإنسان» فى آية الوضوء «فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ» ها هو النص القرآنى يفصل فى تكوين اليد فيذكر العضد «قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ» ويذكر «الكف» بقوله تعالى: «وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ» ويزيد الكف تفصيلا فيذكر الأصابع بقوله: «جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِى آَذَانِهِمْ» كما يذكر رءوس الأصابع بقوله: «عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ»، وكما يذكر البنان «بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ».

 

(2)

وإذا كانت آية الوضوء قد ذكرت الوجه مجملا«فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ»، وآية القصاص قد ذكرت «السن/العين/الأنف/الأذن» فإن القرآن لا يهمل ذكر أعضاء أخرى فى وجه الإنسان فها هو «الخد» إذ يقول القرآن «وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ..»، كما يذكر «الذقن» فيقول «يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدا»، ويذكر أيضا ما ينبت على الذقن من شعر وهو «اللحية» فعلى لسان هارون أخو موسى عليهما السلام يقول القرآن: «قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِى وَلَا بِرَأْسِى»،

 

وما زال الوجه يأخذ مساحة فى القرآن بما يذكر من قول الله تعالى: «فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ»، واللسان والشفتان «وَلِسَانا وَشَفَتَيْنِ»، وكما يذكر الوجه يذكر جهته الأخرى«مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوها فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا» ومع ذكر الرأس والرءوس يُظهر القرآن «مقدمة الرأس» واسمها الناصية إذ يقول: «لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ» ويشير مرة أخرى إليها حينما يذكر شمول العذاب لجميع جسم الإنسان العاصى فيقول: «يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِى وَالْأَقْدَامِ».

 

(3)

وتابع القرآن تخليد هيكل الجسم الإنسانى فيذكر الترقوة «كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ»، ويذكر الحلقوم «فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ»، ويذكر الحنجرة «وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ»أما مقومات الجسم الإنسانى ومكوناته الرئيسة فأبرزها العظم، واللحم، والجلد، والدم، كما أن أبرزأجزاء العظم الصلب (العمود الفقرى) والترائب.

 

والقرآن الكريم لا يهمل ولا يُجمل هذه الأعضاء بل يذكر كل منها فى كلماته، فما أعظم كرامة الإنسان حين تذكر بعض أجزاء جسمه بين كلمات القرآن، فاقرأ معى قوله تعالى: «فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْما»، وقوله تعالى: «قَالَ مَنْ يُحْيِى الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ» وغير ذلك فيما يقرب من عشرة مواضع.

 

كما أن «لحم الإنسان» باعتباره الكيان الظاهر للإنسان، فالقرآن يشير إليه تذكيرا وتحذيرا من عدم المساس به وتبشيعا لمن يحاول مجرد «اغتياب الإنسان»، فإذا فعل فكأنه قتل الإنسان وقطع لحمه وبدأ يأكل فيه حيث يقول: «أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتا فَكَرِهْتُمُوهُ».

 

وهذا «السائل العجيب» القائم بسر حياة الإنسان، وهو سائل «الدم» فهذا القرآن يذكر «دم الإنسان» وينهى عن العدوان عليها بقوله: «وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ».

 

أما «جلد الإنسان» ذلك الغطاء الخارجى للهيكل الإنسانى، فالقرآن يذكره ويبين مدى تأثره فيقول «ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ»، كما أن هذا الجلد الذى لا يستطيع صاحبه أن يتخلى عنه ولا يفارقه، هذا الجلد سيشهد يوم القيامة على جميع ما فعل الإنسان، حتى يتهيأ لك أن «جلد الإنسان» يشبه «الصندوق الأسود» فى الطائرة أى ذلك السجل الواعى الدقيق لأفعال وأقوال الإنسان، إذ يقول تعالى: «وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ»، كما يقول: «حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِى أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ»، ويضم القرآن ذكر «الصلب» ــ العمود الفقرى ــ للجسم فيقول: «فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ».

 

وإذا تتبعت ما ورد فى القرآن من مقومات جسم الإنسان ومقوماته لزادت دهشتك لهذا التكريم الإلهى للإنسان، وهذا الإهمال الإنسانى لذاته، ونكرانه لحقوق خالقه سبحانه وتعالى ها هو القرآن يذكر عضو التناسل عند الإنسان، فيقول: «وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ»،

 

ويشير القرآن إلى «أوردة الإنسان» «وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ»، وإذا كان القرآن قد ذكر العين وبين أن وظيفتها هى الإبصار فإنه لا يهمل القران ذكر «جفن العين» بقوله: «أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ» ودراسة القرآن والبحث فيه عن الإنسان وجنسه ووظائفه إلخ بحيث لا تكفيه المقالات إنما هى الإشارة تغنى عن عبارة.

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات