ما بعد الاستفتاء.. أوروبا أمام خيارات صعبة - نادر بكار - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 7:39 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ما بعد الاستفتاء.. أوروبا أمام خيارات صعبة

نشر فى : الثلاثاء 7 يوليه 2015 - 11:10 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 7 يوليه 2015 - 11:10 ص

جوليا كلوكنر، نائبة ألمانية مقربة من المستشارة أنجيلا ميركل، قالت فى بيان لها عقب ظهور النتائج الأولية لاستفتاء أثينا، إنه يجب «على تسيبراس ألا يتصور أن بإمكانه الضغط على أوروبا بهذه النتيجة فى الاستفتاء».. جملة على اختصارها توضح أبعاد المأزق الأوروبى.. نعم بإمكانه ليس فقط الضغط على أوروبا بل وابتزازها أيضا!

النتائج الرسمية أشارت إلى أن أكثر من 62 فى المائة من الناخبين اليونانيين الذين شاركوا فى الاستفتاء، قد رفضوا خطة الإنقاذ الأوروبية، استفتاء شعبى دعت إليه الحكومة اليونانية بعد خمسة أشهر من المباحثات غير المثمرة مع منطقة اليورو، بشأن ديون أثينا المتراكمة من ناحية وحاجتها إلى برنامج مساعدات جديد من ناحية أخرى. الحكومة اليونانية التى شكلها نهاية يناير الماضى حزب «سيريزا» اليسارى الراديكالى، بزعامة «ألكسيس تسيبراس»، كانت ترفض بشدة اقتراحات الدائنين باستمرار تبنى سياسات اقتصادية تقشفية صارمة فى مقابل تمرير برنامج المساعدات. الجدير بالذكر، أن موقف «تسيبراس» المتشدد هذا كان عاملا أساسيا فى فوزه بالانتخابات قبل خمسة أشهر. المواطن اليونانى كان قد استُهلك فعليا منذ العام ٢٠١٠ فى حلقة مفرغة من التقشف الاقتصادى القاسى. ولم يستوعب القادة الأوروبيون هذه الحقيقة حتى صدمتهم نتيجة الاستفتاء!

حكومة اليسارى «ألكسيس تسيبراس»، استطاعت ببراعة ــ حتى اللحظة ــ ليس فقط أن ترغم أباطرة الاقتصاد الأوروبى على مشاركتها الأزمة، بل ذهبت إلى ما هو أكثر من ذلك، إذ يبدو أنها عمليا صارت فى موقف تفاوضى أقوى نسبيا من كل دائنيها بالنظر إلى الاعتبارات السياسية الأخرى.

أولى الاعتبارات السياسية التى تجعل أوروبا بقيادة برلين أمام خيارات صعبة، هو الاحتمال الكبير لدخول روسيا الغريم اللدود على الخط، موسكو، وعلى الرغم من معاناتها الاقتصادية الحالية لم تكن لتفوت فرصة كهذه، ستمد موسكو يد العون بكل وسيلة ممكنة لتتلقف البلد الأوروبى المأزوم، لتربح بذلك جولة هامة جدا فى صراعها الأوروبى وتكسر فى الوقت ذاته طوق العزلة المفروض عليها أوروبيا.

الأدهى من ذلك، أنه مهما كان الخيار الأوروبى الذى ستتزعمه برلين وشركاؤها، لن يكون بأى حال من الأحوال محدد التأثير بالأزمة اليونانية فحسب، بل سيتجاوزها إلى عدة بلدان أوروبية ليست بأفضل حال من أثينا بكثير. هذا بخلاف تأثيراته العالمية الأخرى بلا شك!

الرضوخ لدهاء «تسيبراس» المتحصن خلف استفتاء شعبى ديمقراطى، يعنى ببساطة فتح الباب على مصراعيه أمام كل دول أوروبا المتعثرة لتسلك المسلك نفسه، إذن ستتحمل برلين فى نهاية المطاف الفاتورة كاملة. والثمن وقتها سيكون فادحا، والتخلى عن اليونان سيعنى ما هو أكثر خطورة على أوروبا «الغربية» كلها، سياسيا وأمنيا واقتصاديا.

ما الدرس المستفاد؟ لا جديد.. هذا العالم لا يربح فيه الأغبياء... هذا العالم ليست له قواعد ثابتة.